الموقع قيد التحديث!

في ذكرى الكاتب أبو عماد مصباح حلبي

بقلم عضو الكنيست السابق أمل نصر الدين – دالية الكرمل
رئيس مؤسّسة الشهيد الدرزيّ والكلّيّة قبل العسكريّة
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

في عام 1960 تمّ الاتّفاق بيني وبين السيّد أبا حوشي (אבא חושי) وأمنون لين (אמנון לין) أن أترأّس دائرة الجنود المسرّحين ومجلس عمّال دالية لكرمل – عسفيا، وعلى أثر هذا الاتّفاق كنت ملزمًا بإقامة لجان مجلس العمّال لذلك كنت أيضًا بحاجة ماسّة إلى سكرتير قدير يمتلك جميع الكفاءات والمعلومات والإمكانات للنجاح بوظيفته.

لم يأخذ وقتًا طويلًا حتّى وقع اختياري على السيّد مصباح حلبي الذي سرعان ما حقّق نجاحًا باهرًا في إدارة مجلس العمّال ودائرة الجنود المسرّحين حيث اشتدّت روابط العمل والصداقة بيننا لتدوم هذه العلاقة المهنيّة في العمل المشترك والأخوية من عام 1961 حتّى رحيله لجوار ربّه عام 2018.

ولا بدّ لي هنا أن أذكر وأشيد بنشاطاته الواسعة في مجال إصدار الكتب باللغتيْن العربيّة والعبريّة وأن أنوّه إلى أنّ الكاتب مصباح كان يتصدّر المكان الأوّل بين الكتّاب الدروز في حينه، إذ أصدر كتاب حلف الدم الذي عزّز الشراكة اليهوديّة الدرزيّة، هذا فضلًا عن القيام بتمثيلي في جميع المؤسّسات واللقاءات الرسميّة والشعبيّة، جدير بالذكر أنّني تعاونت معه في كتابة حلف الدم الّذي تحدّث عن الشراكة بين اليهود والدروز (ברית דמים)، ففي حينه رتّبت له لقاءً مع قيادة الفوج الدرزي في الجيش وطلبت من القائد المسؤول أن يزوّده بصور الجنود الذين سقطوا في حروب إسرائيل، وقد التقى فعلًا مع السيد ساسون مزراحي (סאסון מזרחי) الذي زوّده بجميع الصور وبعد أن أنهى كتابة كتاب حلف الدم توجّهتّ بناءً على طلب السيّد مصباح إلى رئيس الدولة السيّد زلمان شازار (זלמן שזר) وطالبته بلقائنا لمنحه نسخة عن الطبعة الأولى من كتاب السيّد مصباح حلبي. لبّى الرئيس شازار طلبي وعيّن موعدًا لزيارته في مكتبه في اورشليم القدس حيث كان الهدف من وراء هذا اللقاء إهداءه الطبعة الأولى لكتاب حلف الدمّ كي يتسنّى إعلام الجمهور بصدور الكتاب، الّذي عزّز أواصر التعاون بين المسؤولين في الحكومة وبين أبناء الطائفة الدرزيّة.

لقد قمنا على التوّ بعد تحديد موعد لهذا اللقاء بتوجيه دعوة لشخصيّات محوريّة وهامّة للاجتماع مع فخامة رئيس الدولة آنذاك السيّد زلمان شازار وبضمنهم عضو الكنيست جبر معدي ومستشار رئيس الحكومة السيّد شموئيل طوليدانو والشيخ لبيب أبو ركن والشيخ قاسم حلبي والكاتب مصباح وقرينته السيّدة تفاحة حلبي بنت الشيخ قاسم رفعات حلبي، بالإضافة إلى أصحاب الدعوة مصباح وكاتب هذه السطور.

كنت في حينه، لا أزال متأثِّرًا بفقدان ابني لطفي وارتدي ملابس سوداء، ممّا استرعى اهتمام رئيس الدولة السيد زلمان شازار الّذي سألني على الفور لماذا ارتدي الملابس السوداء، عندها سارع السيّد طوليدانو إلى فتح صفحة المرحوم لطفي في كتاب حلف الدم. تأثَّر رئيس الدولة شازار كثيرًا، وتوجّه إليّ بكلمات إطراء ومحبّة، طالبًا أن ازوّده أيضًا باسم طالب جامعي درزي ليعمل كمترجم لرسائل تُرسَل إلى فخامة الرئيس باللّغة العربيّة والعبريّة، فوعدته بأن أعلمه باسم الطالب خلال ثلاثة أيّام.

لدى خروجنا من مكتب رئيس الدولة توجّه إليّ السيّد طوليدانو وأخبرني بأنّه سيعمل على قبول الطالب الجامعيّ من أبناء الطائفة لوظيفة كامله في مكتب رئيس الدولة، وطلب الشيخ جبر موافقتي لإرسال المحامي خليل كيّوف من عسفيا كونه شاب مثقّف ومحامي ناجح، وقد طفى على السطح خلاف في المواقف بين الشيخ جبر والسيد طوليدانو حيث سعى كلّ منهما لاختيار أحد معارفهما، ففي حين اقترح الشيخ جبر المحامي خليل كيوف قام السيد طوليدانو ا بطرح اسم السيّد كمال منصور طالبًا منّي إبداء رأيي في هذا الشأن.

وبعد دراسة طلب السيّد طوليدانو ايدت انتخاب السيّد كمال منصور لكونه خريج جامعة، أديب ومثقّف وله مكانته الاجتماعيّة في الوسط الدرزيّ واليهوديّ والعربيّ، ولمّا وافقني في نهاية المطاف الشيخ جبر والسيد تولودانو الرأي أعلمت رئيس الدولة بذلك وتمّ إعطاء اسم السيد كمال منصور، واستعمل السيد طوليدانو نفوذه في إيجاد ميزانيّة لوظيفة السيّد كمال منصور كموظّف رسميّ في مركز شؤون الوسط العربيّ والدرزيّ بجانب رئيس الدولة السيّد زلمان شازار. وقد كان السيّد طوليدانو مُحقًّا لأن السيّد كمال منصور أثبت للقاصي والداني جدارته في إدارة موضوع الأقليّات وسياسة رئيس الدولة، علمًا بأنّه قد واصل عمله في مقر ّرؤساء إسرائيل حتّى خروجه للتقاعد، وعمل إلى جانب الرئيس السيّد زلمان شازار ورؤساء الدولة الآخرين حيث كان آخرهم المرحوم شمعون برس (שמעון פרס)، وكنت أوّل المهنّئين لأخي أبو زكي كمال منصور أطال الله عمره نجل الزعيم أبو كمال الّذي كان له بصمات في تقدّم طائفتنا والطوائف الأخرى.

في الختام أعود وأكرّر وأذكر أنّ أعمال ونشاطات المرحوم طيّب الذكر مصباح حلبي لا تُعدّ ولا تُحصى، اختصرها بالقول بأنّه كان رجل إعلام بارز ونشيط وأدار أمور مجلس العمّال بنجاح باهر وفائق وهو لا يحتاج إلى التعريف لأنّه كان من أوائل المثقّفين الدروز الّذين تبوّؤا وظائف اجتماعيّة تركت أثرًا كبيرًا على علاقة الدروز والدولة. أتقدّم في الختام مجدَّدًا بالتعازي لأبناء وبنات العائلة الكريمة الّتي فقدت عميدها وأؤكِّد لهم بأنّني فقدت أخًا صاحب مبادئ قيّمة وسامية.

مقالات ذات صلة:

تواجد الدروز في أرض إسرائيل

تواجد الدروز في أرض إسرائيل (فلسطين) منذ بداية دعوة التوحيد. فقد كان بعض المشايخ المشهورين الذين ذُكروا في رسائل الدعوة

الشيخ جابر شنان

الشيخ جابر شنان هو أحد وجهاء الطائفة الدرزية في عهد والي عكا، أحمد باشا الجزار، في أواخر القرن الثامن عشر،

ما بين الكرمل وجبل الريان

اجتمعت قبل أيام في القاعة الرئيسية، في مقام سيدنا أبو عبد الله عليه السلام في عسفيا، مشايخ الطائفة من الجليل