الموقع قيد التحديث!

بيوت قرية حرفيش وحاراتها القديمة

بقلم الشّيخ أبو نعيم نسيب بدر – حرفيش
عن كتابه: حرفيش – من السّراج العثمانيّ إلى المجهر الإسرائيليّ – كي لا تضيع الحكاية
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

في الماضي تكوّنت القرية من عدّة حارات صغيرة، كلّ حارة تكوّنت من عدّة بيوت ملتصقة بعضُها ببعضِها، جزء منها تكوّن من 5-6 بيوت والجزء الآخر من عشرة بيوت، وتبقى جهة واحدة فقط، مفتوحة للدّخول إلى كلّ حارة.

كانت البيوت قديمًا صغيرة وتكوّنت من غرفة واحدة، مارس فيها الفلّاح حياته من نوم واستقبال ضيوف ونشاطات مختلفة. وقد بُنيت البيوت من الحجارة الجيريّة (الكِلْسيّة)، وكان سقفها خليطًا مجبولًا من التّراب الأصفر والقَشّ، ومطروحًا فوق جسور خشبيّة وُضعت فوقها عيدان وقُضبان من أغصان الشّجر والقصب، ولم يكن فيها إلّا نافذة واحدة صغيرة أو ما يُسمّى “روزَنَة”، من أجل التّهوية والإنارة. وكان في هذه الغرفة “داخون” أو أكثر ليسمح للدّخان بالخروج. واحتوى البيت على: سدّة، بيت المونَة، إسطبل، تَبّان وساحة داخليّة أو ما يسمّى “صَحْن الدّار”، وكان كلّ بيت محاطًا بسور عالٍ، منعًا للسّرقة والغزو وكذلك لحماية خصوصيّات النّاس.

كان كلّ ما يملكه الإنسان من دوابّ وبقر وخيل ودجاج ينام، في أيّام الصّيف، في صحن الدّار. أمّا في أيّام الشّتاء فكانت تُدخَل هذه الحيوانات إلى الإسطبل الّذي كان يُبنى داخل البيت منخفضًا عن أرضيّته حوالي نصف المتر، وقد استُخدم لإيواء الحيوانات ولتخزين عُدّة عمل الفلّاح وأدواته الّتي كانت عِماده في العمل ولا يستطيع العيش من دونها. وكان في طرف كلّ اسطبل فُتحة لخروج بول الحيوانات كانت تُسمّى “متْعب”. وكان أمام كلّ بيت موقد نار خارجيّ يُستخدم للطّبخ والخبز في أيّام الصّيف والرّبيع، بالإضافة إلى الموقد والدّاخون داخل البيوت. كانت ربّات البيوت كلّهن يطبخن في صحن الدّار، في ساعات بعد الظُّهر، وتُساعدنَ بعضهنّ بعضًا، وكلّ امرأة ينقصها شيء ما، كانت تستقرضه من جارتها، منهنّ من كانت تقول “أعطِني بَّصِّة نار”، وكُنّ يستقرضن الطّحين والخبز والملح والزّيت وغيرها بقَبول وبغبطة تامّة.

كان البيت مقسّمًا على النّحو التّالي: باب رئيسي، إلى يمينه إسطبل للبقر، وفي داخل الإسطبل حفرة عمقها متر تقريبًا ومستطيلة الشّكل تمتدّ على عرض الإصطبل وتُسمّى “طْوالِة”، كانت تُستخدم لوضع عَلَف الدّوابّ في أيّام الشتاء لتتغذّى عليه. وإلى جانب الإسطبل “مِعْقال” وهو على شكل سِقالَة من حطب السّنديان يبيت الدّجاج عليه. وكانت “المَصْطَبَة” تتّصل مع الإسطبل بواسطة عدّة درجات ضيّقة، وهي مبنيّة من التّراب المجبول بالقَشّ، وكانت تدُلَّك بعَكَر الزّيت لتصبح ملساء، ووصل ارتفاعها إلى نصف المتر تقريبًا على طول أحد الحيطان، وعرضُها نصف المتر أيضًا، استُخدمت هذه لجلوس الضّيوف وللنّوم.

احتوت المصطبة على موقد مع داخون لتحضير الطّعام وللتّدفئة، وفيها مارست العائلة معظم نشاطاتها من تحضير طعام، ونوم واستقبال الضّيوف وغيرها.

 وبُنيت سُدَّة فوق الإسطبل على كلّ مساحته ارتكزت إلى قَنْطَرَتَيْن مُرتكزتَيْن إلى عمود متوسّط الطّول، وقد استُعملت السُّدّة مَضافةً لنوم الضّيوف ولتخزين المؤونة أيضًا. وكان الصّعود إليها بواسطة سُلّم خشبيّ صغير مُرتكز إلى أرضيّة الغرفة. وبُنيت “الكَوايِر” من الطّين والقَشّ إلى جانب حيطان البيت، والكَوايِر هي مجموعة من الخلايا استُعملت لتخزين أنواع الحبوب كافّةً، فيها فُتحة كبيرة من الأعلى لإدخال الحبوب، وفُتحة صغيرة أسفل الخليّة لتفريغ الحبوب، وقد سُدَّت بِبَكَرَة من قُماش.

كانت الغرفة تحتوي في إحدى زاوياها على خزانة لأمتعة النّوم وأغراضه وأدواته، مثل: الفِراش والوسائد واللّحف وكانت تُسمى “اليوك” في اللّغة العثمانيّة. وكان في الغرفة، أيضًا، نَمْلِيّة (بشكل مقزَزِة) و-“كَبَكِة” وهي سلّة من الخشب حجمها متر وارتفاعها 10 سنتيمترات، وكانت استخدامها كاستخدام الثّلّاجة في أيّامنا لتخزين الأكل، وهي معلّقة بحبل في السّقف يوضع بها الطّعام ويُغطّى بقطعة قماش خفيف ليمنع سقوط الذّباب والحشرات فيه، وكذلك لتهويته ليبقى صالحًا للأكل. وكان يوجد في زوايا البيت “خَوابي” زيت مصنوعة من فخّار وخابية أُخرى لماء الشّرب مع غطاء و-“كيلِة” (كوز) على ظهرها. وهناك أيضًا: جاروشة، هاون، جُرن الكُبّة مع المِدَقّة (ميجَنة) وأوعية صغيره لحفظ السّكّر والملح والحبوب، وأوعية ومرطبانات فُخّاريّة وزجاجيّة لحِفظ المكابيس (المُخلّلات) الّتي يحتاجها البيت مثل مُعَقَّد الفاكهة والدِّبْس والمُرَبّى على اختلاف أصنافه.

في مساء كلّ يوم كان أفراد الأُسرة يتناولون العشاء معًا، ونادرًا ما كانوا يجتمعون معًا إلّا عند العشاء والنّوم؛ لأنّ أشغال الفلّاحين كثيرة. وفي آخر سهرتهم كانوا يُخرجون الفراش من اليوك، ومن ثمّ يطرحون الفراش في أرض البيت وينامون متراصّين كلّ فرد على فراشه. علاوةً على ذلك فقد كانت البلدة كلّها في مستوى المعيشة نفسه. وكان هناك أكثر من عشر حارات في القرية، منها الكبيرة ومنها الصّغيرة، إلى جانب صِيَر الماعز، وكان في وسط القرية الحارة الرّئيسة وتُسمّى “باب الحارة”.

مقالات ذات صلة:

الشيخ حسين العابد (ر)

الشيخ العابد، هو حسين علي أحمد حلبي، من مواليد 1902، نشأ في بيت كريم، وترعرع على القيم التوحيدية، وهو في