الموقع قيد التحديث!

في ذكرى فضيلة سيدنا المرحوم الشيخ أبو يوسف أمين طريف

بقلم الشيخ أبو صلاح رجا نصر الدين
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

تأتي الذكرى السادسة والعشرون لرحيل فضيلة سيدنا المرحوم الشيخ أبو يوسف أمين طريف، الذي قاد آل تراب في بلادنا لمدة خمسة وستين عاما، والذي تمّ الاعتراف به في آخر ثلاثين سنة من حياته، كشيخ الجزيرة التوحيدية كلّها، بإقرار ومباركة عمالقة الدين التوحيدي في المنطقة، وفي مقدّمتهم المرحومون، الشيخ أبو محمد جواد والشيخ أبو حسن عارف والشيخ أبو فندي جمال الدين شجاع، وكبار مشايخ لبنان، وكبار مشايخ سوريا في النصف الثاني من القرن العشرين.

وقد بلغ فضيلته هذه المنزلة الرفيعة أولا، لشخصيته ولعلوّ مستواه ولتعاليمه النيّرة النابعة من اهتمام كبير بمصير كل شاب وفتاة في الطائفة الدرزية في كافة المجالات. وثانيا: حظي بتقدير واحترام كافة رجال التعليم والتربية بعد أن بادر إلى رفع مستوى أبناء الطائفة الدرزية على المستوى الديني والأخلاقي، فدعم الخلوات والأماكن المقدسة، وأصبحت في غالبية القرى أماكن يطيب للموحدين الشباب اللجوء إليها والإقامة فيها، من أجل الوحي والإلهام والتبرك، وحظي كذلك في هذه المنزلة لانتمائه لعائلة عريقة، أنجبت عددا كبيرا من الشخصيات المركزية في تاريخ الطائفة الدرزية، ولها كيانها ومقامها. ويكفينا فخرا أن زعماء العالم الذين زاروا دولة إسرائيل، كان يسارع إلى استقبالهم، وكان يبارك زياراتهم، وكانوا ينظرون إلى وجهه المشعّ المنير، وكأنه ملاك طاهر. أما جماهير المشايخ الدرزية، التي حظيت بمشاهدته في لبنان وفي سوريا قبل قيام الدولة، وكذلك الذين حالفهم الحظ، وقاموا بزيارة بلادنا، فكان أول طلب يطلبونه، هو زيارة قرية جولس، ولقاء فضيلة سيدنا الشيخ أمين في منزله أو لقاء فضيلته في مقام سيدنا شعيب عليه السلام. وقد رحل فضيلته عام 1993، وجرت له أكبر جنازة في تاريخ دولة إسرائيل، بحضور جميع أبناء الطوائف في البلاد. وما زالت الجماهير هنا تأسف على رحيله، لكنها تعزّت وحظيت بإرادة ربّانية، وبمباركة إلهية، لأحد أجمل وأطيب وأقدس الاختيارات في التاريخ، وهو الإلهام الربّاني الذي دفع فضيلة المرحوم سيدنا الشيخ أبو يوسف أمين، على اختيار فضيلة شيخنا الجليل، الشيخ أبو حسن موفق طريف، من بين نخبة من المشايخ الأبرار، لاحظ الشيخ أن جميعهم جدير ولائق بمنصب الرئيس الروحي في البلاد. لكنه اختار فضيلة الشيخ موفق، ليقوم بهذه المهمة التي تُعتبر من أصعب وأعقد المهمات في التاريخ، بسبب الوضع الحسّاس، الذي تتواجد به المنطقة، وبسبب التطورات التكنولوجية والتقنية السريعة، التي تعبث بمجتمعنا، وتحوّله من مجتمع تراثي تقليدي منزوٍ نسبيا إلى مجتمع عصريّ حديث، يجتهد فيه كل شاب وفتاة أن يحصل على أكبر قسط من التعليم، أو أن يتديّن، أو ان يلبس البزة العسكرية وما شابه. وكان فضيلة الشيخ أبو حسن موفق ملازما منذ سنوات طويلة، لشيخ الجزيرة، يرافقه في كل كبيرة وصغيرة، يساعده، ومن الطبيعي أن يكون قد اطّلع على مباحثاته ولقاءاته ومداولاته مع زعماء المنطقة والعالم، واكتسب من ذلك خبرة كبيرة، وثقافة قيادية مبنية على تجارب وأمثلة وحلول، وكان شاهد عيان لها، وبأن فضيلته اتّسم بالفطنة والذكاء والاستقامة والشجاعة في الوصول إلى قرارات مشابهة لقرارات جدّه، وقد شهدنا أنه جابه أمواجا عاتية ومتطلبات مبالّغ بها في تعجيز وفيها محاولة إحباط، إلا أنه استطاع بحكمته وحنكته وسعة صدره وقدرته، أن يتكيّف مع الجميع، ليكون دائما صاحب القرار السليم، والفكر الثاقب، والكلمة الهادفة، والخطاب الجامع، والتصرّف المناسب، والتّوجيه الحكيم، والتعميم الشامل، والاطّلاع الوافي، والرؤية إلى البعيد، حيث كان خبيرا وضليعا بمركّبات المجتمع الإسرائيلي، وبمكوّنات البيئة الدرزية، وقد مرّت ست وعشرون سنة، وهو متضلّع بالأحداث، ممّا يشير إلى أن استمرارية بقائه في هذا المنصب، هي حلم كل الموجودين، وهذا يذكّرنا بأن دعوة التوحيد الدرزية، اكتملت ونضجت، وأينعت، وازدهرت وبلغت ذروتها خلال ستة وعشرين سنة، وهذا يدل أن هذا العدد من السنين، كافٍ لتأهيل كل صاحب منصب، لأن يقوم بواجبه اتجاه مجتمعه، وشاهدنا في السنوات الأخيرة فضيلته، يجوب العالم، ويتنقل من دولة إلى دولة، من أجل الحفاظ على الدروز، كل الدروز، بفخر واعتزاز، وبثقة كاملة، أن مساعيه وبرامجه ومخططاته، تحظى بتأييد وتقدير ورضا غالبية الجماهير التوحيدية.

رحمة الله على فضيلة سيدنا الشيخ أبو يوسف امين وحفظ لنا شيخنا أبو حسن موفق بقيادته الحكيمة الى يوم الدين.

مقالات ذات صلة: