الموقع قيد التحديث!

يدي اليمنى

بقلم الشيخ أبو فاضل جمال يوسف علي
البقيعه
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

نعم يدي اليمنى التي قابلت وصافحت على مر السنين، لا بل قل من ذكرياتي، التي أعود بها الى سنوات الثلاثينات والاربعينات، عندما كنت طفلا، يافعا، مراهقا حيث كنت المدلل عند والدي المرحوم يوسف بك حسين علي، أخي الكبير كمال يتعلم في مدرسة المطران الداخليه في عمان، وأنا في مدارس معان الزرقاء، اربد، درعا حيث ينتقل الضابط في قوة الحدود لشرقي الأردن والعائلة تنتقل معه، حيث سكن وعمل، وفي هذه او تلك الأيام اسأل يدي اليمنى من صافحت عليها من ذكريات لتقول:

في الزرقاء وعند عودتي من المدرسة في الصفوف الأوائل، اعتدت أن أعرج على دكان عمي سلمان، وكان يعمل فيه آنذاك السيد نجيب مداح ابن البقيعه أطال الله في عمره، وهو ابن المائه اليوم، ليعطيني حبة ملبس في كل يوم. وفي أحد الأيام قال لي نجيب مداح، سلم على الباشا، وضربت كفا حاميا لكل الموجودين، حيث كانوا سلطان باشا الأطرش، زيد بك الأطرش، عبد الغفار باشا الأطرش، نايف علي الملحم، عقلة بك القطامي الذي كان الساعد الأيمن للباشا، ومحمد باشا عز الدين، حيث انتظروا السياره التي تقلهم الى عمان لاجتماع خاص مع الأمير عبد الله بن الحسين، وهكذا تباركت يدي اليمنى في البداية، ولنذهب الى معان ونسكن هناك وفي سنة 1936 تقريبا اصطحبني المرحوم والدي الى محطة القطار حيث استقبل الإمبراطور هيلا سيلاسي، إمبراطور الحبشة في ذلك الوقت. وعند نزوله من القطار سلم عليه والدي، وقال لي، جمال أضرب كف للإمبراطور، وعندها بيدي اليمنى سلّمت وصافحت ذلك الضيف الهام ،وبقينا في معان سنة أخرى، وأذكر تماما أن أبي وفي نفس المحطة استقبل السير ونستون تشرتشل، الذي زار القوات البريطانية في معان وكان وزيرا للمستعمرات البريطانيه آنذاك ودعاه أبي الى بيتنا الذي كان في المحطة للاستراحة وتناول القهوة، وعندها قدمت له بنفسي القهوة، ثم أصبح ونستون تشرتشل بعد ذلك رئيسا للوزراء وربح الحرب العالمية الثانية، ودعنا نقفز قفزة إلى الأمام حيث شاءت الأقدار أن أزور بريطانيا سنه 2015 وأضع اكليلا من الورود على قبر ونستون تشرتشل الذي مات يوم  24/1/1965. أما المرحوم شكيب  وهاب، فكنت كلما أعود من المدرسه أدخل بيته وأضرب له كفا حاميا ويقبّلني حيث كان يسكن مع عائلته في نفس فناء الدار، حيث كنا نسكن في الزرقاء لمدة معينة، وهنا لا بد لي أن أذكر أنه كان في بيت شكيب وهاب كلبة يربونها ليضع السلة في رقبتها لتذهب الى السوق وفيها كتبوا ورقة الأغراض المطلوبة من دكان العميل الخاص بهم، ويضع صاحب الدكان المطلوب من لحم وخبز وخضار لتعود الكلبة الى البيت حاملة الأغراض بدون نقص، وأنا أذكر هذه القصة تماما، وفي نفس السنة عاد الأمير عبد الله من رحلة الى العراق حيث استقبله والدي مع حرس الشرق في مركز بوليس الزرقا واصطحبني معه، وبعد نزول الأمير من السيارة والاستراحة طلب والدي مني أن اسلم على الأمير فصافحته بيدي اليمنى، حتى أنه قبّلني، وهنا كذلك نقفز قفزة الى الامام حيث توج الأمير ملكا في سنة 1946. وكان والدي قد تسرح من الجيش، ولكنه تسلم الدعوة الخاصة لحضور مراسيم التتويج، وأخذني معه الى عمان لحضور مراسيم التتويج. ولكن هذه المرة لم أصافحه، ولكني أبقى في الزرقاء لمدة حيث أتابع تعليمي هناك، وأسكن في بيت عمي سلمان رحمه الله. وكان بيته مرجعا للضيوف القادمين من سوريا ولبنان وفلسطين في طريقهم الى عمان، وأذكر أنني نمت في نفس الغرفة في بعض المناسبات مع نسيب مكارم، وعجاج نويهض وغيرهم. وقد زار عمي سلمان في تلك السنة المرحوم كمال جنبلاط وسلمت على الجميع طبعا. ولنرجع الى سنة 1941 حيث انتقل والدي مع العائلة الى مدينة درعا السورية وهناك تعلمت في مدرستها. وأذكر أن شارل ديغول حضر لعند والدي الى البيت، وبقيا حتى ساعة متأخرة من الليل يخططان ويتحدثان. طبعا سلمت عليه، وقدمت له القهوة بنفسي، وقد فهمت من الحديث، أنه كان تخطيطا لدخول سوريا وجماعة فيشي منها والذي كان مواليا للألمان وديغول موالٍ للإنجليز. في تلك الليلة لاحظت أن جنودا من قوة حدود شرق الأردن وهم من أبناء البقيعة تواجدوا في التخطيط حيث نقلتهم سيارة ليلا الى الحدود السورية مع حبال ليمروا بها، فوق أسلاك التلفون الداخلة الى الحدود السورية ويشدوا بها، لقطع وتعطيل التلفونات المؤدية الى داخل وخارج سوريا، وبعدها دخل الجيش الإنجليزي الى سوريا بشهر 6/1941 وكان من بين الجنود الذين قطعوا أحبال التلفون كل من سعيد صالح خير “صويلح “، سلمان بكرية، فارس أسد، وغيرهم لا أذكرهم، وانتصر الانجليز. ودعني هنا أقفز الى الامام، ففي سنة 1984 أذهب في بعثة كشفية الى فرنسا، وفي باريس طلبت وسمح لي بأن أضع اكليلا من الزهور على ضريح شارل ديغول لذكراه وذكرى اللقاء مع المرحوم والدي.

هذا كله قبل سنة 1948 فقط، ولم أذكر هنا عدة أشخاص صافحتهم بيدي اليمنى في ذلك الوقت، مثلا غلوب باشا والذي عمل والدي معه في إرشاد القبائل البدوية في الأردن، حيث كان يأتي الى بيت والدي وسمير باشا الرفاعي الذي كان رئيس وزراء الأردن لفترة طويلة والذي استضافه والدي في بيتنا في الزرقاء وغيره الكثير. وما دام الأنسان لا يستطيع أحيانا ان يتخلص من عقدة الأنا وحب الذات، فدعني أقول إن يدي اليمنى لاتزال ترافقني حتى اليوم باذن الله، وأنا ابن التسعين لأقول بعد سنه 1948 كذلك صافحت وقابلت الكثير من زعماء العالم، ففي سنة 1963 اشتركت في أثينا في دورة خاصة للكشاف العالمي وليوم واحد مع الملك قسطنطين ملك اليونان. في ذلك اليوم، وها أنا في كل سنتين أسافر الى لندن، لأمثل تاريخ والدي المرحوم والذي يحمل عدة أوسمة بريطانية لأقابل وأضيف وأتصور مع الأمراء والوزراء وأحدثها صورتي مع الأمير تشارلز، ولي العهد البريطاني، وهناك حصلت على أعلى وسام كشفي من بيت بادن باول، بيت الكشاف العالمي، والذي أنا عضو رسمي فيه، وقد أكتفي بهذه الذكريات والله ولي التوفيق.

زعيم فرنسا الجنرال شارل ديغول ضيفا لعائلة عزة التي اشتهرت بمضافتها المعروفة في جبل الدروز

مقالات ذات صلة:

أصول عائلة فرج

عائلة فرج، هي عائلة تنوخية عريقة لها حضور وكيان في التجمعات الدرزية منذ عدة قرون وأنجبت شخصيات دينية لامعة كان