الموقع قيد التحديث!

شخصية تاريخية: المرحوم الشيخ أبو حسن علم الدين ذياب

Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

من كبار مشايخ البياضة الزاهرة ومن مؤسسي المدرسة الأهلية الداوودية

شيخ من لبنان (1880-1967) أحد الأعلام البارزين بين مشايخ خلوات البيّاضة الزاهرة التي تُعدّ المركز الأوّل لتعليم الدين لدى الطائفة الدرزيّة عامّة، ومكانها بالقرب من قرية حاصبيا بالجنوب اللبناني.

كان شيخًا وقورًا مهابًا رزينًا وُصف بتقواه وشجاعته وكرمه. وقد شهدت له مواقفه مرّات عديدة بمحافظته ورباطة جأشه وكان المثل الأعلى يقول كلمة الحقّ وسداد الرأي.

وفي زمن الأتراك عندما أُجبرت الناس للخدمة العسكريّة يُقال إن القواد العثمانيين كانوا يكنّون له الاحترام، وقد أُرجع إلى وطنه مكرّمًا مع مرافقيْن اثنين أوصلاه بأمان. كان الشيخ موهوبًا عقلًا وفهمًا ومعرفة محبًّا للعلم وهم من مؤسّسي المدرسة الأهليّة الداووديّة، ومشجّعا للتعليم ببلده حاصبيا، مع حفظ دروس الدين، والعمل بآدابه والقيام بفروضه، فكلّ من جاء لخلوات البياضة في زمنه تبارك بلقائه ونال من كرمه وسخائه، ومع صحّة ديانته وطهارته، وكان صاحب مواهب وأفكار.

يُقال إنّ في زمن شبابه ذهب إلى بلدة عرمان وبنى مطحنة تدور على الهواء ثمّ رجع إلى بلدته حاصبيا واشتغل بمهن وصنائع مختلفة.

ولمّا كانت تدور محن وحروب سنة 1925 نزح أهل حاصبيا من بلدهم لمدّة حوالي سنة فوصل الشيخ أبو حسن علم الدين إلى قرية دالية الكرمل لبيت صديقه الشيخ أبو حسين علي نصر الدين ضيفًا مكرّمًا. وبعدها تجوّل حول القرية بمكان يُعرف بأم الشقف وهناك يوجد نبع ماء جارٍ على مكان مغمور بالوحول، فاقترح الشيخ على مضيفه بأن يُجمع ماء النبع ببئر نظيف كي يستفيد منه أهل البلد فأحضروا عددًا من أهالي القرية واشتغلوا حسب ما رسم لهم الشيخ، فجُمعت المياه ببئر نظيف وسيع ثمّ جُعل له سقف مع أبواب فضمن لأهل البلدة ماء نظيفًا للشرب. ثم عاد إلى بلدة حاصبيا بعد أن استتبّ الأمن هناك حيث حافظ على وقف البيّاضة وعمل بمساعدة شيوخها على إصلاح العمران، عاش من العمر سبعة وثمانين عامًا رحمه الله تعالى رحمة ممتدّة إلى يوم الدين. 

نورد فيما يلي قصّة عن المرحوم الشيخ من كتاب “الذّاكرة الدّرزيّة” الذي سيصدر قريبًا وهو مشروع لجمع وتدوين ونشر قصص من تراث وتاريخ أهل التوحيد من إعداد المرحوم الشيخ سميح ناطور:

أي مشكلة حلّ ذكاء الشيخ أبو حسن علم الدين ذياب؟

جاء في كتاب “مآثر وعبر من التراث والتاريخ” لغالب سليقة أنّ أحد العابرين أضاع محفظة نقوده في سوق حاصبيا الأسبوعيّ، فأخذ ينادي بين الناس أنّ مَنْ وجد محفظته له ليرة ذهبيّة مكافأة. بعد قليل تقدّم منه أحدهم قائلًا: “أهذا جزدانك يا أخي؟ مع العلم أني لم أفتحه ولم أعلم ما بداخله؟ تغيّرت نيّة صاحبه بعد استرجاعه وتظاهر بالأسى والحيرة وصرخ في وجه الرجل قائلًا: كان فيه ثلاث عشرة ليرة ذهبيّة والآن ليس به سوى اثنتا عشرة فأين الليرة الباقية؟ لا شكّ أنّك قد أخذتها فهذه حصّتك وهذا ما سمحتُ به. ذُهل الرجل واندهش وقال يا أخي لماذا هذه التّهمة فلو كنت أبغي سرقة ليرة واحدة لِما أعدتُ لك الجزدان بكامله. لم ترُقْ هذه العبارة لصاحب الجزدان فأخذ بالصراخ وهنا تدخّل أحد الحاضرين قائلًا للرجليْن: ليس لكما إلّا الاحتكام عند الشيوخ الثقات، فهنالك الشيخ أبو حسن علم الدين ذياب كبير شيوخ البياضة تديّنًا ومعرفة وتقوى، وكلمة الحقّ عنده كالسيف، وهو غير بعيد من هنا. قَبِل صاحب الجزدان فورًا لاعتقاده أن حيلته غير معروفة وربّما ستنطلي على الشيخ. أمّا الرجل الذي وجده فقال: “أمري لله وهو حسبي ونعم الوكيل”.

روى كلّ منهما قصّته والشيخ أُذن صاغية وعيْن شاخصة، وقد تفرّس بهما جيّدًا وبعد إمعان وتفكير مسح ذقنه وقال مخاطبًا صاحب الجزدان: “كم ليرة كان في جزدانك قبل أن تفقده؟

ثلاث عشرة ليرة يا شيخنا الجليل.

وكم ليرة وجدت بعد إعادته إليك؟

اثنتا عشرة ليرة لا غير.

تظاهر الشيخ بالابتسامة وهزّ رأسه قائلًا يا بني إذا صدق ما تقول فالجزدان ليس لك. لنتركه للذي وجده فلربّما يظهر صاحبه فيما بعد. ارتبك صاحب الجزدان وعلم أنّه وقع في مأزق حرج. فطأطأ رأسه وقال بكلّ خجل وذلّ: “يا شيخنا أطال الله بعمرك، الجزدان لي لكن قاتل الله الطمع والجشع. وأرجو الصفح منكم والمعذرة ممّن أعاده. v

المرجع: كتاب الدروز – شيوخ اعيان وإعلام في القرن العشرين – سميح ناطور

مقالات ذات صلة:

نساء صوفيّات

شهدَ التـَّأريخُ الإسلاميّ العَدِيد مِن النّسَاء اللّوَاتِي ارتـَقـَين مَدارج المعرفة الرّبَانيّة والنّفحاتِ الرّحمانيَّـة، بيد أنّ الخطـاب الدِّينِي القدِيم والمعَاصر كانَ