الموقع قيد التحديث!

يوم دراسي في البقيعة قام بتنظيمه مركز التراث الدرزي

Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

دعا مدير عام مركز التراث الدرزي في يانوح المحامي محمود شنان إلى يوم دراسي عُقد قاعة المركز الجماهيري في قرية البقيعة بتاريخ وضمّ مجموعة من المحاضرات والفعاليات التراثية الهامّة ولبّى المدعوون هذه الدعوة وحضرت عشرات الشخصيات الدرزية من الجنسيْن من المشايخ والمثقفين ورجالات التربية والتعليم وشخصيات أدبية ثقافية ومعلّمين وأشخاص يهتمون بالتاريخ والتراث والتقاليد الدرزية بحضور فضيلة الشيخ أبو حسن موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية وألقيت في بداية اليوم الدراسي كلمات ترحيب من قِبل عدد من الحضور والمسئولين وقام بعرافة اليوم الأستاذ منصور وقد افتَتح اليوم الدراسي المدير العام بكلمة شاملة وألقى فضيلة الشيخ موفق كلمته التي ضمّت مباركة وتحية وألقى رئيس مجلس الإدارة د. كمال شوفانية كلمة شاملة عن الظروف والأوضاع التربوية الثقافية في الطائفة التي تحتاج إلى إقامة مركز ثقافي كهذا. وألقى عضو الكنيست السابق مجلي وهبة عن القرار الحكومي بتأسيس المركز، وألقى د. وسام القاسم رئيس اللجنة الأكاديمية في المركز كلمة مناسبة، وألقى رئيس مجلس يانوح السيد سعد كلمة مباركة، وألقت السيدة آية خير الدين كلمة دائرة المعارف الدرزية. وبدأ بعد ذلك اليوم الدراسي بمحاضرة ألقتها الدكتورة يرين حديد. واستمرّ إلقاء الكلمات واستمرّت المحاضرات والفعّاليات حتى المساء. وانتهى اليوم بتناول طعام العشاء. هذا وسننشر في العدد القادم تفاصيل أكثر عن المحاضرات.

كلمة فضيلة الشيخ موفق طريف في اليوم الدراسي  

…ها نحنُ اليوم أيّها الأخوة الأعزّاء، نشهدُ وإيّاكم هذه الانطلاقة المباركة التّوحيديّة، لمركز التّراث الدّرزي في إسرائيل.وأيّ اجتماع للدّين والدّنيا أجلّ من اجتماع أهل الفكر والعلم والبحث، في دراسة تراثنا التّوحيديّ، الّذي هو هويّة هذه الطّائفة ذات الموروث العلميّ الأخلاقيّ، الّذي تعرضّ عبر التّاريخ لظلمٍ وإجحافٍ وتعتيم، أو حظيَ أحيانًا بقراءاتٍ خاطئةٍ وتفسيراتٍ مغلوطةٍ، قدّمها بعضُ علماء وباحثين لم يعرفوا عنّا شيئًا.

لذا، كان من المهمّ لنا أن تقومَ بيننا أقلامٌ واعدةٌ علميّة درزيّة، تلتزم بحمل هذه المسؤوليّة الهامّة، وتتبنّى تطوير وإنشاء هذا المشروع العامّ، الّذي يأتي ليخدم هذا النّقص الاكاديميّ البحثيّ في كلّ ما يتعلّق بالتّراث، بالإنسان وبالمجتمع الدّرزيّ. كلّ هذا وسط مراعاةِ القواعد العلميّة والبحثيّة المتعارفة، ونشر منشوراتٍ وأوراقَ بحثّيةٍ جديدة، تخدمُ الطّائفةَ من جهةٍ في إبراز تميّزها وخصائصها بين شعوب وطوائف العالم، وتساهم من جهةٍ أخرى في تعزيز التّاريخ التّوحيديّ عند الأجيال القادمة الصّاعدة، في عصر أُهمِلَ فيه التّراث، ونُسيت فيه العادات والتّقاليد، فتغّيرت مفاهيم التّقدّم، لتصبح انفتاحًا على المباحات والحرام، واقتباسًا لعاداتِ الحضارة السّلبيّة الدّخيلة، واكتسابًا لمساوئ العولمة والتّكنولوجيا، كما يعبّر عنه البعض في قوله: حدسي ونقدي العلميّ يمنعني من الثّبات على الإيمان.

