الموقع قيد التحديث!

من مزايا الموحدين.. حفظ الإخوان

بقلم الشيخ أبو صلاح رجا نصر الدين
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

يمتاز الموحدون الدروز بصفات وخصال وتوجيهات خاصة منها ما هو مشترك مع باقي الأديان ومنها ما يحظى بتشديد مكثّف ومنها ما هو فريد من نوعه ومتّبع فقط في أوساط أهل التوحيد وفي القرى الدرزية في كافة التجمعات المعروفية الموجودة. ومن أهم هذه المزايا فريضة حفظ الإخوان والقصد هنا هو حفظ إخوان الدين أي حماية من يستطيع ذلك للإخوة المؤمنين بالتوحيد وتقديم المساعدة لهم عند الحاجة والذود عنهم ونصرتهم والتخفيف عنهم ومدّهم بالحاجيات التي تنقصهم وتشجيعهم ودفعهم إلى التغلّب على أي مشكلة وتجاوز أي محنة وتحقيق هدف نبيل بنّاء في المجتمع مثل بناء بيت أو إقامة مشروع خيري أو ما شابه. وتزخر مؤلفاتنا بالدعوة إلى التكاتف والتعاضد والتعاون والتوافق من أجل الاستمرارية وتحقيق التعاليم والفرائض التوحيدية في المجتمع التوحيدي الدرزي. وتشهد الأحداث التاريخية التي واجهت الطائفة الدرزية منذ ألف سنة وحتى اليوم على أهمية هذه الفريضة وعلى مصداقيتها وعلى وجوب تطبيقها وتنفيذها والتقيّد بها. فقد فُرض على الموحدين الدروز منذ البداية أن يحاربوا ويقاتلوا دفاعا عن أنفسهم وعن معتقداتهم ويشهد التاريخ أن الدروز لم يقوموا ولا أي مرّة أثناء وجودهم بالتعدّي أو التسلط أو التحرّش أو التطاول على جيران لهم أو على حكم أو سلطة أو والي أو حاكم وإنما قاموا بحروب ومعارك ضارية بعد أن هوجموا في عقر بيتهم وحاول أعداؤهم القضاء عليهم وتحويلهم عن معتقداتهم أو تهجيرهم أو استعبادهم.

وقد نجح بعونه تعالى الموحدون الدروز في غالبية المعارك والحروب التي خاضوها وخسروا بعضها وتبيّن بعد تحليل المواقع الحربية كيف هبّ المجتمع الدرزي وحقّق فريضة حفظ الإخوان وضحّى بكل مقدّراته لدعم المحاربين أو الأطراف التي اعتُدي عليها وعمل كل ما باستطاعته لنصرة إخوانه والمحافظة عليهم.

وإذا استعرضنا التاريخ بدءا من اليوم ورجوعا إلى الوراء كيف هبّ دروز إسرائيل في السنوات الأخيرة وقاموا بدعم مادي ومعنوي لإخواننا دروز سوريا الذين عانوا من وطأة الحرب الأهلية القاسية وتعرّضوا لبعض التعديّات من داعش ومن عناصر متطرّفة. وأذكر هنا جهود فضيلة الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية الذي بذل كل الجهود على كل المستويات وفي كل الأمكنة المتوفرة ولدى الحكومات الغربية وعند القيادات الإسرائيلية وفي المملكة الأردنية الهاشمية وفي كل مكان ممكن من أجل حماية وحفظ ودعم إخواننا هناك ونجح مشكورا. وقد وقف دروز البلاد كذلك في الثمانينات من القرن العشرين عندما وقعت حرب الشوف فوُجِّهت المساعدات وتدخّل فضيلة سيدنا المرحوم الشيخ أمين طريف وكذلك عضو الكنيست أبو لطفي أمل نصر الدين والقيادات الدرزية في البلاد لدعم إخواننا هناك الذين حققوا انتصارا باهرا. وعندما قامت الثورة السورية الكبرى اضطر عدد من الدروز هناك أن يلجؤوا إلى بلادنا وأن يسكنوا في القرى الدرزية هنا فقامت كافة البيوت باستيعاب أهل الجبل وكذلك سكان حاصبيا لأكثر من سنة حتى استقرت الأمور. وعندما أثير النزاع حول ملكية مقام النبي شعيب عليه السلام في الثلاثينات من القرن العشرين من قِبل المجلس الإسلامي الأعلى قام الدروز في البلاد بالتوجّه إلى عطوفة سلطان باشا الأطرش فأرسل عطوفته كتابا إلى الحاج أمين الحسيني داعما دروز البلاد في هذا الموقف المحرج. وفي عام 1840 قُتلت امرأة من قرية الطيرة بجانب حيفا واتُّهم بمقتلها سكان دالية الكرمل واضطروا إلى الجلاء إلى قرية مجدل شمس حيث استقبلهم هناك السكان برحابة صدر وبعد فترة تبيّن أنهم بريؤون وتم إعادتهم إلى قريتهم. وفي حوادث الستين في لبنان هبّ زعماء جبل الدروز وقدّموا الدعم لإخواننا هناك كما فعل دروز البلاد قليلو العدد وقدّموا مساعدات لا يستهان بها. وعندما وقعت الأحداث المؤسفة بين الشعبية والطرشان في جبل الدروز عام 1947 تألّف وفد برئاسة سيدنا فضيلة المرحوم الشيخ أمين طريف وسيدنا المرحوم الشيخ أبو حسين محمود فرج من لبنان وعدد من المشايخ وذهبوا إلى جبل الدروز لحل المشكلة وإعادة التفاهم والحياة المشتركة هناك. هذه هي نماذج قليلة فقط من تاريخ الطائفة الدرزية الذي يثبت تحقيق مبدأ حفظ الإخوان بشكل جماعي لكن هذا المبدأ يُطبَّق يوميا في كل مكان في القرى الدرزية بين أفراد وعائلات وجيران ومعارف، والطائفة الدرزية سعيدة بذلك. وختاما نبارك لإخواننا الزيارة التقليدية لمقام سيدنا شعيب عليه السلام في ذكرى الشحار وحضر وكل عام وأنتم بخير.

مقالات ذات صلة: