الموقع قيد التحديث!

هجرة السكان من منطقة حوران إلى حيفا في فترة الانتداب البريطاني

بقلم د. جبر أبو ركن
عسفيا
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

تقع منطقة حوران في جنوب سوريا، يحدّها من الجنوب الأردن، ومن الغرب الجولان، ومن الشمال جبل الشيخ وجنوب دمشق وقسم من الصحراء السورية، ومن الشرق جبل الريّان – الدروز – العرب- جبل حوران والباشان. يمتدّ سهل حوران على مساحة 3.5 مليون دونمًا، ويُعرف تاريخيًّا باسم بلاد القمح. وكان هدفًا لغزوات البدو طمعًا في الطعام والماء على مرّ التاريخ. ممّا أدّى إلى صراعات ومعارك عديدة بين البدو المتنقّلين والحضر أيّ السكان الثابتين في بيوتهم وعلى أراضيهم في القرى والبلدات المختلفة.

بعد احتلال الانكليز للمنطقة في الحرب العالميّة الأولى، وانتهاء الحكم العثماني-التركي الذي دام بين السنين 1517-1917. قسَّم الانكليز والفرنسيّون الشرق الأوسط إلى مناطق نفوذ واستعمار-انتداب- حسب مصالحهم وأهدافهم. ومن بين تلك المصالح للانكليز كان نقل البترول من العراق – كركوك وموصل- عبر أنابيب النفط- IPC- إلى حيفا على شاطئ البحر المتوسط، وبعدها في السفن إلى بريطانيا وأوروبا. ومن أجل ذلك انشأوا في حيفا وخليجها مصانع عديدة وأهمّها معامل تكرير النفط – Refinary – وميناء حيفا وسكّة حديد تربط حيفا بمدن الشرق خاصّة بيروت ودمشق ويافا والقاهرة. وتحوّلت حيفا خلال سنوات قليلة إلى مدينة حديثة اقتصاديًّا وصناعيًّا وتجاريًّا ومركزًا إداريًّا لسكّان المنطقة جميعها، ومركزًا للمواصلات البريّة والجويّة والبحريّة. بالإضافة لكلّ ذلك، أقام أغنياء اليهود مصانع ومتاجر عديدة أهمّها مصنع نيشر للأسمنت. ومصنع شيمن للزيوت. ومطاحن حيفا الكبرى للطحين. فتحوّلت مدينة حيفا إلى مركز اقتصادي كبير وهامّ جدًّا في شرق البحر المتوسط، يجذب إليه السكان والأيادي العاملة من المناطق القريبة والبعيدة. واحتاجت أماكن العمل إلى العمّال المهنيين وغير المهنيين. وازدادت الهجرة إلى حيفا وخاصّة الفلاحين بعد سنوات محل وفقر، وطمعًا في المال المتوفِّر في أماكن العمل الحديثة في المدينة الحديثة. من بين المناطق التي هاجر منها السكّان إلى حيفا في تلك الفتره منطقة حوران ومنطقة جبل الريّان-الدروز- خاصّة بعد إخماد ثورة سلطان باشا سنة 1927. وما لحقها من خراب ودمار وفقر وهجرة سكّان بحثًا عن العمل والأمن والأمان. ومن بينهم كان الدروز. بعضهم سكن في حيفا. ومعظمهم سكن في بلدات درزيّة مثل عسفيا القريبة من حيفا ودالية الكرمل وشفا عمرو. وما زال العديد من أولادهم وأحفادهم يقيم ويقطن في تلك البلدات في الكرمل والجليل.

ازداد عدد سكان حيفا كثيرًا في تلك الفترة. كان يسكن فيها سنة 1922 حوالي 24470 نسمة (منهم 74% عربًا و25% يهودًا). وسكنها سنة 1931 حوالي 51071 نسمة (68% عربًا و31% يهودًا). تراوح عدد العمّال الذين قدموا من حوران ومنطقتها إلى حيفا حتّى سنة 1935 بين 2600-3000 عاملا. معظمهم عمل في الأعمال الشاقّة (عتّالين في الميناء والمعامل وفي المحاجر وتعبيد الشوارع والنظافة والعمار والبيّارات وغيرها) كانت أُجرة اليوم للعامل المهاجر – من حوران وغيرها – 160 ميل فلسطيني. وللعامل المحلّي من حيفا 200 ميل. بسبب الأجر- المعاش- المنخفضة للعامل الغريب والمهاجر، تراجعت مكانة وأجرة العمال اليهود والعرب المحلّيين في حيفا وتذَّمروا واحتجّوا لدى المسؤولين الإنكليز. ولكنّ الاعتبارات الاقتصاديّة والماليّة- الرأسماليّة وأرباح أصحاب أماكن العمل هي التي تقرِّر في نهاية الأمر. في العصر الحاضر، يسكن مدينة حيفا حوالي 310 ألفا (مع ضواحيها ومنطقتها حوالي مليون نسمة). منهم 85% يهودًا والباقي طوائف غير يهوديّة). توجد في لواء حيفا بلدتان درزيتان- دالية الكرمل- سكّانها حوالي 18500 نسمه (99% دروز)، عسفيا – سكانها حوالي 14 ألفا (80% منهم دروز). آلاف الدروز في الكرمل والجليل والجولان يعتمدون في معيشتهم على العمل والعلم في شتّى الفروع والمجالات في مدينة حيفا والمدن والبلدات المجاورة لها. ومن بينهم أبناء وأحفاد الدروز الذين قدموا للعمل في حيفا من سوريا ولبنان خلال فترة الانتداب البريطاني والفرنسي (1918-1948).

مقالات ذات صلة:

زاوية “العمامة” للصغار – “مشوارنا طويل..

كانَ الُْمَعِّلمُ كَمالُ جُنْبلاط يَعْمَلُ يَداً بِيَدٍ مَعَ الْعُمّالِ، في تَرْتيبِ أَرْضٍ إخْتارَها لِبِناءِ بَيْتٍ لْمُرافِقِهِ مُحَمَّد. وَقَفَ الْمُعَلِّمُ يُساعِدُ