الموقع قيد التحديث!

المرحوم الشيخ ابو حسن عارف حلاوي

Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

(1928-2003)

شيخ فاضل جليل من لبنان، أحد أركان الدين ورجاله في القرن العشرين ولد لأبويْن كريميْن، وعائلة محترمة، في بلدة الباروك في الشوف. وقد نشأ كباقي الفتيان في تلك الفترة، في نطاق قريته يعمل بالزراعة، ويتعلّم الخط عن طريق الخطيب، ويشترك في مناسبات القرية، ككل الشباب. وقد تلقى من والديه كل رعاية وحنان، وعندما كان شاباً لم يبلغ العشرين من عمره، كان قد توجه إلى الدين الحنيف، ينهل منه، ويحفظ ويراجع ويصغي ويستمع ويلتقي بكبار رجال الدين في قريته ومنطقته، يستأنس بهم، ويصغي إلى أحاديثهم، ويسمع أناشيدهم الروحية، ويحاول أن يقلّدهم في تقواهم وفي تبحّرهم في العلوم الدينية، حتى بلغ الثلاثين من عمره، وأصبح من الشباب النابهين العارفين في مسالك المذهب والعبادة، وفي نفس الوقت، كان يعتبر من الشيوخ الأفاضل، الذين يُسمَع رأيهم، وينتبه رجال الدين إلى ملاحظاتهم، ويستمتع الجميع بمواقفهم وشروحهم. وقد برز كإنسان مُلِمّ بكافة جوانب المذهب، وحافظ للمعلوم الشريف، ودارس لأصول التوحيد، ونابه بكل دقائق الحكمة الشريفة، لدرجة أنه تُوِّج بالعمامة المكورة وهو في سن الخامسة والثلاثين، وذلك على يد سيدنا الشيخ المرحوم أبو حسين محمود فرج رضي الله عنه، الذي كان حجة في التوحيد، وأباً روحيا للطائفة الدرزية، ومعلماً من كبار متفقهي المذهب، ومشرّعا وهادياً ومرجعاً في كل الأمور المذهبية.

اقترن  الشيخ أبو حسن بالست زهر، كريمة المرحوم الشيخ أبو حسيب أسعد الصايغ، الذي كان هو كذلك شخصية دينية مرموقة، يُشار إليها بالبنان في لبنان والمنطقة، وتُوج كذلك بالعمامة المكورة، وأخذ مكانه في سدة التوحيد كأحد الأركان. لذلك لا عجب أن يكون سيدنا الشيخ أبو حسن عارف حلاوي، مدعوما من قبل هاتين الشخصيتين الضليعتين بكل الأمور الدينية، وأن يصبح هو بدوره أحد الأركان في عصرنا الحديث. وقد سكن معظم حياته في قرية معصريتي، بلد عمه المرحوم الشيخ أبو حسيب أسعد الصايغ، مما زاد من المكانة الدينية لهذه القرية العامرة.

وشاءت الأقدار أن ينتقل إلى جوار ربه في بلدة الباروك، يوم الأربعاء السادس والعشرين من شهر تشرين ثاني 2003، مسلماً الروح حيث تم دفنه في بيته في اليوم التالي، في الساعة الثانية بحضور عشرات آلاف المشيعين الذين عرفوا فضيلته واستأنسوا به وسُرّوا بلقياه.

تميّز شيخنا الفاضل بالصوت الجميل، وامتاز بقدرته على تلحين الأناشيد الدينية، كما أنعم الله، سبحانه وتعالى، عليه بالخط الحسن، حيث كان يسعى إلى نسخ الكتب الدينية. هذا وقد ظل المرحوم خلال عشرات السنوات، أحد أركان الدين وأحد الشخصيات المركزية التي يُعتمد عليها، ويُأخذ برأيها مدة طويلة. وفي العشر سنوات الأخيرة، اعتُبر شيخ الجزيرة في مقدمة العبّاد، النساك الزاهدين، وحظي بمكانة مرموقة، لصفاته الخاصة وتصرفاته النبيلة وأعماله المجيدة في كافة المجالات. وقد كان المرحوم مشاركاً لأبناء طائفته والآخرين، في كافة المناسبات الدينية والاجتماعية, يهنئ أصحاب الأفراح, ويواسي المحزونين, ويدعم ويشجع الأيتام والأرامل, ويقدّر جهود الناس التي تبحث عن لقمة العيش، وعن مسلك شريف في الحياة فيباركها. وقد عُرف بالزهد والنسك والتقوى والبساطة وحسن الاستقبال، وسعة الصدر ومساعدة الآخرين.

وقد أقيم في مقام سيدنا شعيب (ع) مأتم كبير في نفس الساعة التي شيع فيها جثمانه الطاهر في لبنان، بحضور أكثر من خمسة آلاف مشترك، في مقدمتهم مشايخ البلاد وأعيانها، ورجال الدين ومئات السيدات وجمهور غفير.  وقد ألقيت عدة كلمات تأبينية مناسبة، كما ألقى فضيلة الشيخ موفق طريف، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل الكلمة التالية في ذكرى الفقيد:
بسم الله الرحمن الرحيم.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
سبحان مَن تعزز بالجبروت والكبرياء. سبحان من تفرّد بالملكوت والسلطان والبقاء. سبحان من خلق العوالم بقدرته وأحياها. سبحان من حكم عليها بالموت وأفناها. فله الحمد على ائتمان ما أودع. وله الشكر على إيفاء ما استردّ وأرجع. وله المُلك وإليه المرجع والمصير جلّ جلاله.
شيوخنا الأجلاء – أيها المؤبنون الأكارم:
لقد شاء القدر بأن نجتمع اليوم في هذا المكان المقدس, مقام سيدنا شعيب عليه الصلاة والسلام. ونقف سوياً في هذا الموقف المهيب.
وذلك بمناسبة وفاة المرحوم والمغفور له فقيدنا وفقيد الطائفة والدين. السيد الولي الطاهر. والعَلَم الزاهر الفاخر، العالم العامل، الجليل الفاضل، العارف بالله شيخنا الشيخ ابو حسن عارف حلاوي من بلدة الباروك-  لبنان. الذي توفاه الله سبحانه وتعالى بالأمس وسيوارى جثمانه الطاهر اليوم في هذه الساعة في لبنان. تغمّده الله برحمته ورضوانه، وأسكنه فسيح روض جنانه. وكما قيل : “موت التقي حياة لإنقاذها” قد مات قوم وهم في الناس أحياء” – أجل لقد نفذ القدر بوفاة تاج العارفين. وقدوة السالكين، القائد الروحاني الحكيم الذات، عنوان الطُهر والمكرمات، ومثال التُقى والفضل والبركات، ذات المقام السامي والقدر الكبير، والمركز الديني المعتمّد والقطب المنير. الذي عُرف بالرزانة والرّجاحة وبحكمة العقل والرأي السديد الصائب. فحقاً انّه إذا كان موت الأعيان من تعس الزمان فإن فقدان المرحوم شيخنا الشيخ ابو حسن عارف لهو فقدان أهل الدين كافة في سائر أنحاء الجزيرة. وهي خسارة جسيمة وفراغ كبير, كما ان حقيقة الواقع تشهد بأن الراحل المقيم كان عَلَماً من أعلام الموحدين البارزين. وركناً شامخاً من أركان أهل الفضل المعتمدين. وعيناً من أعيان أهل الكرامات والورع والدين. فهو الثقة الأمين السادق البرور. وهو الرشيد المسدَّد المفضال والندب الغيور. الذي كان يتمتع بالمآثر الغرّاء والفضائل العفية. ويتحلى بحميد الصفات وكرم النفس والتواضع.

وقد منّ  الله سبحانه وتعالى عليه بالعمر المديد الى ان تجاوز القرن من السنين. قضاها بالزهد والعبادة والعفاف والقناعة. مخلصا بأفعال الخير والصّلاح والبرّ والتقوى والحسنات. ومحبة الخير وأهله، إلى ان غدا محبوباً مهاباً لدى الجميع. وبات مميزاً مخصَّصاً كأنه مناراً وضّاءً ومحجة ومقصداً تزوره القاصدون والوافدون استبراكاً بطهارته وفضيلته. وقد رحل راضياً مرضياً خالد الذكر. حاصلاً على صحة الشهادة، الموصلة للسعادة. كما انه لا يسعني في هذا الموقف المشهود إلا ان أنوّه بذكره الطيب وأقول إنه عمل على وِحدة الصف لرفع كيان مجتمعه وسلامة طائفته، ملهَماً بدوره بكفاءة المسؤولية الدينية والإجتماعية . حكمة وعقلاً وتدبيراً.

وفي النهاية فإني أتقدّم موجهاً من هذا المقام المقدس, بأسمي واسم حضراتكم جميعا,ً بإرسال كلمة التعزية المقرونة بخالص المودة وألطف المشاعر, الى عموم مشايخنا الأفاضل الأجلاء في لبنان خاصة, وعلى رأسهم حضرة المفضال المقدم الجليل الطاهر المكرم شيخنا ابو محمد جواد ولي الدين أعزه المولى وأسعده. وإلى كافة أهلنا وإخوتنا الأعزاء في سوريا وجميع المناطق عامة. كما وأتقدم الى عموم الإخوة من أفراد عائلة المرحوم وأقاربه وذويه من آل حلاوي الأكارم, هنا وهناك, وأينما كانوا بأحرّ التعازي والمشاطرة معهم بصورة خاصة. مُعتبرين بأننا لا نقدر ان نفي بالكلمات حق الراحل الكبير, سيدنا وشيخنا الشيخ ابو حسن عارف, رحمات الله على روحه الطاهرة. ونسأله تعالى عوض الخير للجميع وأن يلهمنا سبحانه جميعاً جميل الصبر والسلوان. ويسبل روح فقيدنا العزيز غزير الرحمة والرضوان. إنّه رؤوف منّان. متطاول بالمانّة والإحسان . وإنّا لله وإنا إليه راجعون” .

مقالات ذات صلة:

اعتراف جاء متأخِّرا

كان كايد حسون درزيا خدم في جهاز المخابرات (شاي) وتمّ إرساله مع ابن عمّه أثناء حرب التحرير لمهمّة استخبارات عبر

الثقوب السوداء

لثقوب السوداء (Black Holes) أو الثقب الأسود هي مساحة فضائية كبيرة ذات مبنى جاذبية ثقيل لدرجة أن أي شيء حتى

السيدة خولة جنبلاط، أرملة الشيخ بشير جنبلاط ترفض مقابلة والي عكا عبد الله باشا في عكا وتصر أن تلقاه في بيت الرئيس الروحي للطائفة الشيخ سليمان طريف

السيدة خولة جنبلاط هي الزوجة الثانية للزعيم الدرزي الكبير الشيخ بشير جنبلاط الذي يُعتبر الشخصية التاريخية الثانية بعد الأمير فخر