الموقع قيد التحديث!

متفرّقات من “الذّاكرة الدّرزيّة”

بقلم المرحوم الشّيخ سميح ناطور
“الذّاكرة الدّرزيّة”
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

جمعها المرحوم الشّيخ سميح ناطور والّتي ستصدر قريبًا ضمن كتاب شرع بإعداده قبل وفاته تحت عنوان: “الذّاكرة الدّرزيّة” وهو مشروع لجمع وتدوين ونشر قصص من تراث وتاريخ أهل التّوحيد


كيف شجّع كبار المشايخ، المقاتلين الشّباب على حمل السّلاح للدّفاع؟

عاش في قرية دير كوشة، فضيلة المرحوم الشّيخ أبو الفهد جميل ضو (1911- 2006)، رفيق درب للمرحوم الشّيخ التّقي أبو حسن عارف حلاوة، وأسد الشوف المرحوم الشّيخ أبو محمد جواد، وباقي الشّيوخ البارزين الّذين حملوا لواء التّوحيد في فترة من أصعب الفترات، حيث كان التّواجد الدّرزيّ في لبنان مهدَّدًا بالخطر، أيّام الحرب اللبنانيّة، في الثّمانينات من القرن الماضي. وقد وقفوا بعزيمتهم وإيمانهم وتضحياتهم وشعورهم الصّافي بصدق القضيّة، وبنبل الموقف وبالتّوكل على الله، سبحانه وتعالى، وقفوا أمام خيرة شباب الطّائفة الّذين لبّوا نداء الواجب، وهرعوا إلى ساحة المعركة بدون خوف أو وجل أو حساب، واستماتوا من أجل تحرير مقام الأمير السّيّد (ق)، ومن أجل تحطيم المؤامرات الدّنيئة، ومن أجل المحافظة على الأرض، والوطن، والطّائفة، والكيان.

 وكان الشّيخ أبو فهد العنوان الكبير للشّجاعة والمروءة، وكان يتوجّه بنفسه إلى مواقع القتال على الرّغم من سنّه المتقدّمة، وكونه إنسانًا متديّنًا متكمّلًا، وكانت هذه إشارة للمقاتلين بأنّ الدّفاع عن الأهل والأرض هو واجب مقدّس.

المرجع: مجلة “العمامة” – العدد 73


أين نجد التّقوى النسائيّة الخالصة?

نجدها عند السّت سعدى والسّت نبيهة من بعقلين. فالسّت سعدى تقي الدين، توصّلت إلى مرتبة عالية من التّقوى والعبادة والتّقشُّف وكان يقصدها النّاس ليتعلّموا منها مسائل الدّين ويتبرّكوا منها ويقدّموا لخلوتها ما تيسّر لديهم من المساعدة، تعطيها هي بدورها للمحتاجين من الإخوة والأخوات. وكانت السّيّدة نبيهة تقيّ الدّين قريبة السّت سعدى وهي تقيّة أيضًا بدرجة عالية، وكان يقصدها الكثيرون للتبرّك وقد انصرفت للعبادة والتّقشُّف في خلوتها الّتي تشكّل جزءً من مجلس العائلة. وقد فتحت خلوتها والمجلس لتعليم البنات الصّغيرات من الأقارب والجيران القراءة والكتابة والخطّ والأشعار الدّينيّة وما يستطعن فهمه من كتب الدّين وكانت تفسّره لهنّ وقد عاشتا إلى الرّبع الأخير من القرن العشرين وتعدتّا الثّمانين عامًا.

المرجع: كتاب “المرأة في مجتمع الموحدين الدروز بين الأمس واليوم” للسيدة اديل حمدان تقي الدين


لماذا أهمل الدروز تدوين التّاريخ؟

الطّائفة الدّرزيّة زاخرة بشخصيّات دينيّة وسياسيّة وثقافيّة واجتماعيّة واقتصاديّة كبيرة، كان لها دور هامّ في المجتمع، وفي تاريخ الطّائفة على مرّ العصور. لكن وللأسف الشّديد، أهملت الطّائفة الدّرزيّة ما يُسمى تدوين التّاريخ، واعتمد زعماؤها ورجالاتها في السّابق، على القول المغلوط التّافه: “نحن نصنع التّاريخ، وغيرنا يكتب” وكان هذا خاصّة في لبنان، وكانت النّتيجة أنهّم حقيقة صنعوا التّاريخ، لكنّ غيرهم الّذين اعتمدوا عليه، زوّر وزيّف وشوّه هذا التّاريخ، أو أنّه أهمله، ودوّن أشياء أخرى صغيرة الحجم تابعة له، أصبحت مع الوقت مرجعًا واستنادًا للمؤرّخين. وقد كان هذا الموضوع أحد العوامل في خسارة الدّروز لمكانتهم التّاريخيّة الكبيرة في لبنان، فبعد أن حكموها وكانوا أسيادها خلال 800 عام، بدأوا يخسرون مواقعهم إلى أن وصلوا إلى ما وصلوا إليه في الآونة الأخيرة.

المرجع: مجلة “العمامة” – العدد 90


ما هي العلاقة بين الهوّارة والدّروز؟

يظهر لي من تجاربي ومعاشرتي للّناس، أنّ هنالك عاطفة خفيّة مرئيّة بين بعض الدّروز والهوّارة، في هذه الدّيار. فهناك ألفة وتبادل تعارف واحترام. وهنالك تزاور بينهم في الجليل وجبل الدّروز، حيث يعيش الهوّارة من الهنادي، والدّروز ومشايخهم من بني هلال وربيعة لليوم.

ويُلاحَظ أنّ بين الدّروز والهوّارة وحدة وتقارب في العقليّة والمعشر والأحاسيس، وفيهم الرّجولة والفروسيّة ونبل الأخلاق، ومُثلهم العليا واحدة، ومعاملتهم للمرأة واحترامها غاية في الاعتزاز، وهم يشبهون بعضهم في الصّفات البشريّة المركّزة الأصليّة، مثل الشّجاعة والكرم والنّجدة والثّورة والصّبر والقناعة والمحافظة على العرض والعصبيّة وسرعة الانضمام لبعضهم بعضًا عند الملمّات. وكلاهما مولع بالقهوة السّادة، والخيول الأصيلة، ومآكلهم متشابهة، ومطبخهم واحد، والخبير باللّهجات العربيّة، يجد أنّها تكاد تكون واحدة، ففي الجليل والشّام، متشابهة لهجاتهم، وهي تفترق من لهجات نابلس والخليل وجبل القدس.

المرجع: كتاب ” الحواريون، نحن أنصار الله” للمحامي محمد نمر الهواري


هل ينقصنا شيء للحصول على أكبر الجوائز؟

 لقد برهن فضيلة المرحوم الشّيخ أبو محمد جواد، أنّ التّألّق لا يحتاج إلى مال، ولا إلى عائلة، ولا إلى قوّة، وإنّما يحتاج إلى موهبة ورغبة وتصميم ومثابرة وثقة بالنّفس ودعم من المحيط القريب، وتعاون من أصحاب الوظائف والمناصب والمسئولين. لقد حصل زعماء ومشايخ وقادة دروز على ألقاب، مثل شيخ الجزيرة، أسد الشّوف، عامود السّماء، أبو الثّورات، أمير البيان وغيرها. ونأمل أن نحظى في يوم من الأيّام، أن يحصل واحد منا على جائزة نوبل وما يشابهها في المجالات العلميّة، وهذا ليس بحلم بعيد، فبإمكاننا تحقيق ذلك. فالمطّلع على تاريخ الطّائفة الدّرزيّة المجيد، يعلم أنّنا حقّقنا أكثر من ذلك، ولدينا انجازات خارقة، وإذا قرّرنا شيئًا، فبعونه تعالى، يمكننا أن ننفّذه ونحصل عليه. فالطّائفة الّتي أسّست دار الحكمة، في حين كانت عواصم أوروبا مستنقعات إقطاعيّة، والّتي نشرت مبادئ المساواة والعدل والحرّيّة، قبل الثّورة الفرنسيّة بمائتي عام، والّتي منحت المرأة الدّرزيّة حقوقًا متساوية، قرونًا قبل سويسرا وهولندا وإنجلترا وغيرها، والوحيدة الّتي صمدت أمام ابراهيم باشا، الّذي اجتاح إحدى أكبر الامبراطوريّات في التّاريخ، والّتي رفعت لواء الثّورة والتّحرّر أمام شعوب المنطقة وعلّمتهم التّضحية والكفاح، هذه الطّائفة بإمكانها أن تتكيّف مع روح العصر، وأن تنبت من صفوفها قدرات وقوى ومواهب وشخصيّات تحقّق أكبر الانجازات.

المرجع: مجلة “العمامة” – العدد 106


ماذا قال الوالد لابنه الّذي عثر على أموال وأعادها كلّها؟

كان لبيب صعب سنة 1927 عمره سبع سنوات يلعب مع أقرانه على طريق صيدا، في حيّ الأمراء في الشّويفات. وفجأة رأى الدّركي كامل صعب راكبًا صهوة جواده نحو بيروت. وعندما وصل قريبًا منه لكز الحصان فقفز وأخذ يعدو، وتسببّت القفزة من خروج مسدّس كامل من قِرابه وسقوطه على الأرض، ركض لبيب والتقط المسدّس ونادى كاملًا ولم يسمعه. فأخذ لبيب المسدس وأخفاه في عليقة خلف المنزل. وبعد دقائق شاهد لبيب كاملًا يمشي الهوينة ويبحث في الأرض، فأدرك أنه يفتّش عن المسدس، فركض وجاء به وأعطاه إيّاه. ولمّا أخبر والدته شكرته وأوصته أن يردّ الأمانات دائمًا. وفي عام 1935 بلغ الخامسة عشرة وعمل مساعد نجّار في سوق النّجّارين في بيروت. وفي أحد الأياّم الماطرة وقف لبيب يشاهد انهمار المطر من خلف الباب الزّجاجيّ، وإذا برجل يركض خوفًا من البلل ومدّ يده إلى جيبه، وأخرج منديلًا وضعه على رأسه، وخرجت مع المنديل ورقة نقديّة وقعت على الأرض. فتح لبيب الباب والتقط الورقة فإذا هي من فئة المائة ليرة، وتطلّع إلى الرّجل فرآه قد اختفى، شاهده الرّفاق وقالوا وجدت قطعة نقديّة ونحن شركاء، كم هي؟ قال لهم: إنّها ليرة وسأشتري بها حلوى ونأكلها بعد الغداء وفعل. وفي المساء أخبر والده وسلّمه 99 ليرة فسأله والده ألم تتمكّن من اللحاق بالرّجل؟ فأكدّ له ذلك ولم يشاهد وجهه ليتعرّف عليه. عندها أفتى والده أن الدّراهم حلال عليهم واشترى حمارًا.

وفي صباح عام 1936 خرج لبيب من منزل والده فوجد صرّة على الطّريق التقطها وتفقدّها ووجد فيها نقودًا وعدّ المبلغ فوجده 350 ليرة لبنانيّة. رجع إلى البيت وأخبر أمّه الّتي قالت سوف ننتظر إذا حدا سأل. وبعد ساعة سُمعت أصوات في الخارج ورأى قريبه علي صعب يقول لابن عمّه إنّه مال النّاس فكيف أستريح؟ عرف لبيب أنّه صاحب المال. فناداه قائلًا: عمّي علي اِعمل معروف مُر علينا. وكان لهذه الصرّة قصّة طويلة لكن أم لبيب سلّمت الصرّة لصاحبها.

وفي عام 1937 ترقّى لبيب في عمله وأصبح يتقاضى ثلاث ليرات في الأسبوع، وأخذ يصطاد العصافير. وقد صاد عصفورًا فلحقه وهناك وجد محفظة نقود من الجلد الأسود عدّها 3500 ليرة وأيضًا خاتميْن من الذّهب الخالص، وأخذ لبيب يفكّر: ما بال الدّراهم تعترضه كيفما سار وفي كلّ مرّة تزداد عن المرّة السّابقة، لقد أصبح في السّابعة عشرة من عمره ولم يملك مرّة أكثر من عشر ليرات، لكنّه يجدها في الطّرقات بالمئات والألوف. والآن وجد ثروة في عمق صحراء الشّويفات. فهل سيظهر صاحبها؟ وتمنّى لبيب ألّا يظهر. لكن فرحه لم يطل. فقد شاهد من بعيد محمّد علي قاسم يضرب رأسه ويقول: يا خراب بيتي. وكان قد أخبر والده أبو سليمان. فسأل أبو سليمان محمد ما بك؟ قال إنه أضاع محفظة نقوده وفيها سبعة آلاف ليرة. قال له: اِذهب وفتّش في المنطقة وعد إلينا. وكان أبو سليمان قد لاحظ أن ابنه كان مرتبكًا فسأله: ما الخبر؟ أعلمه أنّ المحفظة فيها فقط 3500 ليرة وليس 7000 ومحمد علي يكذب. قال والده: اترك الأمر لي. وبعد قليل عاد محمد فتناول أبو سليمان عصا وضربه بها ضربة شديدة. ذُهل الرّجل فضربه أبو سليمان ضربة ثانية فقال له أضربك لأنك تكذب. فمن أين لك 7000 ليرة لتضيّعها؟ فكاد الرجل أن يبكي وقال له: إنّه ثمن بيتي وقد بعته أمس، لكنّ الحقيقة أن المبلغ هو 3500 فقط. عندئذ التفت أبو سليمان إلى ولده وقال له: أعطه محفظته. فوقع محمد على قدمي أبي سليمان وشكره وفتح المحفظة وتناول منها مائة ليرة وخاتمًا ذهبيًّا وأعطاه إلى لبيب. وبعد ذهاب محمد علي قال أبو سليمان لابنه: يا لبيب إن الليرات المائة التي أخذتها هي أكثر بركة من الألوف التي تنازلت عنها؟

المرجع: كتاب “قصص ومشاهد من لبنان” لمحمود خليل صعب – ص351


ماذا كان طلب الفارس الّذي خُدع؟

تُروى في الدّواوين، والأوساط الشّعبيّة، قصّة ذلك الفارس الشّهير الّذي سافر من قرية إلى قرية، راكبًا جواده، وفي طريقه، مرّ بإنسان يبدو مريضًا مسكينًا يجلس على قارعة الطّريق، ولمّا سأله عن حاله، فهم أنّه ضعيف وبحاجة إلى مساعدة ونقل إلى مكان مناسب، فرفعه بكلّ قواه إلى ظهر الجواد وأركبه خلفه، وكرّ مسرعًا إلى القرية ليسعف المسكين، أمّا “المسكين” فما كان منه إلّا أن استأسد فجأة واستغلّ لحظة مناسبة وقذف بالفارس عن ظهر الجواد ومسك زمام الجواد وولّى. تغلّب الفارس على عثرته، ووقف ونادى بأعلى صوته لذلك الرجل، أن يقف هنيهة، ليقول له كلمة واحدة، رأى الرّجل أنّ الفارس بعيد عنه وأنّه على ظهر الجواد، فما المانع من الوقوف. ولمّا أصغى إليه سمع الفارس بقول: “إذا سألك أحد عن الفرس، فقل إني أعطيتك إيّاها بمحض إرادتي، ولا تتحدّث عمّا جرى لئلا تنعدم المروءة بين الرّجال.

مقالات ذات صلة:

نشاطات طائفيّة 10\2022-1\2023

المجلس الدّينيّ الدّرزيّ الأعلى يُطلق قصّة الأطفال الثّانية من سلسلة “أنا موحّد” في حدث توحيديّ تربويّ مميّز، تزامن مع عشيّة

“سلامٌ إلى أرضِ حطّين”

بسم الله الرّحمن الرّحيم مع تجدّدِ الرّبيع فوق سفوح حطّين، نعودُ إلى الاجتماع المبارك حول بهجةِ نيسان، مستقبلين أُمّ الزّيارات