الموقع قيد التحديث!

كلمة العدد: “يحق للطائفة الدرزية الافتخار بالمقام الشّريف..”

بقلم أسرة “العمامة”
دالية الكرمل
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

في العام 1941 قام أمير البيان شكيب أرسلان بزيارة لبلادنا حلّ خلالها ضيفًا على شيخ الجزيرة التّوحيديّة سيّدنا المرحوم الشّيخ أمين طريف رضي الله عنه، وخلال هذه الزّيارة قام أمير البيان بزيارة مقام نبي الله سيّدنا شعيب الشّريف، وهناك أطلق عبارته الشّهيرة: “كما يحقّ للأمّة الإسلاميّة المباركة الافتخار بالكعبة المكرّمة، وكما يحقّ للأمة النّصرانيّة الموقّرة الافتخار بكنيسة القيامة، يحقّ للطّائفة الدّرزيّة الافتخار بالمقام الشّريف”.

إنّ هذه العبارة التّاريخيّة الهامّة الّتي يطيب لنا استذكارها مع حلول الزّيارة السّنويّة لمقام سيّدنا شعيب والمشاريع الكبيرة الّتي تمّ إنجازها في السّنوات الأخيرة في هذا المقام الشّريف، لم تأت من فراغ، وإنّما من إيمان راسخ ومتين بقدسيّة وعظمة ومحوريّة خطيب الأنبياء سيّدنا شعيب عليه السّلام، الّذي ورد ذكره الطيّب في كافّة الدّيانات والّذي يعتبره الكثيرون أمّة كاملة في رجل، كان نصرة وشاهدًا للمعروف وللحقّ على كلّ ما هو باطل ومنكر، واتّبع مع قومه أسلوبًا حواريًّا بارعًا فيه تعليم للبشريّة جمعاء، كي يسلكوا درب الحلال ويقبلوا الهداية المؤدّية إلى سعادة الآخرة، ويتّبعوا طريق الإيمان بالله والتّقوى والورع ويبتعدوا عن الكفر والفحشاء والرّذائل.

إنّنا في هذه الفترة بالذّات، الّتي تدور فيها رحى الحرب في قطاع غزة بعد ما اقترفته المنظّمات الإرهابيّة من أعمال وحشيّة في جنوبيّ البلاد، ويطغى فيها الاقتتال والتّوتّر على الحدود الشّماليّة للبلاد، وتعاني فيها الطّائفة المعروفيّة في سوريا من أوضاع صعبة وظروف قاسية، إنّنا نأمل رغم كلّ ذلك ونتوق، إلى عودة واستئناف مشاركة وفود عن الطّائفة الدّرزيّة من الدّول المجاورة في الزّيارة السّنويّة لمقام نبّي الله سيّدنا شعيب عليه السّلام، كما حصل في السّابق في الأعوام 1935 و1940 و1947 و1983 على سبيل المثال، بعد أن يعود الهدوء إلى منطقتنا ويسود الأمن والسّلام فيها.

وممّا لا شكّ فيه، فأنّ كلّ متتبِّع للتّاريخ على مرّ العصور، يدرك تمامًا أنّ الله عزّ وجلّ قد خصّ الطّائفة الدّرزيّة الغرّاء بدور تاريخيّ رائد، وجعلها تسلك أينما وُجدت نهجًا صحيحًا يتلاءم مع مصلحتها وسلامتها ومكانتها وألقى عليها مهمّة الصّبر والتّحمُّل وتجاوز كلّ الصعاب والمحن لتخرج في نهايتها ويدها عليا، بفضل الله جلّ جلاله قبْل كلّ شيء، وكذلك بفضل قيادات روحيّة ودنيويّة حكيمة تتكرّر مع التّاريخ وتتمكّن دومًا من قيادة الطّائفة إلى برّ الأمان، هذا فضلًا عن القدرات الهائلة والإمكانيّات الكبيرة الّتي حباها الله بها، والّتي تصونها وتبقيها شامخة لأبد الآبدين.

ونحن إذ نحتفل في هذه الأيام المباركة بالزّيارة السّنويّة لمقام سيّدنا شعيب، نشيد بالدور المحوريّ الّذي تؤدّيه كافّة قيادات وأبناء الطّائفة في هذا الظّرف الصّعب، من منطلق واجباتهم تجاه مجتمعهم ودولتهم وذلك استمرارًا للصّفحات النّاصعة في تاريخ طائفتنا، والإنجازات الكبيرة الّتي تكدّست في ملفّاتها وسجلّاتها على مرّ الزّمان حيث لا يختلف عاقلان حول كون الطّائفة الدّرزيّة، السّاهرة دومًا على مصالحها الحقّة ومصالح الشّعوب والطّوائف الأخرى المستحقّة، قويّة ومثقّفة ومدركة وراسخة الجذور منذ آلاف السّنين وبمقدورها تجاوز كلّ التّحدّيات والعقبات الّتي تقف أمامها كما حصل في السّابق حين تعرّضت الطّائفة للمخاطر  في أكثر من زمان ومكان وتمكّنت من تجاوزها حيث كانت يد الله مع الجماعة المؤمنة والثّابتة والمتمسّكة بإيمانها وعقيدتها وتعاليم رسلها وأنبيائها عليهم السّلام أجمعين.

ورغم صعوبة الحقبة الزّمنيّة الحاليّة كما أسلفنا، فالأوضاع بشكل عامّ في كلّ مدننا وقرانا في البلاد هادئة مستقرّة وجيّدة، والحياة تسير في الغالب في مجراها الاعتيادي، ولعلّ ما يعكّر في الآونة الأخيرة صفو حياتنا ومجراها الطّبيعيّ هو آفة العنف المتفاقمة في البلاد، والّتي بدأت في الآونة الأخيرة تدخل مدننا وقرانا أكثر وأكثر. إنّ هذا الشّأن وخطر انزلاق ودخول البعض من أبناء طائفتا إلى دائرة العنف يجب أن يقضّ مضاجع كلّ القيادات سواء كانت دينيّة أو دنيويّة بما في ذلك الشّرطة وكافّة رجال الدّين والمسؤولين وأصحاب الوظائف والأهالي والسّلطات المحليّة المنتَخبين الجدد والقدامى والقائمين على الجهاز التّعليمّي ومؤسّسات الرفاه الاجتماعيّ وغيرهم، ولا بدّ من تضافر كافّة الجهود لاجتثاث هذه الآفة والحؤول دون تجذّرها في مجتمعنا قبل فوات الأوان.

إنّنا هنا ننتهز الفرصة لنُقدّم التّهاني والتّبريكات لكافّة الرّؤساء والأعضاء الّذين تمّ انتخابهم مؤخّرًا للسّلطات المحليّة في مدننا وقرانا المختلفة، وندعو لهم جميعًا بالتّوفيق والنّجاح لأنّ نجاحهم يعني نجاح كافّة السّكّان، كما ونهيب بهم بوضع محاربة آفة العنف في رأس سلّم أولويّاتهم، ونشير فيما يخصّ بالانتخابات الأخيرة الّتي شهدتها بلداتنا أنّه وعلى الرّغم من احتدام المعركة الانتخابيّة واشتداد الصّراع أحيانا في عدد من التّجمعات السّكّانيّة الدّرزيّة، إلّا أنّه، والحمد لله، مرّت هذه الانتخابات في كافّة المدن والقرى الدّرزيّة بدون وقوع مشاكل قاسية، حيث استغلّ السّكّان، الّذين يأملون ويتطلّعون إلى أن يؤدّي الرّؤساء والأعضاء المنتَخبون وظائفهم على أحسن وجه، الأجواء الدّيموقراطيّة للإدلاء بدلوهم وبأصواتهم بنسب مرتفعة في الغالب،

وما من شكّ، أن البعض يرى ويتحدّث بحقّ عن أن الأوضاع الرّاهنة وتلك الّتي ستسود بعد انتهاء الحرب ستُتيح المجال أمام قيادات الطّائفة ورؤساء السّلطات المحليّة في مدننا وقرانا المختلفة تحقيق إنجازات كبيرة أكثر على صعيد الحصول على الميزانيّات وتوسيع مسطّحات القرى وربط البيوت بالكهرباء والتّخطيط والبناء والتّعليم والبنى التّحتيّة وغير ها من المجالات الهامّة الأخرى وذلك في ظلّ ما آلت إليه الأمور في المنطقة والموقف الواضح والجلّي للطّائفة منه، إنّنا نأمل ذلك ونضيف أن تحقيق هذه المسائل يتطلّب قبل كلّ شيء وحدة الصّفّ والتّعاون المشترك بين كلّ القيادات في الطّائفة وإعداد كلّ الخطط والبرامج المفصّلة لكلّ بلد وبلد في كافّة المجالات، والوقوف بثبات والسّعي لتحقيقها أمام كلّ المؤسّسات كحقٍّ لنا وليس منّة من أحد، دون الحاجة بربط الأمور بشأن كهذا أو ذاك. لقد حان الأوان بأن تجد كافّة المشاكل والقضايا الهامّة الّتي تعانيها تجمّعاتنا السّكّانيّة حلًّا لها على أفضل نحو وخصوصًا ما يتعلّق بالأراضي والتّخيط ورخص البناء والسّكن للأزواج الشّابّة والبنى التّحتيّة والمناطق الصناعيّة وغيرها من القضايا الملحّة.

يطيب لأسرة مجلّة العمامة في الختام وفي هذه الأيّام المباركة أن تتقدّم بخالص التّهاني والتّبريكات إلى عموم الموحّدين في كلّ مكان بمناسبة الزّيارة المباركة، إننا نبتهل إلى الله العليّ القدير بأن تعود علينا هذه الزّيارة في العام القادم بالخير واليمن والبركات والعافية والنّعيم والرّخاء وأن نسلك درب الرّحمة والإيمان والصّبر والتّسامح والتّواضع وفقًا لما أراده لنا وللجميع نبي الله سيّدنا شعيب عليه السّلام. v

زيارة مقبولة والله ولي التوفيق.. أسرة “العمامة” | دالية الكرمل | نيسان 2024

مقالات ذات صلة: