الموقع قيد التحديث!

المَرْحوم الشّيخُ أبو رِياض كَمال اِسْماعيل فرج

بقلم الشّيخ الدّكتور سليمان يوسف الخَطيب
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

غيّب الموتُ عنّا بشكلٍ فجائي في ظهيرَةِ يَوم الأحد المُوافِق السّابِع مِن شَهْرِ شِباط الفائِت، الشيخ المرحوم أبو رياض كمال إسماعيل فرج، عَن عمرٍ ناهز السّابِعَة والسّبعينَ عامًا قَضاها في العِلْمِ وَالعَمَلِ الصّادِق النّابِع مِن نِيَّتِهِ الطّيبَة وَعَطاءِه الفَيّاض لِوَجْهِ الله سُبْحانَهُ وَتَعالى. وَقَد عُرِفَ المَرْحوم بأخلاقِهِ الحَميدَة، وحلمَه الواسِع وسعة صَدْرِهِ وَصَبْرِهِ الجَميل.

وِلِدَ المَرْحوم في قَريةِ يانُوح سَنَة 1943 لِأبَويْنِ كَريمين وتَحْتَ كنف والِدَهُ المَرْحوم الشّيخ التّقي النّقي أبو محمد إسْماعيل فَرَج، وَتَربى أحسَن تَرْبِيَة عِمادَها المَبادِئَ التّوحيدِيَّة وَالاِنْسانِيَّة، وذلِكَ تَمَثَلَ في حُسْنِ خُلْقِهِ وَمَسْلَكهُ الحَياتي المُميز وَرِضاه بِقَضاءِ الله حَتّى اِرْتَقى إلى مَصافِ المَشايخ الاَتْقِياء الواعينَ المُتَواضِعينَ في تَعاملهم مَعِ الآخرينَ بِصِدْقٍ وَاَخْلاصٍ.

تَعَلَّمَ المَرْحوم في مَدْرَسَةِ القَرْيَةِ وَبَعْدَها وَبِدعْمِ والِدِهِ أكْمَلَ تَعليمَهُ الثّانَوِي في مَدْرَسَةِ كُفر ياسيف في أواخِرِ سَنَواتِ الخَمسين مِنَ القِرْنِ الماضِيَ، وَبَعْدَها كانَ مِن أوائِلِ المُتَعلِّمين في قَرْيَةِ يانوح. وَبَعدَها بَدَأ مِشْوارِهِ العَمَلِيِّ في التّدْريسِ في مَدْرَسَةِ جث لِمُدّةِ سَنَة واحده ثم اِنْتَقَلَ لِيُعَلِّم اللغَة الاِنْجليزِيَّة في مَدْرَسَة يانوح الاِبْتِدائِيَّة حَتّى عام 1982 عِنْدَ نَقْلِهِ مَع طُلّابِهِ إلى العَمَلِ في المَدرَسَةِ الشّامِلَةِ مَرْكِز الجَليل لِغايَةِ سَنَة 1995. ومِن ثًمَّ رَجِعَ لِلعَمَلِ في المَدْرَسَةِ الاِعْدادِيَّة يانوح جث بَعْد فَصْل المَجْلِس الاِقْليمِيِّ مَرْكِز الجَليل إلى مَجالِس مَحَلِيَّة. وخَرَجَ المَرْحوم للِتّقاعد ِ سَنَة 1997 وَبِهذا كانَ قَد أدّى رِسالَته التّرْبَوِيَّة بِأحْسَنِ وَجْهٍ لِمُدّةِ سَبعَة وَثلاثينَ عامًا تارِكًا بَصَماتٍ مُميَّزَةٍ في نُفوسِ وَسُلوكِ طلّابِه الكَثيرونَ وَمِن جميعِ القُرى.

عَمله الدّنيَوي لَم يُثْنِهِ عَن واجِبِهِ الدّيني إذ اِلْتَحَقَ بِركبِ سَلْفِهِ الصّالِح وَرِجال الدّين في جيلٍ مُبَكِرٍ. كانَ المَرْحوم رَفيقًا لِوالِدِهِ وَعَمِّهِ المَرْحوم الشّيخ أبو عَلي مهنّا فَرج وَكوكَبَة مِن المَشايِخ حيث رافقهم وَساعدهم وَشارَكهم في سَهراتِهم الدّينِيَّةِ مَعَ مَشايِخ البِلاد وَغَيْرِها، وِمِن خِلالِ هذا المَسْلَك اِكْتَسَبَ المَرْحوم الكَثير مِن القِيَمِ وَتَهذيبِ النّفس وَتَقْوِيَة مَسْلَكِه وَتَقْواه وَمَحبَتِهِ لِإخوانِ الدّين. كانَ المَرْحوم مَرْجعًا لِكَثيرونَ مِن أهالي القَرْيَة حيث كانَ بيتَهُ مَفْتوحًا لمن قَصَدَهُ وكانَ يكتب الوَصايا لِلجميعِ وَبهذا حاز على ثقة الجميع الكِبار وَالصِّغار، كَما وَكانَ واعِضًا مُميَزًا في الخلوة حيث تَمَيَّز وعضَه بِالوُضوحِ وَالأداء الخاص بِهِ والّذي ما زالَت كَلِماتِهِ تَرُنُّ في آذانِ مَسامِعِهِ وَيَتَشَوقونَ لِسَماعِ وَعْضِهِ الخاص.

أخلاق المَرحوم وَمعاملَتِهِ وَعلاقاتِه الطّيِّبَة وَمُشارَكتِه النّاس بِالأفْراحِ والأتراحِ، رِضائِهِ بِقَضاءِ الله مَسْلَكَهُ الدّينِيِّ وَعلاقَتِه مَع مَشايِخ البِلاد وَجُبْران خَواطِر القاصِدين لَه أدّى إلى حُب النّاس لَهُ وَلوعتهم عليه عِندَما سَمِعوا خبر وَفاتِهِ المُفاجِئ الغير مَحسوب حيث وَقَعَ خبر رَحيلَهُ على جميع سكان القريَة وَمعارِفه عامّة كوقِع الصّاعِقَة… غير مُصَدقين ما حدَث ولكِن هذا قَضاء الله عَزَّ وَجَلَّ.

عَزاء الأهل والأقارِب وَالانسِباء وَمعارِفِه بِإرثِه الطّيب الذي تركَهُ وَبِذِكْرى شخصه الكَريم المُميّز وزوجتَه المَصون أُم رِياض الّتي ساندتْهُ وَعَمِلَت الكَثير من أجل تَوفير الحَياة الكَريمَة لَهُ عَلى مَدار ِ سَبْعَة وَخمسين عامًا وأخيهِ وهبه لهُوَ العَزاء بِفُقْدانِ راحِلنا الكَريم الشّيخ أبو رِياض. إلى جَنّات الخُلد يا أبا رِياض أسْكنَكَ المولى فَسيح جَنّاتِه وألهمنا الله سبحانه وتعالى جميعًا الصّبر وَالسّلوان. إنّا الله وإنّا إليه راجِعون.

مقالات ذات صلة: