الموقع قيد التحديث!

الانتخابات.. نعمة أم نقمة في المجتمعات والبلدان ؟

بقلم د. جبر أبوركن
عسفيا
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

جمع الفيلسوف اليوناني أرسطو – قمّة الفلسفة والعلم في العصور القديمة – في كتابه السّياسة – Politics – جميع أنواع أنظمة الحُكم في البلدان وبين الشّعوب في زمنه. ورتّبها حسب الحسنات والسّيّئات لكلّ منها بالنّسبة للإنسان ومجتمعه وبلده. لم يضع الفيلسوف أرسطو نظام الحكم الدّيمقراطيّ في المكانة الأولى. وعندما سأله تلاميذه: لماذا لم تضع النّظام الدّيمقراطيّ في المرتبة الأولى كأحسن نظام حكم للبشر والبلدان؟ أجابهم: لهذا النظام حسنات وإيجابيات عديدة أكثر من أنظمة أخرى، دكتاتوريّة وفرديّة ودينيّة وطائفيّة وقوميّة وعنصريّة وملكيّة مطلقة وغيرها كثير.. ولكنّ له سلبيّات وأخطار على الإنسان والمجتمع والبلدان، منها إمكانية وصول أُناس أشرار ومجرمون وسفّاحون وعنصريّون إلى سدّة الحُكم ورأس الهرم النّظاميّ في الدّولة والمجتمع بواسطة انتخابات حرّة وديمقراطيّة، حسب عدد وكثرة الأصوات، وليس حسب الجودة والنّوعيّة والأخلاق للمرشّحين، وعندها ربّما يشكّلون خطرّا كبيرًا على مصير المجتمع، والشعب، والبلد، والدّولة. لأنّ ورقة الاقتراع – صوت النّاخب – تساوي بين الجاهل والعالم، وبين الفيلسوف والدّكتاتور، وبين المجرم والبريء، وبين العاقل والشّرّير، والمؤلِّف لقوانين الدّولة والأُمّيّ أو الرّاعي البسيط، والقاضي والسّجين، والملك وعامّة الشّعب، والمجنون وصحيح العقل، وكلّ ذلك غير عادل ويناقض المفهوم الصّحيح والجوهريّ للدّيمقراطيّة كنظام حُكم عادل للبشر. وعندها سأله التّلاميذ: يا حضرة الأستاذ والفيلسوف. إذن ما هو أفضل نظام حكم للبشر والدّولة حسب رأيك وحسب فلسفتك وتعاليمك؟ أجابهم: أفضل نظام حكم للإنسان والمجتمع والبلدان في هذا العالم هو النظام الملكيّ – الدّستوريّ المنتخَب وبجانبه جهاز العدل والمراقبة للنّظام. لأنّ طبيعة الإنسان والبشر بحاجة إلى رمز واحد، رئيس أو قائد أو ملك، عادل وعقلاني وصاحب قيم وسلوك حسن في قمّة الهرم النّظامي الحاكم، وبجانبه مجلس شورى – برلمان – منتخَب كلّ فترة زمنيّة محدّدة.

 وفي العصر الحاضر نقارن بين نظام المخترة في الماضي ونظام البلديّات والمجالس المحليّة والبلديّة المنتخَبة في العصر الحاضر. وهنا لكلِّ نظام حسنات وإيجابيات من جهة، وسيّئات وسلبيّات من جهة أخرى.. ما هو مقياس الحكم على أفضليّة نظام حكم معيّن على غيره في مكان معيّن وزمن معيّن؟ أحد المقاييس الهامّة لأفضليّة نظام حكم على غيره هو مدى نجاحه في تزويد الإنسان والمجتمع بالحاجات الأساسيّة والضّروريّة في حياته. توفير مصادر الرّزق والعمل والمسكن والعلم والحريّة والدّيمقراطيّة والأمن والأمان والعدل في المعاملة مع الغير والاستقامة والسّلوك الحسن. ليكن قدوة حسنة وإيجابيّة للغير. وبجملة واحدة التقدُّم الحضاريّ للإنسان والمجتمع وتوفير الحاجات الحضاريّة المختلفة في المستوى الماديّ والمعنويّ والعقليّ، وضمان السّلام والأمن والأمان للجميع. إنّ التّاريخ البشري مليء بشخصيّات وصلت إلى الحكم بطرق شرعيّة، أو غير شرعيّة، أو وراثيّة أو دكتاتوريّة أو ديمقراطيّة أو انتخاب أو تعيين.. بعضهم عمَّر وقدَّم البلد والمجتمع. والبعض الآخر دمَّر وخرَّب البلد والدّولة. كما هو في الماضي وكذلك في الحاضر. وسيلة الحكم والنظام هامّة في تقدم أو تأخُّر البلد والدّولة. وأهمّ منها الإنسان المُنتخَب والمُنتخِب. أي نوعيّة وجودة من الناس ننتخب لقيادة وحكم البلد والمجتمع والدولة..

مقالات ذات صلة:

بذور التوحيد

الأهرام أقدم عجائب الدنيا وأخلدها، حاول علماء الآثار والفلك والهندسة والفنون حلّ بعض ألغازها، فوجدوا فيها بيت التنبؤات وأسرار المعرفة

كتاب الشيخ العابد (ر)

صدر بمبادرة من الشيخ أبو كمال معين حلبي، قيّم خلوة ومزار فضيلة الشيخ حسين العابد (ر) (1902 – 1978) بإصدار