وفي الحقيقة، لو علم هؤلاءُ أنّ العلم لا يقومُ إلّا إذا ارتكز على قواعد أخلاقيّة تهذيبيّة، واقتدوا بحال كبار أهل العلم الّذين خلّدهم التّاريخ، أمثال حكماء العالم فيثاغوروس وأفلاطون أرسطو وسقراط، الّذين لم يقفوا بالعلم عند حدّ المعلومة، بل اجتازوها إلى ما وراء الكلمة، باحثين عن الحكمة الّتي تقدّمها والرّسالة الأخلاقيّة الّتي تخدمها. لأصبحوا أيضًا حكماء مثلهم، يعلّمون ويتعّلمون وهم على الإيمان مستقرّون ثابتون.

هذه هي الرّسالة الّتي نراها في هذا المركز المبارك، الّذي سنعمل معه يدًا بيدٍ في عمليّة إنعاشٍ فائقة، نتولّى فيها زرعَ القيم والعادات والتّقاليد في جيلنا الصّاعد، إقناعًا لا تخويفًا، ولطفًا لا جبرًا. إيمانًا منّا بضرورة ترجمة التّراث إلى لغة العصر، ووضع ما أمكنَ منهُ تحت عدسة العلم والبحث، وذلك لكي نُحافظَ على هذه الشّعلة المقدّسة من الانطفاء، ونضمنُ مكتبةً بحثيّة غنيّةً، تساهم في تقدّم الطّائفة هنا وفي كلّ مكان.

لذا، آن الأوان إخواني لنجتمع على تاريخنا وسيرة أنبيائنا ونهج تراثنا. ونرشف من هذا النّبع الّذي فيها شفاء للظمأ، وعودةٌ إلى الأصول الّتي فيها نقوى وبها نعلو، ليمثّل بذلك رؤيانا المعتمدة الواضحة، في الجمع بينَ العلمِ والدّين، والتّوفيق بين المجتمعين الدّيني والزّمني، حفاظًا على صبغتنا التّوحيديّة الدّرزيّة، وترسيخًا لقيمة التّراث والقيم التّوحيديّة الكثيرة. وهي أيّها الأخوة ذات الرّؤيا الّتي كان السّيد الأميرُ قدس الله سره قد مدحها قائلًا: “باركَ الله في الدّين والدّنيا إذا اجتمعا لا بارك اللهُ في الدنيا بلا دينِ”.

في النّهاية، لا بدّ من كلمة شكرٍ وتقدير وعرفان، نخصّ بها رئيس مجلس الادارة، الدّكتور كمال شوفانيّة ومدير عام مركز التّراث، المحامي محمود شنّان وجميع أعضاء مجلس الادارة والعاملين في المركز متمنين لهم التوفيق والنجاح في إقامة هذ المركز وإننا على ثقه بقدراتهم ورؤياهم وسنقف الى جانبهم ودعمهم.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفّقنا وإيّاكم إلى حفظ هذه الأمانة، والعمل بكل إخلاص بما يقتضي صونها والحفاظ عليها، لتبقى هويّتنا الدّرزيّة أقوى من كل تغيير، وصامدةً أمام كلّ تحدٍّ أو شتات.  وفّقكم الله وسدّد خطاكم والسّلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته.

كلمة المحامي محمود شنان مدير مركز التراث

 يسعدني ويشرفني أن أقفَ أمامَ حضراتكم فاتحا هذا اليوم الدراسي الذي يُعتبرُ أول نشاطات لمركز التراث الدرزي الذي أقيم في السنوات الأخيرة في قرية يانوح العامرة، والذي مُنحتُ شرف أن أقوم بإدارتِهِ إلى جانب عدد من المثقفين الأكاديميين الدروز، من أجل تحقيق الأهداف التي وضعتها حكومة إسرائيل في قرار تأسيس هذا المركز والذي رصدتْ له الميزانيات.

لقد جاء القرار بإقامة هذا المركز، ليغطي نقصا كبيرا في بحث تاريخ وأوضاع الطائفة الدرزية منذ تأسيسها وحتى اليوم. وكما نعلم فقد لجأ الدروز بعد الدعوة إلى مناطق جبلية في لبنان وسوريا وفلسطين، وسكنوا عادة في رؤوس الجبال، متمسّكين بعقائدهم وبديانتهم، يحافظون عليها، ويفلحون الأرض، ويحاولون دائما ألاّ يستفزّوا أحدا، كي يتفرّغوا للمطالعات الدينية ولتأسيس حياة تعتمد على الأسس الشرعية الدرزية التي نادى بها دين التوحيد.

 وقد واجه الدروز مشاكلَ ومصادمات عديدة، فأصيبوا بمحن شرسة، واعتُدي عليهم، لكنهم استطاعوا دائما الدفاع عن أنفسهم، والانتصار والبقاء حتى أيامنا. لكنهم وللأسف الشديد كانوا منشغلين بالدفاع وبالحياة اليومية، ولم ينتبهوا كثيرا إلى تدوين التراث، وتأليف الكتب ونشر الثقافة فيما بينهم، وقد ظل هذا الوضع سائدا طوال حوالي 900 سنة، إلى أن بدأت في النصف الأول من القرن العشرين، بوادر إصدارات ومنشورات فردية ذاتية، لم تقف وراءها أي مؤسسة، وإنما كان ذلك مبادرة شخصية من بعض المتنوّرين في الطائفة الدرزية.

