الموقع قيد التحديث!

مع الأولياء الصالحين.. المرحوم سيّدنا الشّيخ أبو محمّد حسين ماضي

بقلم الأستاذ الشّيخ غسان يوسف أبوذياب
لبنان
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

عينٌ من الأعيان، وعُنوةُ الزّمان، وسيّد من السّادات، صاحب الفضل الأسنى العميم البركات، الورع الطّاهر العفيف الدّيّان، العارف بالله الجليل، المقبل إليه بقلب خاشع ذليل، المراقب لربّه، الخائف من سلطانه وعظمته، النّقيّ التّقيّ البتول، الصّائم الطّاوي البعيد عن الفضول، نذر نفسه لخدمة الملك العلّام، وارتقى بالخوف والزّهد والورع إلى أعلى مقام، انفرد متعبّدًا ناسكًا في قمم الجبال، متحلٍّ بزاكي الخصال، حريصًا على تناول القوت الحلال، أنيسه في خلوته[1]  وبه جَلْوتُه، عمّت بركاته في سائر البلدان، وكان العضد النّصير للطّهرة الإخوان، لا تأخذه في الحقّ لومة لائم، شجاعًا في كلمة الحقّ لا يخشى سطوةَ متغطرسٍ آثم. إنّه العالم العامل، الفاضل الآثل، سيّدنا الشّيخ أبو محمّد حسين ماضي رحمة الله على روحه النّقيّة، وأعاد علينا من صالح دعواته بحقّ سيّد البريّة، وأسكننا بجواره في الجنّة العليّة آمين.

مولده:

وُلِد سيّدنا الشّيخ أبو محمد حسين ماضي في العبّاديّة، في 12 كانون الأوّل نهار الإثنين سنة 1131ه – 1719م، وترعرع فيها، وعندما بلغ الخامسة عشرة من عمره اعتزل النّاس وبنى خلوة في ضيعته مؤلّفة من غرفتيْن وموقدة بجانب الغرفتيْن من الدّاخل… وقد اتّسعت هذه الخلوة، حتّى أصبحت تضمّ العديد من المشايخ، وأضحت منارة للدّين، خصوصًا في حياة المرحوم الشّيخ أبو حسين سعيد ماضي، وتعرف اليوم ب”خلوات العبّادية”. وما لبث أن تردّد عليه الإخوان للتّعليم والتّبرّك وأمضى شيخنا الجليل معظم أوقاته فيها وفي خلوة الزّنبقيّة (كفر نبرخ- الشّوف متعبّدًا ناسكًا، ملازمًا المراقبة والاستشعار لحضرة الملك العزيز الجبّار، كثير الخوف من هيبته، لعظم معرفته ونقاء سريرته، فكان إذا مرّ بآية تتضمّن معاني الخوف ارتعدت فرائصه هيبة وإجلالًا. وصدق فيه قول كتاب الله العزيز: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَات وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ. {المؤمنون: 60-61}.

وقال الحسن البصريّ: المؤمن يعمل بالطّاعات وهو مُشْفِق وَجِل خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن. وإنّ الخوف من الله من أسباب المغفرة قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) {الملك:12}، والخوف من الله من أسباب دخول الجنّة. قال الله تعالى: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبه جَنَّتَانِ) {الرحمن:46}، والخوف من الله سبب لنيل مرضاته ومحبّته الخوف من الله يجعل الإنسان ممدوحًا مثنيّ عليه. قال تعالى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ* فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).{السّجدة:16-17}. وقد قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ {فاطر: 28}. فكلّما كان العبد بالله أعلم كان أخوف، ونقصان الخوف من الله إنّما هو لنقصان معرفة العبد بربّه.

وقيل: الخوف سراج في القلب، به يُبصَر ما فيه من الخير والشّرّ. وكلّ أحد إذا خفته هربت منه إلّا الله، فإنّك إذا خفته هربت إليه، فالخائف هارب من ربّه إلى ربّه.

