الموقع قيد التحديث!

التعدّديّة الحضاريّة العالميّة

بقلم د. جبر ابوركن
عسفيا
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

موديل التعدّديّة الحضاريّة العالميّة (Global Cultural Pluralism) يشمل كلّ بقاع ودول وشعوب العالم بواسطة وسائل وشبكات الاتّصال والتواصل الحديثة الإلكترونيّة واللاسلكيّة والفضائيّة العديدة والمتزايدة المنتشرة في العالم، حيث يكاد الإنسان الحديث يغرق في بحار الانترنيت والفيسبوك والتيك-توك، ناهيك عن شبكات الاتصال الفضائيّة القادمة. هل هذا الموديل الجديد للاتصال العالميّ يهدّد الفروق المتعدِّدة بين البشر والحواجز المختلفة بينهم؟ هل نحن في الطريق إلى شعب عالميّ واحد وموحَّد؟ أو دين عالميّ واحد؟ أو عالم جديد واحد بدون فروق عرقيّة وقوميّة ودينيّة؟ من الواضح أنّ شبكات الاتصال العالميّة قصّرت المسافات والزمان والمكان بين الدول والشعوب، ووفّرت مصادر إعلام وعلوم ومعارف وثقافة من الجميع وللجميع بشكل سريع وسهل وهائل. حيث أصبح العالم الكبير بما فيه كلّ شيء داخل بيتك وفي جيبك بواسطة الهاتف النقّال اللاسلكيّ، وأصبح الإنسان هو العالم. والعالم هو الإنسان! إلى متى سيبقى الإنسان منعزلًا ومتقوقعًا داخل انتمائه الفرديّ الضيّق-عرقيّ أو قوميّ أو طائفيّ أو دينيّ وغيره؟ هذه إحدى التحدّيات الكبرى التي تواجه الإنسان المعاصر والمستقبليّ في هذا العالم. خاصّة المجموعات الصغيرة التي تهدِّدها المجموعات الكبيرة بالابتلاع، والانصهار، والضياع، والتلاشي. وهنا نصل إلى مصير طائفة الموحِّدين الدروز صغيرة العدد (حوالي مليون ونصف – مليونين تقريبًا) وهم في حالة تراجع وتقهقر من حيث العدد السكانيّ بسبب الهجرات والزواج المختلط والانصهار الحضاريّ، وقلّة الانجاب، وعدم قبول منتسِبين جدد للدين بسبب منع ذلك منذ فترة دعوة التوحيد وإغلاقها بسبب الملاحقات والاضطهاد والحروب قبل ألف عام تقريبًا. مع كلّ الفوائد الكثيرة للعولمة في معظم المجالات للإنسان الفرد والمجموعات والدول، إلّا أنّها تشكّل خطرًا وتحدّيًا للمجموعات الصغيرة وخاصّة المغلقة والمتقوقعة والمنعزلة. الإنسان الفرد في هذه المجموعات يعيش في مأزق حياتي بين المحافظة على المتوارث والقديم والمنغلق من جهة، ومن جهة أخرى الرغبة في الانفتاح والتحرُّر وحبّ الاستطلاع والعلم والعمل والاندماج في بحر العولمة الواسع والغريب والمخيف والجذّاب والخطير. هل من طريق وسط بين هذا وذاك؟ بين القديم الجديد؟ بين الماضي والحاضر؟ بين الدين والعلم؟ هل ممكن الجمع بين المتناقضات؟ مَن أهمّ للإنسان في حياته الحاضرة والقادمة؟ صحيح أنّ خير الأمور الوسط في معظم الحالات والمواضيع. ولكن الأبقى يبقى للأفضل والأحسن للإنسان في حياته حسب اختياره وأهدافه ومصالحه. ممكن المحافظة على التراث والقديم من جهة، ومجاراة الحديث والحضاريّ إلى زمن ما. ولكن ليس الجميع ينجح بذلك. ومن لا ينجح في التأقلم مع الظروف المتغيرّة والتغيّرات المتواصلة في الزمان والمكان في هذا العالم، من الصعب عليه الصمود والاستمرار في منهج وأسلوب حياته القديم والمتوارث، لأن متطلبات وحاجات الحياة الحاضرة أقوى من الماضي ومركّباته.

مقالات ذات صلة:

العدد 157 – تموز 2021

Share on whatsapp Share on skype Share on facebook Share on telegram لمشاهدة وتحميل العدد Pdf لجميع اصدارات المجلة