 وقد شغلت الأحداث العسكرية والانتصارات الحربية التي حققها الدروز، أذهان الغرب وكذلك الشعوب في الشرق الأوسط، وكان منهم المؤيّد، وكان منهم العدو، وبما أن الدروز كانوا قوّة واضحة المعالم في المنطقة وحققا إنجازات عسكرية، لذلك نُشرتْ كتب كثيرة، تحاول التشويه والمسّ والتشهير بهم. فمنهم من كتب أن لا ديانة للدروز، ومنهم من نعتهم بأوصاف بعيدة كل البعد عن حقيقهم، والقلائل هم الذين أنصفوهم وكتبوا عنهم الحقيقة. وقد حاولت بعض مؤسسات الغرب، أن تعرف، وأن تستقصي معلومات من الدروز أنفسهم، لكنها جوبهت بعدم استعداد، حيث كان المشايخ يخشون تزويد الآخرين بأي معلومة، تمشيا مع سرية الدين. ولهذا توجد اليوم في العالم كتب مغرضة تنشر أكاذيب صارخة عن الدروز، ولم تكن أي مبادرة من قِبل أي مؤسسة درزية، لتصحيح المعلومات ولنشر الحقائق عن الدروز. لكن ظهرت في القرن العشرين عشرات الكتب عن تاريخ الدروز في سوريا وفي لبنان وإسرائيل، ويمكن القول، إن الصورة بدأت تعتدل، بسبب وجود من يكتب ويؤلف وينشر من أبناء الطائفة الدرزية.

وعلى ضوء هذا الوضع، استجابت حكومة إسرائيل لطلبات المثقفين الدروز، وأعلنت عن تأسيس مركز التراث، لينظم عملية تدوين وترسيخ الوقائع الدرزية، وإشهار الحقيقة عن العادات والمناقب والامتيازات التي تجعل من الديانة الدرزية أكثر الديانات تقدما وإنصافا لكل أفراد المجتمع، كما أنها تدعو إلى العلم والتقدم والتطوّر، وتحثّ كل إنسان مؤمن ان يستعمل إيمانه من أجل التقرّب من أخيه الإنسان الآخر مهما كان دينه.

ومن أهداف المركز أيضا تدوين ونشر أسس العلاقة بين دولة إسرائيل والطائفة الدرزية، التي بدأت منذ آلاف السنين في أيام سيدنا شعيب وسيدنا موسى عليهما السلام، واستمرّت حتى أيامنا هذه، وكانت ذروة هذا التعاون، دعم الدروز لقيام دولة إسرائيل، وقرار التطوع في الخدمة العسكرية، والمحافظة على علاقات قوية مع جميع طوائف وشعوب العالم. لقد أتممنا تحضير خرائط البناء للمركز، وتغلّبنا على كافة العراقيل البيروقراطية، وسوف نباشر قريبا، إن شاء الله، بإقامة بناية المركز في قرية يانوح، ليخدم كافة أبناء الطائفة الدرزية في كل مكان. وسيضم المركز متحفا يخلّد حياة الدروز البسيطة، التي حقّقت اكبر الإنجازات، والذي سيدون التيارات الفكرية المتوفرة في الطائفة، كما سيعمل على البحث التاريخي، لإنارة كل فترة تُعتبر محطّة أو موضوع ذا شأن في تاريخ الطائفة الدرزية، وذلك إيمانا من المسئولين، أن الطائفة الدرزية هي طائفة عريقة، لها امتيازاتها، ولها مناقبها الخاصة الإيجابية الفعّالة، وأن الشبيبة الدرزية الصاعدة، تؤثّر على الشبيبة في كل مكان، فالتربية التوحيدية الدرزية هي من أجود أنواع التربية، والديانة الدرزية تُعتبر ذات منحى ليبراليا، وبالإضافة إلى كل ذلك، يوجد فولكلور درزي، وأدب، ولباس، وعلم، وروايات، وأساطير، وأحداث غامضة، تستحق التعمّق في بحثها وإظهارها، أولا لأبناء الطائفة الدرزية، ليتعرّفوا أكثر على تراثهم وإنجازاتهم، وثانيا لأبناء الشعوب الأخرى، التي يعيش بينها المواطنون الدروز ويحلمون بتقدمها وازدهارها وتفوقها المستمر. 

مقالات ذات صلة: