الموقع قيد التحديث!

المعاني الدينيّة والاجتماعيّة والتراثيّة المعروفيّة في الزيارة المباركة  

بقلم الشيخ أبو صلاح رجا نصر الدين
دالية الكرمل
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله الموجود قبل الوجود، الإله الواحد المنزّه والمعبود، والسلام على كافّة المرسلين والإخوان المُحقين أهل البصائر واليقين وبعد.

تحتفل الطائفة الدرزيّة في هذه الأيّام وفي هذا التوقيت من كلّ عام، بالزيارة السنويّة المباركة لمقام سيّدنا الخضر عليه السلام، حيث يجتمع مشايخنا الأجلّاء، وعلى رأسهم الرئيس الروحي للطائفة سماحة الشيخ أبو حسن موفق طريف، لأداء الصلوات والفروض الدينيّة والتداول والتباحث ومناقشة أحوال الطائفة، كما تجري عليه العادة في مثل هذه الزيارات التي تُقام في المقامات الدينيّة الشريفة المباركة، ومن على هذا المنبر الكريم، منبر العمامة، أتمنّى للجميع زيارة مقبولة وموفّقة متضرِّعًا للعليّ القدير أن يمنحكم الصّحّة والسّعادة وأن ينعم أبناء طائفتنا الغرّاء في كلّ مكان بالهدوء والسلام والاستقرار، وكلّ عام والجميع بألف خير.  

إن هذه الزيارة لمقام سيدنا الخضر عليه السلام تنطوي على أهميّة بالغة، وتحمل في طيّاتها أجمل وأسمى المعاني الدينيّة والاجتماعيّة والتراثيّة المعروفيّة، إذ يلتقي فيها جموع من رجالات الدين من الجليل والكرمل والجولان ونرى يمًّا من العمائم الموقّرة والوجوه التي تشعّ بنور الهدى والإيمان، إلى جانب قيادات وأبناء العشيرة المعروفيّة للمعايدة والاحتفال بهذه المناسبة العطرة، التي تزيد وجه الطائفة نورًا عل نور، ورِفعة على رفعة، فكلّما التقى مشايخنا الأفاضل الأجلّاء وقاموا بفريضة الصلاة والتباحث في شؤون الطائفة ورصّ الصفوف، فإن ذلك يجعل نفوس الأوساط غير المتديّنة أيضًا، تميل إلى الدين وإلى التّقرُّب من رجال الدين أكثر فأكثر، وهم بذلك يكونون قد أدّوا رسالة تثقيفيّة هامّة ودورًا تربويًّا نشطاً وفعّالاً وبالتالي يشكلّون قدوةً وحافزاً للتديّن وللزخم الديني العريق لدى طائفة الموحِّدين.

وممّا لا شكّ فيه، فإن كلّ من يقوم في هذه الأيّام بزيارة مقام سيّدنا الخضر عليه السلام، يلحظ أعمال البناء والتشييد والترتيب والصيانة واسعة النطاق، التي تمّ إنجازها في الآونة الأخيرة، والتي تزيد هذا المقام المقدّس الشريف رونقاً وإمكانات وراحة للزائرين تليق به وبمكانته الخاصّة عند مشايخ وأبناء الطائفة الدرزيّة، خصوصًا وأنّه قد أضحى مقرًّا هامًّا لاستقبال الشخصيّات والزوّار الذين يحلّون ضيوفًا على الرئاسة الروحيّة والمجلس الدينيّ والطائفة بشكل عامّ هذا فضلًا عن عقد الندوات والمؤتمرات والزيارات في رحابه، واتّخاذ القرارات الهامّة والحاسمة والمحوريّة في سبيل إدارة شؤون الطائفة الكريمة.

وبعيدًا عن أعمال البناء والتشييد نلحظ ونشعر وندرك أيضًا أن مجتمعنا يعاني من سلسلة من القضايا الهامّة التي تقلق الكثيرين من قيادات وأبناء الطائفة المعروفيّة في البلاد مثل ما يخصّ بموضوع التخطيط والبناء وأوامر الهدم وربط البيوت بالكهرباء في قرانا وتفشّي أعمال العنف التي يجب أن تتظافر كافّة الجهود لإيجاد الحلول لها، هذا بالإضافة إلى تجاوزات ومخالفات وابتعاد عن الأعراف والعادات والتقاليد، وتصرُّفات غير لائقة، وانحرافات وشذوذ التي نأمل بأن تزول بعد أن نقوم بمكافحتها ونتغلّب عليها، لنعود إلى عاداتنا وأصولنا وطرقنا ونهجنا الأصيل الذي اتّبعه الآباء والأجداد في الماضي، على مدار مئات السنين، ارتكازا على تراثنا وتعاليمنا الدينيّة، وما خلّفه لنا أنبياؤنا ورسلنا الكرام، واستنادًا الى ما دعا إليه سيّدنا الخضر عليه السلام من عدل ومحبّة وتعاون واستقامة ومساواة وفعل الخير والتآخي بين بني البشر، ونادى به من تواضع وتكاتف وتعاضد عند الشدائد والمهماّت والتسامح والعفو والإحسان إلى الوالدين.

لقد برهن سيدنا الخضر عليه السلام بما لا يقبل الشّكّ والتأويل في مسيراته وظهوراته، أن لا حدود لعمل الخير، وأن الطبيعة الإنسانيّة مهيأّة لذلك، ولإغاثة المحتاجين والضعفاء والمنكوبين، وللتخفيف عن الألم والمصاب عند الحاجة، وللتعاون والتعامل الأمثل بين بني البشر، ونحن إن قمنا بإتباع مثل هذه الفضائل آنفة الذكر التي ورثناها عنه وعن أنبيائنا عليهم السلام لَخَلقنا أُسسًا ثابتة وراسخة للتعامل الصحيح بين الإنسان وأخيه الإنسان، وحظينا بدون شكّ بحياة كريمة محترمة، دون أحقاد أو حسد وضغينة، وتمكنّا بعونه تعالى من بناء مجتمع فاضل في كلّ مكان وزمان وظرف.  

وبهذه المناسبة العطرة، وعلى خلفيّة ما يردنا من سوريا حول الأوضاع الصعبة هناك وكذلك في لبنان، أسأل الله تعالى بأن تتحسّن الظروف في هذيْن البلديْن، وتزول المشقّات والخلافات وتتحسّن الأوضاع الاقتصاديّة والمعيشيّة، وأن يمنحنا القدرة على فعل الخير وتقديم المساعدة لأبناء طائفتنا أينما وُجدت، وأن نبقى كطبق النحاس الذي إن ضُرب في مكان ما تأثّرت جميع جوانبه، وأن يسود الأمن والمحبّة والسلام والطمأنينة في كلّ مكان وينعم المواطنون بالخير والسعادة والبركات، وكلّ عام وطائفتنا بألف خير.

مقالات ذات صلة:

شعر باللّهجة الْمَحكيّة: سيدي شعيب (ص)

سيدي الْعَقِلْ يا شْعيبْ يا بَدْرِ التَّمامْ نورَكْ سَطَعْ عَالْكون في لَحْظِةْ هُيامْ إِنْتِ الْبَديعْ وْإِنِتْ مَنْبَعْ حِكِمْتي   وِالشَّمِسْ تِخْضَعْ