الموقع قيد التحديث!

تربية النحل عند المشايخ الدروز وفوائده

بقلم الشيخ أبو نعيم نسيب بدر
حرفيش
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

دخل الجيش الفرنسيّ زمن الانتداب الفرنسيّ في لبنان على قرية إبل السقي لكي يتمركزوا فيها، ولمًا اِعترضهم الكاتب سلام الراسي حيث كان متشدِّدًا في رأيه، طرده الفرنسيّون واستولوا على بيته وسكنوا فيه. بعد مدّة طويلة خرج الجيش الفرنسيّ من إبل السقي وعاد سلام الراسي إلى بيته ليجد هناك بقايا من أمتعتهم وبعضًا من الكتب الدينيّة التوحيديّة كانوا قد استولوا عليها المرتزقة العرب من بيوت الدروز في إبل السقي الذين كانوا مع الجيش الفرنسيّ. وعندما رآها صاحب البيت اتّصل بالشيخ المرحوم أبو علي مهنا حسّان الرئيس الروحيّ للطائفة المعروفيّة في حاصبيا وأبلغه بالأمر. أتى الشيخ أبو علي مهنا حسّان على رأس وفد كبير إلى بيت السيّد سلام الراسي وقد أعاد لهم الكتب الدينيّة فشكروه كثيرًا وكان فخورًا في هذا الموقف الشريف.

بعد هذا الحدث سادت علاقة طيّبة فيما بينهم، وكان سلام الراسي يعمل في تربية النحل في أيّام شبابه، وعندما التقى بسماحة الشيخ أبو علي مهنا سأله عن رأيه في النحل. فأجابه سماحة الشيخ الذي كان حجّة زمانه: أن النحلة إذا لدغت إنسانًا ماتت في الحال، وإذا مسّ جناحها العسل علق بها فلا تستطيع أن تفلت منه، ولا بدّ من موتها فما هي حكمة الله في هذا الشأن؟ قال سلام الراسي: كنت أجهل هذه الأمور والنحلة لا تلدغ إلّا دفاعًا عن قفيرها فتموت في الحال شهيدة وطنها، ولو سمحت لها العناية أن تلدغ وتبقى حيّة لكان بإمكان قفير من النحل أن يهزم أكبر جيش من الرجال، لذلك جعل الله موت النحلة وداعًا لها فلا تعتدي إلّا على من اعتدى على قفيرها. ويمضي الشيخ المرحوم ليقول: ولمّا كان العسل مادّة شريفة طاهرة في شفاء الناس بإرادة الله فيجب أن يُصان ولا يمسّه مكروه حتّى جناح النحلة التي جَنَتهُ، فقد يكون جناحها ملوّثًا، والعسل يجب أن يبقى طاهرًا لذلك تحاذر النحلة ألّا يمسّ جناحها العسل لكي لا تعلق وتموت. وهذه كذلك حكمة سامية. وهل تعلم أن العسل الصافي إذا وضعته في وعاء نظيف لا يفسد مهما طال عليه الزمن، والعسل مال حلال والحلال يدوم والنحلة تجني العسل بتعبها ولا تؤذي الأزهار التي تمتصّ رحيقها، بل بالعكس فإنّها تنقل اللقاح من زهرة إلى زهرة فتنتفع الزهرة بمقدار ما تنتفع النحلة، فيكون العسل مالًا حلالًا والمال الحلال يدوم. النّحّالة يجنون العسل من القفير في أيّام الربيع وأوائل الصيف وقبل أواخر الصيف، ويمتنعوا عن جني العسل قبل تشرين ويتركون النحل يجمع الرحيق من زهر الطّيّون في شهر أيلول وتشرين أوّل ليكون مونة النحل في أيام الشتاء، ويُذكر أن عسل الطيّون هو عسل مميّز عن باقي الزهور، وقديمًا كان بعض النّحّالة يتقصّوْن آثار النحل على الصخور حتّى يصلوا إلى خليّته وقفيره بداخل الصخور أو داخل الأرض من أجل جنيها. ويُذكر أنّ القزيزة هي مادّة خفيفة تعيش على وجه الماء ولونها أخضر يقف عليها النحل ليشرب الماء، كما أن الفلّاحين كانوا يقتلون الدبابير في موسم إزهار الأشجار المثمرة في بعض المناطق لأنّ الدبابير تقتل النحل وتقلِّل من قيمة تلقيح الزهور.

مقالات ذات صلة: