الموقع قيد التحديث!

الشيخ جابر شنان

بقلم المرحوم الشيخ سميح ناطور
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

الشيخ جابر شنان هو أحد وجهاء الطائفة الدرزية في عهد والي عكا، أحمد باشا الجزار، في أواخر القرن الثامن عشر، وأحد سكان قرية حرفيش، كان الشيخ جابر معروفا ببأسه، وشجاعته، وبطولاته، ومواقفه المشرّفة، لحماية أبناء الطائفة الدرزية في قرية حرفيش، وفي منطقة الجليل بشكل عام. وكانت حرفيش قرية صغيرة، لا يزيد عدد سكانها عن بضع مئات من السكان الدروز، وكانت محاطة بقرى عربية غير ودّيّة، كانت بغالبيتها ما زالت مدمنة على العادات القبلية القديمة من عهد الجاهلية، من ناحية الغزو والسبي والتعدّي والسرقة وغير ذلك. وكان سكان حرفيش مواطنين مسالمين لا يعتدون على أحد، لكنهم عُرفوا بأنهم لا يسكتون على ضيم، وأنهم يدافعون عن أراضيهم وعائلاتهم بلا هوادة، وبرز بينهم عدد من الشجعان على مرّ العصور، استطاعوا أن يُفهِموا سكان القرى المجاورة، ألاّ يحاولوا ان يتعرّضوا لسكان حرفيش. وقد حاول بعض الأشخاص غير الدروز بجوار حرفيش،  الاعتداء والتحرُّش، فرُدّوا على أعقابهم خاسرين، وتمّ تأديبهم ومعاقبتهم بشكل قاطع. لذلك لجأ بعض المغرضين من أعداء القرية إلى الوشاية والفساد والتحريض لدى حاكم عكا، أحمد باشا الجزار، الذي عُرف بظلمه وشراسته وفظاظته في سائر أنحاء الإمبراطورية العثمانية. وكان الشيخ جابر شنان، أحد الوجهاء الأبطال في ذلك العهد، شجاعا، مغوارا، لم يخشَ أحدا، وأعلن دائما، أنه مستحيل أن يقوم مواطن درزي بالاعتداء على أي مواطن، ولكن يُقطع عنق أي غريب تسوِّل له نفسه أن يعتدي على الدروز. ولمواقفه هذه كثر حسّاده من القرى العربية، لأنه لم يقم بحماية الدروز فقط، وإنما لجأ إليه المظلومون من المسيحيين، وحتى من بسطاء المسلمين، الذين تحمّلوا أيضا من سطوة الإقطاعيين، والولاة، وأصحاب الوظائف الذين تعسّفوا بهم. وقام المفسدون بالوشاية عند الجزّار قائلين، إن الشيخ جابر شنان، عثر على كنز وهو يخبِّئه ليستمتع به لوحده. أرسل الجزار في طلب الشيخ جابر، وبكت النساء، التي عرفت أنه سيُقتل لا محالة، لِما عُرف عن الجزار من ظلم واعتبر الشيخ جابر في عداد ضحايا الجزار. وصل الشيخ جابر إلى عكا، وعندما دخل إلى القصر، وكان واثقا أنه سيموت، إن كُتب له الموت، فأخذ يسأل: أين هذا الجزار، وحاول مرافقوه أن يردعوه قائلين، إن الجزار لا يغفر هذا التصرّف، لكنه أصرّ ألاّ يخضع للمذلة، وأن يواجه الجزّار رافع الرأس. وقف أمامه قائلا للجزار: ها أنا هنا، ماذا تريد؟ فوجئ الجزار بهذا التصرّف، وأراد أن يتحقق من هو هذا الشخص، وراء هذا التصرف الجريء. تريّث وقال له: أنت عثرت على كنز، ولم تصرّح عنه. قال له الشيخ جابر بشموخ: نعم أنا لدي كنز ثمين هو، أرضي، وأولادي، ونشاطي، وجهدي، وكرامتي، وهذا ما اعتز ّبه. قال له: ألم تعثر في الأرض على أي جواهر، أو أشياء ثمينة مدفونة؟ أجاب: نعم، عثرت على كنوز الأرض من خيرات، ومزروعات، استخرجها منها، بعرق الجبين، وبالمشقة والتعب، لكيلا أكون عالة على الآخرين. سُرّ الجزار من هذه الأجوبة، وفهم أنه أمام إنسان صادق، مجتهد لا يضرّ أحدا، ويعتمد على كدّه وجهده في المعيشة. قال له: أحييك أيها الشيخ، وأنا أقدّر الرجال الحقيقيين، وأعيّنك مندوبي في المنطقة. هكذا استطاع الشيخ جابر أن يفحم كل أعدائه، وأن يرفع اسم الطائفة الدرزية وقرية حرفيش في تلك المنطقة، وتمكّن من أن يبرز هيبتها وجدارتها وعزّتها. ومنذ ذلك الوقت، اعترف الأعراب حولها بمكانتها، وتوقّفوا عن التعرّض لها، والاعتداء عليها لفترة. وأنجب الشيخ جابر عددا من الأولاد تولّى القيادة منهم ابنه الشيخ خالد.

مقالات ذات صلة:

في خصلة الاتّباع

كثيرةٌ هي الأسئلة الّتي تُطرح يوميًّا على أسماع مرشدي قسم التّوعية التّوحيديّة، الّذين يحملون أمانة نشر الوعي الدّينيّ والثّقافيّ بين