الموقع قيد التحديث!

النقاب يزيد من وقار الفتاة الدرزية وجمالها

بقلم السيدة سهام ناطور (عيسمي)
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

من أروع المناظر والمشاهد التي تتكرّر كل سنة في ليالي العشر المباركة في قرانا الدرزية، هو مشاهدة مئات الرجال والنساء المتدينين، بعد خروجهم من الخلوات، وعودتهم إلى بيوتهم، حيث يكسب هذا المنظر، شوارع القرى الدرزية، هالة كبيرة من الروعة والجمال والقداسة، إذ تمتلئ الشوارع، بمعتمري العمائم البيضاء من المشايخ والشباب المتدينين، وبذوات النقاب الأبيض الناصع من النساء والفتيات، والكل خارج من الخلوات بارتياح، ورضا، واعتزاز، بالموقف الديني الرائع، الذي تواجدوا فيه، وبالزهو بليالي العشر المباركة، التي تكسب الواقع الدرزي في تلك الأيام، بمشاعر وخواطر وأفكار، فيها إيمان، وتعالٍ، وترفُّع عن هموم الحياة اليومية، التي تواجه كل فرد في حياته الخاصة. وفي ليالي العشر المباركة، يزداد عدد الشباب غير المتدينين، الذين يقبلون على الخلوات، مع غطاء رأس، ويدخلون بخشوع وأدب، وينسجمون في الأجواء الروحانية، التي تسود الخلوة، وهذا ما يحدث مع عشرات ومئات الفتيات الدرزيات غير المتدينات، وفي أعمار مختلفة، حيث ترتدي كل واحدة منهن، اللباس الأسود المحتشم، وتضع على رأسها النقاب الأبيض الناصع، وتدخل إلى الخلوة، بزهو وخيلاء، مفتخرة بانتمائها وبعقيدتها، بالرغم من أنها لم تصل حتى الآن إلى مصاف المتدينات. ونلاحظ دائما منظرا مثلجا للصدور، وباعثا على الفخر والاعتداد بالطائفة، وهو أن الفتاة الدرزية غير المتدينة، تبرز في هذا الموقف، في كامل أناقتها وجمالها وحضورها، وهي تشعر دائما، بأنها تلفت النظر، وأنها لا تقلّ جمالا ومهابة من النساء الفاضلات المتدينات الجالسات في الخلوة. ونلاحظ عادة، أن الكثيرات منهن، يلتحقن بصفوف الدين بعد التعليم والزواج، ويواظبن على الحضور للخلوة، وعلى ارتداء اللباس الديني، في كافة أيام السنة، وليس فقط في عيد الأضحى المبارك.

ونحن لأسفنا الشديد، نشهد هذا المنظر الرائع، لفتيات درزيات غير متدينات، تتوّجن رؤوسهن بالنقاب، في مناسبة أخرى، هي الوفيات والجنازة وأيام الحداد، حيث نلاحظ أن كل من تحضر إلى بيت الشعب، أو المأتم، سواء كانت من قريبات المتوفى، أو من اللاتي تحضرن للمشاركة، ترتدي اللباس الأسود، والنقاب الأبيض على رأسها، وتشارك في الموقف والموكب، بصورة حقيقية، ممّا يكسب المنظر الإجمالي، الهيبة والوقار والتقدير والاحترام للمتوفى وأهله.

وما يمكن أن نتعلمه من هذين الموقفين، ليالي العشر ومواقف الحداد، هو أن العقيدة الدرزية، ودين التوحيد، والإيمان بالل،ه سبحانه وتعالى، وبوحدانيته، هي أمور راسخة في نفوس، وفي قلوب، وفي عقول، وفي أذهان، الشبيبة الدرزية من الجنسيْن، حتى وهم غير متدينين.  والذي نعلمه على مدى ألف سنة، هو أن المجتمع الدرزي، ينقسم عادة إلى متدينين وغير متدينين، وما لاحظناه، هو أن غير المتدينين من الجنسيْن يشعرون بدفء التوحيد، وحرارته، ورسوخه، بشكل لا يقل عن المتدينين، بالرغم من عدم اطلاعهم الكبير، على مكنونات التوحيد، لكن الرمز ، والمزايا، والمناقب التوحيدية، التي يعرفونها عن دين التوحيد، من آبائهم، وأمهاتهم، وأجدادهم، كافية لأن يتمسكوا بهذا المعتقد النبيل الرائع، الذي أثبت وجوده خلال ألف سنة، والذي بعث الشجاعة، والقوة، في نفوس المؤمنين به، وجعلهم يتغلبون على أكبر المصائب وأكثر المحن.   

مقالات ذات صلة:

الصوفيّة ومذهب التوحيد

ظهر النزوع إلى التنسُّك والتقشُّف في القرن الثاني الهجري، التماسًا للتقرُّب من الله بالصلوات والتأمُّلان، وتحوّل إلى التصوُّف بالتعبُّد، وتصفية