“وكان رحمه الله تعالى يرتدي الخشن من الثّياب الّتي يحيكها بيديه الطّاهرتيْن، ولا يأكل اللّحم ولا الفاكهة إلّا أوّلها، ولما سئل عن ذلك قال الامتناع عن الفاكهة بالكلّيّة كبرياء، والاستمرار في أكلها إضاعة للتّقشّف، وكان يصوم طوال يومه فلا يأكل إلّا في المساء”[2].

علاقة سيّدنا الشّيخ ماضي بسيّدنا الشّيخ علي فارس ومشايخ آل طريف:

كان سيّدنا الشّيخ حسين ماضي وسيّدنا الشّيخ علي فارس يتبادلان الزّيارات الّتي كانت مكلّلة بالتّسديد والتّوفيق، ومباركة بالمذاكرات الدّينيّة الرّوحانيّة. ولما توفي سيّدنا الشّيخ علي فارس، أتى سيّدنا الشّيخ حسين ماضي على رأس وفد كبير من لبنان، وحضر مأتمه، وبارك مشيخة العقل الّتي تنازل عنها المرحوم الشّيخ محمود نفّاع الرّئيس الدّيني للطّائفة الدّرزيّة لتلك البلاد في حينه لآل طريف، قائلًا: “ولقد قرّرت بضمير مرتاح وهداية من الرحمن التّنازل عن الزّعامة الدّينيّة للطّائفة الدّرزيّة لعائلة طريف الكريمة اعترافًا لها بالجميل وتقديرًا لخدماتها الجمّة لهذا السّيّد المطاع [سيّدنا الشّيخ علي فارس] والسّلام عليكم جميعًا”. وقبل مغادرة سيّدنا الشّيخ حسين ماضي تلك البلاد قدّم التّعازي لمشايخ آل طريف ودعاهم لضيافته في بيته الكائن في العبّاديّة.

وبعد وفاة سيّدنا الشّيخ علي فارس بقيت الصّداقة الدّينيّة متواصلة بين سيّدنا الشّيخ حسين ماضي ومشايخ آل طريف استكمالًا للطّريق والمسلك الدّينيّ الّذي رسمه مع سيّدنا الشّيخ علي فارس بالمحبّة والأخوّة والهدف المشترك لخدمة الطّائفة ورعاية شؤونها وحفظ مقدّساتها، واعتادوا على اللّقاء الدّائم، وتبادل المراسلات. وقد تأخّروا عليه يومًا بالمراسلة، فكتب لهم هذه الأبيات الّتي تعبّر عن شوقه نحو أشخاصهم الكريمة:

غبتم فما منكم علـم ولا أثر ولا حديث أتى منكم ولا خبر
ولا رسول عـن الأحوال يخبرني عن عذركم فبأيّ العذر تعتذر
قلّتْ قراطيسُكم أم جفّ حبركم أم كان كاتبكم قد مسّه الضّرر
أم الرّسول عصاكم أم رسالتكم من قّبْل أن تأتي إلينا بلّها المطر
أم الرّكائب عـنا صابها عوجٌ أم الطّريق بها من دوننا خطر
أم ناقل السّوء قد زوّر لكم خبرًا عنّي بمـا ليس لي علم ولا خبر
أم هادس جاء في نوم غفلتكم أنّي نقضتُ عهودًا بعدمـا سطَرُ
أم كان ظنّكم ما كان مستترًا بيني وبينكم قـد صار مُشتهَرُ
إن كان ذنب فنحن التّائبون له وذنب مـن تاب عند الله يُغتفَرُ
منّي سلام عليكم كلّما طلعت شمس النّهار وأسفر بعـدها قمر

خلوة العبادية

محطات من حياته:

–          أُسنِدت إليه مشيخة العقل بعد وفاة المرحوم الشّيخ يوسف أبي شقرا، فقام بحمل أعبائها خير قيام.

–          عند الجزّار[3]  في عكّا: قرّرت الطّائفة الدّرزية التّخلّص من الأمير يوسف الشّهابي، بعدما لاقته من جور واستبداد، وانقلابه عليهم بعد تنصّره، وقرّر أعيانها بعد اجتماعهم في نبع الصّفا تقديم عريضة ممهورة بتوقيع الزّعامات الدّينيّة والزّمنية إلى الجزّار والي عكّا، تتضمّن عزل الأمير يوسف شهاب عن الإمارة، وكان سيّدنا الشّيخ حسين ماضي من الموقّعين عليها، بعد قراءتها، وقرّر حمل هذه العريضة بنفسه وتقديمها إلى والي عكا، متمسّكًا بحبل الله المتين، مباركًا مسدّدًا من ربّ العالمين.

وعندما وصل سيّدنا الشّيخ إلى عكّا لمقابلة الجزّار، ودخل عليه لم ينحنِ له، فغضِب الجزّار وأراد أن ينتقم منه، فسأله سؤالًا كان يسأله دائمًا لمن يُريد التّخلُّص منه، وهو أعادلٌ أنا أم ظالم؟ فمن أجابه أنت عادلٌ أمر بقتله، ومن أجابه أنت ظالم أمر بقتله، غير أنّ سيّدنا الشّيخ نظر إلى الجزّار وقلبه الطّاهر مفعمٌ بالإيمان، شجاعٌ غير جبان، لا تأخذه لومة لائم، سليل الأنبياء والأولياء الأعيان. فقال بكل جرأة ورِباطة جأشٍ: أنت لا عادل ولا ظالم، ولكنّ الرّعية عصت الله خالقها ورازقها فسلّطك عليها، وما أنت أمام الله تعالى إلّا عبد. فهاب الجزّارُ سيّدنا الشيخ الجليل المُهاب، المسدّد من ربّ الأرباب، وأُعْجبَ بفصيحِ الجواب، وعلمَ أنّه أمام وليٍّ فاضلٍ عظيمٍ، وطلب منه الجلوس – وهو جالسٌ بحضرة الملك القدّوس – فتقدّم سيّدنا الشّيخ منه وقدّم له العريضة، فقرأها ووعد بتنفيذ ما ورد فيها. ثمّ طلب الجزّار من حاجبه أن يأتيه بكيسٍ من المال، فلمّا أتاه به، قال لسيّدنا الشّيخ: خذ هذا الكيس.

فاعتذر سيّدنا الشّيخ عن أخذه، قائلًا له: لا أقبل العطاء ولا الصّدقة. ثمّ أتاه بخلعة، وأراد أن يخلعها عليه، فاعتذر سيّدنا الشّيخ قائلًا له: أنا لا ألبس إلّا من نسج يديّ. ثمّ قدّم له المصحف الكريم، كتاب الله العزيز، وقال له: اِقبلها هديّة منّي. فقال سيّدنا الشّيخ: حبّا وكرامة. فتناوله منه وقبّله، ثمّ استودعه وانصرف. وكان هذا اللّقاء قد حصل سنة ألف ومِائتين واثنين للهجرة، وعُزِلَ بعدها الأمير يوسف الشّهابي عن الحكم سنة ألف ومِائتين وثلاثٍ للهجرة.

–          كان الأمير بشير الشّهابي الكبير ينحني أمام هيبة سيّدنا الشّيخ حسين ماضي، وكلّما كان يقدم عليه يقوم من مكانه لاستقباله خارج قصره، وصادف أنّ يومًا ما رأته زوجتُه شمسٌ كيف يستقبله، ويقبّل يدَه كعادة الأمراء مع مشايخ العقل، ويخرج من قصره كعادته لاستقباله، فلامته على ذلك، واستهجنت فعلته. فقال لها: إنّ نداء من هذا الشّيخ يجمع حوله الدّروز؛ كلٌّ سلاحُه على كتفه اليمنى، وجِراب زاده في كتفه اليسرى، ولا يسألونه إلى أين، وعندئذ لا يعصمنا دونهم باب.

من كراماته:

–          أرسل الجزار مصطفى آغا على رأس قوّة كبيرة، لأخذ الضّريبة… وما إن وصل الجيش، حتّى تكلّم مصطفى آغا مع الشّيخ كلامًا قاسيًا، فقال له سيّدنا الشّيخ: “أطيعوا الله والرّسول وأولي الأمر منكم”. فلم يركن وإنما أحبّ أن يغنم من الشّيخ فسأله عن الأغلال والضّريبة، فردّ عليه سيّدنا الشّيخ بأنه ظالم، والنّاس في عوز، فاشتدّ غضبه وسحب السّيف من غمده ورفعه ليضرب به سيّدنا الشّيخ، فما لبث أن جمد السّيف فوق رأسه كأنّما يبست يده ولم يكن ينتظر هذا الأمر، فانذعر ذعرًا شديدًا وأخذ يرتجي سيّدنا الشّيخ بأن يعيده كما كان وقال له: “لا شكّ أنك وليّ هذا الزّمان، ولن أفعل معك شيئًا بعد الآن”، فقال له سيّدنا الشّيخ: “عِدني أنّك تخرج من هذه المنطقة وإلا تبقى كما أنت”. فوعده، وبعدها دعا له وعاد كما كان. وهكذا بنيّة سيّدنا الشّيخ وإخلاصه، وصدق معاملته مع الله، دحض طغيان هذا الظّالم المستبدّ.

–          كان سيّدنا الشّيخ يحتاج الماء للشّرب وقضاء حوائجه، ويوجد نبع ماء في أسفل البلدة، وكان يصيبه العناء الكثير حتّى يوصل الماء إلى مكان الخلوة، فكان سيّدنا الشّيخ يستاء من تعب الإخوان، فقال لخادمه الشيّخ محمد أن يذهب بالقرب من الخلوة على بعد خمسين مترًا تقريبًا، وأشار إليه بمكان معيّن، وإذا بنبعة ماء، فأدهش كل من حوله من الإخوان، وأصبح يتواضع لهم، ويحمد الله ويشكره، وأصبحت المياه تكفيه هو وضيوفه.

خلوة الزنبقية (كفرنبرخ- الشوف)

وفاته[4]:

قال الشّيخ أبو زين الدّين حسن العقيلي ذاكرا وفاته: ثمّ المرحوم سيّدنا الشيخ حسين ماضي رضي الله عنه وهو من بلدة العبّاديّة كان داعيًا كبيرًا وعالمًا عاملًا جليلًا وهو صاحب الدّعاء: اللهمّ إنّا نسألك يا رب المشرقين والمغربين….. إلى الخاتمة. واتّفقوا عليه بمشيخة البلاد، وصار داعيًا للعباد إلى أن نقله لرحمته الكريم الهاد رحمه الله.

وكانت وفاته رضي الله عنه في شهر شوّال سنة 1216 ه ليلة الجمعة في بلدة العبّاديّة، فأقيم له مأتم حافلٌ حضره الشّيخ بشير جنبلاط، والأمير بشير الشّهابيّ، والشّيخ أحمد أمين الدّين، وسيّدنا الشيخ أبو علي يوسف بردويل. وبعد انتهاء مراسم التّشييع طرح الشّيخ بشير جنبلاط بأن يعمّر هو المدفن مع الغرفة والقبّة على نفقته الخاصّة، فوافق المشايخ، وشكروه على غيرته ومروءته، فقدّم الشّيخ بشير المال، وقدّم مشايخ البلدة العمل، وهكذا تمّ بناء الحجرة والمقام سنة 1217 ه، وكُتب على الحجرة من جهتها القِبليّة المشرّفة آية الكرسيّ، وعلى جهتها الشّماليّة ما يلي: 

بسم الله الرحمن الرحيم. إنّا لله وإنّا إليه راجعون

دُرِجَ بالـــوفاة إلى رحمته تعــالى فــريد دهــــره، ووحيد عصره، صاحب العلم والدّيانة، والفضائـل والــكرامة العالِم العامل، الورع الدّيّان، المــرحوم الــمغفور له الشّيخ حسين مــاضي. وكانت وفاته فــي شهر شوّال سنة ألف ومِائتين وسِتة عشر هجريّة. تغمّده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنــّته، بكرمه.

كلمة رثاء وثناء

عينٌ مــــــــــــــــــن الأعيان ركنُ زمــــــــــانه
داعٍ إلــــــــــــــى التـــــّــوحيد قَيْلٌ مُــــــرسَلٌ
فَحسينُ ماضٍ سيّدي العلم الّذي
ورع نقــــــــــــــــــــــــي القلب محمود الثنا
كرماتك الغــرّاء كالشّمس انجلت
عمّرْت خلوات سنت بحضوركم
حتّى غــــــدت للصّالحـــــــــــــــــين محجّةً
وعليك رحمات الإله عديدهــــــــــا

بــــــــــدرٌ منيرٌ للضّلال مبـــــــــــــــــــدّدا
مــــن خالق الأكوان حَبْرٌ مرشِدا
بركاته عمّت وفيـــــــــــــــــــها المهتدي
ليث هصور مرجفًا قلب العدى
تحكــــــــــــــــــــي ولاء صادقًا ومسدّدا
صيّرتَهــــــــــــــــــا أرضَ القداسة معبدا
يتلــــــــــون آيـــــــــــــــــــــات الكتاب تعبّدا
ما الطير في الأفق الفسيح مغرِّدا

خدمة المقام:

سكن المقام المرحوم الشّيخ أبو حسين سعيد ماضي، شيخ تقيّ فاضل، نقيّ السّرّ، زاهد، متقشِّف، لا يتدخّل بشؤون الآخرين. وكان ينفق كلّ ما يأتي للمقام من نذورات على الإخوان على نية الخير، وفي ضمن الأحداث لم يترك الخلوة، وحافظ على كيانها الدّينيّ. وقد قام بخدمة الخلوة بإخلاص، وأشادها، وزاد عليها عمرانا بعد أن انهار فيها بعض البناء، وقد رمّم البناء القديم الّذي كان لتلاميذ سيّدنا الشّيخ، وضمّهم إلى المجلس حتّى أصبح مجلسًا كبيرًا يضمّ العديد من أهل الدّين، وأوصى للمقام قطعة أرض، وقال هذه براءة لذمّتي لعلّي لم أفِ مع سيّدنا الشّيخ في خدمة المقام كما يجب. ودام على خدمة المقام ستّين عامًا خدمة مخلصة صادقة، وتوفي في شهر ربيع الثّاني يوم الأحد سنة 1413 ه وكان له من العمر واحد وتسعون عامًا. وفي يوم التّشييع أثنى المرحوم الشّيخ أبو محمد جواد ولي الدّين على صفات المرحوم أبو حسين سعيد، وقال: إنّ هذا الشيخ الفضيل الزّاهد المتعبّد المتقشّف، الله يقدّرنا أن نسلك مسلكه، وكلّ منّا على علم بفضله، رحمه الله وأدخله فسيح جنانه. v


[1] لا تزال خلوته موجودة حتى الآن على تلة من تلال بلدة العبّاديّة وهي تشرف على مناظر رائعة الجمال وتسمّى الآن بخلوات العبّاديّة وله فيها مزار. 

[2] (مناقب الأعيان- الجزء الثّاني)  تأليف المرحوم الشيخ أبي صالح فرحان العريضي

[3] هو أحمد باشا الجزّار.عيّن واليًا على صيدا سنة 1776م ثمّ ما لبث أن أصبح واليًا على عكا من قبل العثمانيّين.

[4] مناقب الأعيان- الجزء الثاني صفحة 268-269

مقالات ذات صلة: