الموقع قيد التحديث!

السيدة خولة جنبلاط، أرملة الشيخ بشير جنبلاط ترفض مقابلة والي عكا عبد الله باشا في عكا وتصر أن تلقاه في بيت الرئيس الروحي للطائفة الشيخ سليمان طريف

المرحوم الشيخ سميح ناطور
بقلم المرحوم الشيخ سميح ناطور
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

السيدة خولة جنبلاط هي الزوجة الثانية للزعيم الدرزي الكبير الشيخ بشير جنبلاط الذي يُعتبر الشخصية التاريخية الثانية بعد الأمير فخر الدين المعني الثاني في العصر الحديث. وقد كان لها دور تاريخي كبير في مواجهة موضوع إعدام زوجها وفي رعايتها لأبناء الأمير، بما في ذلك الأبناء الذين وُلدوا من الزوجة الأولى. وقد برز من أبنائها في وقت لاحق الزعيم الكبير الشيخ سعيد جنبلاط والزعيم الكبير الشيخ نعمان جنبلاط وباقي الأمراء من هذا البيت الراقي. وكان الشيخ بشير جنبلاط قد دعم بشير الشهابي الذي انتخبته العائلات الإقطاعية الدرزية والأخرى، ليحكم لبنان باسم الدروز، لكن هذا شذّ عمّا اتُفق عليه، وبدعم من الدولة العثمانية والدول الغربية  ومحمد علي باشا والمسيحيين في لبنان، تنصر وبدأ يحارب ويضعف العائلات الدرزية، واستغل الصراع الجنبلاطي اليزبكي فقضى بمساعدة الشيخ بشير على العائلات اليزبكية الدرزية، وتفرّغ بعد ذلك لمحاربة الشيخ بشير بنفسه، فتأمر مع محمد علي باشا والوالي العثماني والسلطان وقناصل الدول الأجنبية وفرضوا على عبد الله باشا والي عكا وصيدا، أن يعتقل الشيخ بشير والشيخ أمين العماد وأن يقوم بإعدامهما. وحينما لاحظ محمد علي باشا تردد عبد الله باشا في تنفيذ الحكم، بعث برسل يحث على الإسراع بتنفيذ المهمة، فأعدمهما وعُلقت جثتاهما على شاطئ عكا وظلّت ثلاثة أيام، فقام الوجيه الشيخ مرزوق معدي، صديق عائلة جنبلاط وصديق عبد الله باشا، وطلب الإذن بدفنهما في قرية يركا.

وفي هذه الأثناء كانت السيدة خولة، قد لجأت مع أولادها إلى جبل الدروز، ولاقت هناك استقبالا وترحيبا لائقا، وعاشت معزّزة مكرّمة في قرى الجبل. وبعد مرور أكثر من سنة، شعر عبد الله باشا انه تسرّع في تنفيذ الحكم، وأنه أخطأ بحق الشيخ بشير جنبلاط، وأراد أن يصحح موقفه هذا، فاستفسر عن أسرة جنبلاط أين هم، فقيل له إنهم في جبل الدروز، فطلب من والي دمشق أن يبلغ السيدة خولة جنبلاط أن تأتي إلى مدينة عكا ليعلن عن براءة زوجها الشيخ بشير، وليمنحها راتبا تعويضا عن ذلك. وأعلنت السيدة خولة، أنها لا تسمح لنفسها أن تأتي إلى مدينة عكا، وهي موافقة أن تسكن في قرية جولس، تحت رعاية الرئيس الروحي للطائفة الدرزية الشيخ سليمان طريف، وتقبل أن تلتقي بعبد الله باشا هناك. وتمّ ذلك وحضرت السيدة خولة مع أولادها، وسكنت في قرية جولس بدعم من آل طريف لمدة سنتين. ثم انتقلت إلى الشوف إلى مقر عائلة جنبلاط، حيث قلّ اهتمام بشير الشهابي بالأمر، ورعت أبناءها وأبناء زوجها حتى كبروا وأصبحوا زعماء عائلة جنبلاط ومن قادة لبنان.

 وقد حدّثني المرحوم الشيخ أبو حسن كامل طريف، عن اليوم المشهود الذي جاء فيه عبد الله باشا وحاشيته إلى جولس، حيث سمع هذه القصة من والده المرحوم الشيخ سلمان طريف، الذي سمعها من والده المرحوم الشيخ طريف طريف، وتناقلتها الأجيال قبل ذلك. قائلا: بعد أن قدمِت السيدة خولة جنبلاط وأولادها للسكن في جولس، وقامت عائلة طريف بتأمين المسكن والمأوى لها ولأولادها، قام الرئيس الروحي الشيخ سليمان طريف بزيارة عبد الله باشا ودعوته إلى جولس. وفي اليوم الموعود، استعدّت عائلة طريف، تدعمها كل عائلات القرية، لاستقبال الوالي الكبير، الذي كان حاكما بكل سنجق صفد وعكا وصور، وحضر يرافقه 48 من كبار المسئولين في ديوانه ومن وجهاء المنطقة، كل واحد منهم على حصانه، وكان على المضيفين تقديم واجبات الضيافة للرجال، وكذلك الاهتمام بالخيل. وتم ذلك على أحسن وجه، وفُتحت صفحة جديدة بين الطائفة الدرزية ووالي مدينة عكا، وأعلن عبد الله باشا في هذه المناسبة، أن الشيخ بشير جنبلاط كان زعيما قديرا شجاعا كريما، وأن ظروفا سياسية أدّت إلى ما حصل، وهو يعلن أسفه عن ذلك، وأعلن عن تأمين راتب ثابت لأرملته ولأولاده.

 وقد ورد ذكر هذا الموضوع في عدة مصادر وكُتب لبنانية نذكر منها ما توصّلنا عليه حتى الآن: ” جاء في كتاب بعنوان” سعيد بك جنبلاط” 1813-1861 من تأليف د. رياض حسين غنام، الصادر عن دار معن 2015، وتوزيع معرض الشوف الدائم للكتاب القول صفحة 37: “كان ترتيب سعيد الرابع بعد اشقائه، قاسم وسليم ونعمان وجاء بعده إسماعيل. أما والدتهم فالمرجّح ان الشيخ بشير تزوج أولا من ابنة عمه خطار بن يونس جنبلاط، في حين تزوج أخوه حسن من شقيقتها. وقد رُزق بشير من زواجه الأول بولديه قاسم وسليم، ثم تزوج من السيدة خولة أمان الدين، من عبيه ورُزق منها نعمان وسعيد وإسماعيل. أما نايفة فالأرجح أن تكون الأخت الشقيقة لنعمان وسعيد وإسماعيل…أعاد عبد الله باشا النظر من موقفه من ولدي الشيخ بشير جنبلاط قاسم وسليم المسجونيْن في عكا منذ سنة 1825 فأطلق سراحهما عام 1827 لكنهما توفيا في هذه الفترة بداء الطاعون… وعمد عبد الله باشا على استحضار من تبقى من أولاد الشيخ بشير، نعمان وسعيد وإسماعيل من دمشق إلى عكا وبعد أن كرّمهم رتّب لهم أموالا لمعيشتهم وأسكنهم في صفد ضمن ولايته”.

وجاء في “معجم أعلام الدروز” تأليف د. محمد خليل الباشا الصادر عن الدار التقدمية عام 1990 في الحديث عن اسماعيل جنبلاط القول ص 324: … عندما قُتل والده الشيخ بشير جنبلاط سنة 1825 كانت أمه قد هربت من نقمة الأمير بشير الشهابي ومعها أولادها وأولاد سلفها الشيخ حسن واستقرّت في حوران ثم جاءت إلى الشام فعرف والي عكا فاستدعاها مع الأولاد وأنزلهم في قرية جولس من بلاد صفد بكل إكرام ورتّب لهم معاشا ثم أمر الأمير بشير بإعادتهم إلى البلاد (أي إلى لبنان)”.

وقد جاء ذكر لهذه الحادثة في كتاب الشيخ يوسف خطار أبو شقرا “الحركات في لبنان” الصادر عام 1952 في بيروت في صفحة 10، وكذلك في ديوان المعلم نيقولا الترك، الصادر في بيروت عام 1970 صفحة 412 وفي مصادر أخرى.

وجاء في معجم أعلام الدروز ص 354 الجزء الأول في الحديث عن الشيخ سعيد جنبلاط القول: “عندما قُتل والده في عكا، كانت والدته الست خولة قد هربت مع أخويه وأبناء عمه حسن إلى حوران ثم إلى الشام، فعرف بمكانهم والي عكا، فاستدعاهم إليه، وأنزلهم في قرية جولس، ورتّب لهم معاشا. وبعد مدة أعادهم إلى ديارهم مكرّمين. وذُكر هذا الحدث كذلك في كتاب طنوس الشدياق “أخبار الأعيان في جبل لبنان” الصادر في بيروت عام 1920 بجزأيْن في صفحة 149.

وجاء ذكر لهذا الموضوع كذلك في معجم أعلام الدروز الجزء الأول ص 406 في الحديث عن الزعيم نعمان جنبلاط القول: بعد ان قُتل والده في عكا استدعى عبد الله باشا والي عكا أولاد الشيخ بشير وأنزلهم في قرية جولس من بلاد صفد بكل إكرام ورتّب لهم معاشا وبتدبير مع الأمير بشير عادوا بعد مدة إلى بلدهم. وجاء في كتاب الأستاذ أنيس يحيى بعنوان “الشيخ بشير جنبلاط وتحقيق وصيته” 1775-1825 الصادر عن دار الفنون في بيروت عام 2001 ص 208 القول: “نعمان هو كبير إخوته الناجين “سعيد وإسماعيل” والمرحومين قاسم وسليم. تشرّد فترة عن الشوف خاصة بعد هزيمة والده فاستدعاه والي صيدا عبد الله باشا مع إخوته وأنزلهم في قرية جولس في بلاد صفد ورتّب لهم معاشا”.  

مقالات ذات صلة:

أَلخَضْرُ عليْهِ السَّلامُ

أَلخضرُ هو اسمٌ أُطْلِقَ على عددٍ مِنَ الأَنبياءِ على مرِّ العُصُور، فقد أُطْلِقَ هذا الإسم على النَّبيِّ إِيليَّا، وعلى سيِّدِنا

“الشّعر يعجزُ والأبياتُ ترتجف”

باسم الإله أتيتُ العطْفَ أستلفُ من سادةٍ في حِمى البيّاضةِ ائتلفواوَجئتُ أحملُ ضعفي، جئت مُرْتَجيًا وفي جرابي ذُنوبٌ كُنتُ أقتـرفُلعلّها