الموقع قيد التحديث!

متفرّقات من “الذّاكرة الدّرزيّة”

بقلم المرحوم الشيخ سميح ناطور
من “الذّاكرة الدّرزيّة” – كتاب شرع بإعداده قبل وفاته – وهو مشروع لجمع وتدوين ونشر قصص من تراث وتاريخ أهل التوحيد
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

ما هي أفخر صورة بطولية أبدتها امرأة درزية ثاكلة؟

 عاد المجاهدون، في أحد الأيّام، عند الغروب، وقد ظهر الألم والحزن على وجوههم، والأسى في عيونهم. وكانوا يسوقون معهم فتى يافعًا مكتوف اليديْن، أسمر اللون، طويل القامة، يرتدي الزيّ العسكريّ الفرنسيّ. وراحت أم حمد تستقبل ضيوفها كالعادة، وتتفرّس في وجوههم لتقرأ أخبارهم. وكان بينهم الأمير عادل أرسلان، الذي تمالك نفسه وخاطبها قائلًا: “يا ست أم حمد، بكلّ الألم ننعى إليك استشهاد ابن شقيقك جبر شلغين، بعد أن قام بواجب الجهاد، وأتى من البطولة ما لم يقدر عليه غيره، وقد دفع روحه الزكيّة ثمنًا لبطولاته، وها نحن قد أتيناك بهذا العسكريّ أسيرًا…”

صمتت أم حمد قليلّا، وقد امتلأت عيناها بالدموع، ثم رفعت رأسها وخاطبت مُحدّثها الأمير والثوّار قائلة: “يا أمير، أوّلًا من حضر السوق باع واشترى، وكان ممكن لأيّ واحد فيكم أن يَقتُل أو يُقتل، فالرزق مقسوم والعمر محتوم، وتلك هي إرادة الله، سبحانه وتعالى، ولا نقول إلّا، لا حول ولا قوة إلّا بالله العلّي العظيم. ثانيًا، تعلمون أنّ هذا العسكريّ لا يكافئ ولا يوازي زعل زين الشباب وفارس الفرسان. ثالثًا، ترون أنّ هذا العسكريّ يدلّ على أنّه مغربيّ، فهو عربيّ، وقد جنّدوه لقتالنا غصبًا عنه، فهو لم يختر حربنا بإرادته. فنحن والمغاربة في الهوى سوا، ولا تنسوا أنّه أسير، وهل تقبل أخلاقنا وشهامتنا قتل الأسير! وأريد أن تعرفوا جميعًا، أنّني أم، وأدرك كيف يكون حبّ الأم لولدها، إن أمّه تنتظر عودته، وطالما أنا صاحبة القرار في مصير هذا الجندي، فإنّي أطلق سراحه بيدي، احتسابًا لوجه الله، وحفاظًا على سمعة الأهل والعشيرة.”

وتقدّمت أم حمد، تفكّ وثاق الأسير، الذي راح يقبِّل يديها وأطراف ثوبها وهو يبكي، اعترافًا بجميلها، وأشارت إلى الجهة التي يمكن أن يعود منها إلى معسكره، وعادت بستان شلغين تذرف الدموع وتندب شهيدها البطل.

المرجع: موقع “منتدى جبل العرب”


ما هي إنجازات أمير الدولتين: الشعر والنثر الأمير أمين آل ناصر الدين؟

 هو كبير شعراء العربية في النصف الأوّل من القرن العشرين، صحفيّ عريق، أمير من بيت أصيل، متكلِّم من الدرجة الأولى، وإنسان بكلّ معنى الكلمة. ينتسب إلى آل ناصر الدين وإلى الأمراء التنوخيين الذين حكموا في لبنان من القرن العاشر إلى القرن السادس عشر. والده هو الشيخ علي بن يوسف بن ناصر الدين، أوّل من أنشأ صحيفة درزيّة، صحيفة “الصفاء” عام 1886 وكانت من أوائل الصحف في العالم العربي. كما تولّى إدارة المدرسة الداوودية عام 1892، وفي عام 1906 أنشأ مدرسة المعارف وأسّس مجلة الإصلاح عام 1911. والدته هي السيدة جيهان كريمة بشير بك نكد أحد وجهاء لبنان. أمّا جدّه لوالده فهو الأمير يوسف بن ناصر الدين من أكابر عصره، تميّز بالعقل والفضل، وتولّى منصب وكيل الطائفة.  وُلد الأمير أمين في بلدة كفر متى في بيت أدب وعلم وثقافة. فكان بيته مدرسته الأولى وفي العاشرة من عمره، أخذ ينظم الشعر. تعلّم في القرية ثم في مدرسة عبيه والتحق بالمدرسة الداووديّة، وتفتّحت مواهبه الأدبيّة وأخذ ينشر المقالات وينظم الشعر. وعُين مدرّسًا للغة العربية في المدرسة الداوودية ولم ينهِ بعد المدرسة. وفي عام 1897 أخذ يصدر جريدة “الصفاء” التي أسّسها والده واستمرّ في إصدارها حتى عام 1934 وقد برع في نظمه للشعر لدرجة أنه صاغ عام 1901 نشرة من “الصفاء” شعرا حتّى الإعلانات نظمها أبياتًا موزونة. وفي عام 1917 تسلّم إدارة المدرسة الداووديّة.  وفي عام 1926 قرّر العزلة فانقطع عن الخروج من بيته وأصدر “الصفاء” حتّى عام 1934 وبعدها كانت عزلته كليّة حتّى وفاته في الخمسينات.

المرجع: مجلة “العمامة” – العدد 100


من قال: “فِيِّ ولا في الدروز”؟

يورد البحّاثة نديم الدبيسي في كتاب “مارستي الشوف تاريخ وذاكرة “عن الزعيم الكبير سعيد جنبلاط الّذي كان من أكبر الزعماء الدروز في حوادث الستين: “أنّ الشيخ سعيد جنبلاط قرّر الذهاب إلى حوران، فرافقه حوالي ثمانين فارسًا من الأقارب والوجهاء والأعيان والمرافقين، وبوصولهم إلى محلّة عين ياقوتة، قرب قرية مارستي، لحق بهم عدد من الأعيان وقالوا للشيخ سعيد: إذا سلّمتَ نفسك لفؤاد باشا، ربّما هو خطر عليك، لكن إذا تركتنا وغادرت إلى حوران فمن يفاوض اللجنة الدوليّة باسم الطائفة الدرزيّة؟ ومن يثبّت مركزها ويحافظ على حقوقها؟ عندها قال الشيخ سعيد: “فيّ ولا في الدروز”. ورجع إلى المختارة. وفي اليوم التالي نزل إلى بيروت وقابل فؤاد باشا وحُجز كسائر الأعيان لمحاكمته. 

المرجع: كتاب “سعيد بك جنبلاط 1813-1861” لد. رياض غنّام، دار معن، ص218


كيف رأى ضابط فرنسي سرّ قوّة الدروز؟

تحدّث قائد فرنسي عن شيخ من منطقة حاصبيا قائلًا: بعد أن ساد السلام ووضعت الحرب أوزارها سألت أحد أصدقائي وهو شيخ جليل القدر، أبيّ النفس: هل إن الدروز سيحاربون فرنسا في المستقبل؟ فأجابه الشيخ بكلّ صراحة قائلًا: يا حضرة الكولونيل إنّ والدي كان رجلًا فقير الحال، ويتيمًا يعيش تحت كنف والدته، وحين أجبر إبراهيم باشا المصري، الدروز على امتشاق الحسام، بعد أن تحدّاهم ونال من كرامتهم، فإن جدي الذي كان معدمًا، وليس له سوى لحافه، اقتسم هذا اللحاف بينه وبين والدته العجوز، وحمل نصيبه على كتفه، ليتقي به قرّ الشتاء، وسار إلى حيث يدعوه الواجب وحارب مع إخوانه.

وهكذا أنا سأفعل فيما إذا جرّبت فرنسا مسّ كرامتنا وشرفنا. المرجع: كتاب “الدروز والشيشكلي” – ص86

مقالات ذات صلة: