الموقع قيد التحديث!

من عبق التاريخ: اللقاء مع شيخ خلوات البياضة أبو فندي جمال الدين شجاع والزيارة الى الشوف

بقلم عضو الكنيست السابق امل نصر الدين
رئيس مؤسسة الشهيد الدرزي والكلية قبل العسكرية
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

في خضم عملية “سلامة الجليل” وحرب لبنان عام 1982، توجّهتُ الى رئيس حكومة إسرائيل آنذاك السيد مناحيم بيغن، وطلبت منه أن يوافق على دخول وفد برئاسة فضيلة الشيخ أمين طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في حينه الى منطقة حاصبيا، وزيارة خلوات البياضة معقل الموحدين الدروز، وأهمّ معهد ديني للطائفة الدرزية وأقدَم وأبرَز رمز لها.

لقد انتهز السيد بيغن الفرصة السانحة وطالبني بالدخول إلى لبنان، والعمل من أجل التوصُّل إلى صيغة تفاهم بين الدروز في لبنان وجيش الدفاع الذي كنّ الاحترام الشديد لأبناء الطائفة وقياداتها خصوصًا وأن رئيس الحكومة اتّخذ في حينه قرارًا بعدم جمع السلاح من الدروز، وبأنّه سيقوم بتزويدهم به وبتلبية احتياجاتهم في حال اقتضت الضرورة ذلك.

السيد امل نصر الدين مع فضيلة المرحوم الشيخ أبو فندي في الزيارة التاريخية لمشايخ لبنان للمقام الشريف

لم يكن غريبًا على رئيس الحكومة أن يثني على اهتمامي في شؤون أبناء طائفتي الدرزية في إسرائيل ولبنان. وبعد أن نلتُ موافقته توجّهت إلى قرية جولس واجتمعت مع فضيلة سيدنا الشيخ أمين طريف (ر) الذي شكرني على هذا الإنجاز، ثمّ قمنا على الفور بتشكيل قائمة أسماء أعضاء الوفد الكريم الذي تقرّر أن يتوجّه الى حاصبيا حيث ضمّ هذا الوفد 21 شيخًا وممثلاً عن رئاسة الحكومة.

لدى وصول الوفد إلى حاصبيا، وبعد أن تحدّث رئيس البلديّة الشيخ بهجت بك شمس باسم المشايخ والشباب هناك، طلبت من فضيلة الشيخ أمين طريف أن يقوم بإلقاء كلمة تليق بهذا المقام فقال فضيلته: إنه لن يفعل ذلك بعد ما سمعه من حديث شيّق نابع من إرادة ومحبة أهالي حاصبيا لأبناء الطائفة الدرزية، وطلب مني فضيلته أن أقوم بإلقاء كلمة أعبِّر من خلالها عن الاحترام والتقدير لأهالي حاصبيا. فقمتُ بإلقاء خطاب أفصحتُ فيه عن مدى حبنا واحترامنا وتقديرنا لأهالي القرية وذكرت أفعال بطل بشيمون الأمير مجيد أرسلان، وفيلسوف الشرق المرحوم كمال بيك جنبلاط، فسارع الشباب إلى حملي على الاكتاف وطلبوا أن استمر في الكلام، وطلبت من السيد وليد جنبلاط أن يحذو حذو والده الذي أحب السلام وفضّله على الحروب، وأن يسعى إلى توحيد صفوف الدروز بدلا من تفرّقهم.

وفي ختام خطابي طلب مني فضيلة الشيخ أبو فندي جمال الدين شجاع وفضيلة الشيخ ابو سهيل غالب قيس أن أدخل إلى إحدى الخلوات وقد طلبا مني أمريْن: الاول – عدم جمع السلاح من أبناء الطائفة الدرزيّة في لبنان. والطلب الثاني – العمل على تحقيق السلام وإجراء الصلح بين فضيلة الشيخ أبو حسن عارف وفضيلة الشيخ محمد أبو شقرا.

فضيلة الشيخ ابو سهيل غالب قيس

فأبلغت الشيخ أبو فندي بأن الطلب الأوّل قد لاقى حلًّا له وبأنّني قد عقدت جلسة مع رئيس الحكومة مناحيم بيغن، وطالبته بإصدار أمر بعدم جمع السلاح من الدروز في لبنان، واتفقنا أن يقوم جيش الدفاع بتزويدهم بالسلاح المطلوب، أمّا فيما يخصّ بالطلب الثاني بحل الخلاف المزمن بين فضيلة الشيخيْن الجليليْن أبي حسن عارف وأبي نبيه محمد أبو شقرا والذي سعى زعامة جبل الدروز ولبنان لحلّه ولم ينجحوا في ذلك، فقد وعدتُ بأن أدرس الموضوع عسى أن أجد له الحل.

مع عضو البرلمان السيد قحطان بيك حماده

واذكر ايضا انه عندما جلسنا على طاولة الشيخ أبو فندي، الذي قدّم لنا وجبة غداء غنية جدًّا بالقوز والصنوبر والأرز وعشرات أنواع المقبلات والعسل، هبطت مروحة تابعة لجيش الدفاع في ساحة الخلوات حيث خرج منها ضابط طلب رؤيتي، وعندما التقيته طلب مني، بناء على أمر من رئيس اركان جيش الدفاع رفائيل إيتان (رفول) أن اصطحبه لجمع السلاح من الدروز هناك ومن عدد من قرى الدروز الأخرى. فأبلغته بلقائي مع رئيس الحكومة قبل يوم فقط الذي شارك فيه مدير عام مكتب رئيس الحكومة وقد كان شاهدا على أوامر رئيس الحكومة بعدم جمع السلاح من الدروز وبأنه على جيش الدفاع تزويدهم بالسلاح إذا طالبوا ذلك. لم يرحل الجنرال حتى قمنا بالاتصال من هاتف المروحية مع مكتب رئيس الحكومة، الذي اهتم بالأمر وبعد دقائق تلقينا مكالمة من الجنرال رفائيل ايتان الذي طلب من الضابط الرجوع إلى تل أبيب لأن رئيس الحكومة أبلغه بعدم جمع السلاح من الدروز بل على جيش الدفاع تزويدهم بالسلاح إذا أرادوا ذلك. بعد انقضاء ثلاثة أيام توجّهت إلى مدينة بعقلين في الشوف للقاء أهل والدتي عائلة حماده حيث استقبلني هناك عضو البرلمان قحطان بيك حماده ورفيق بيك حماده الذي حللت ضيفًا عليه بقرار العائلة. وقام المضيف السيد رفيق بدعوة عشرات الزعماء إلى وجبة عشاء تحدّثت فيها بإسهاب عن العلاقات الطيبّة بين الدروز في البلاد والدولة، وخصوصًا مع رئيس الوزراء آنذاك مناحيم بيغن. وقد حضر في اليوم التالي فضيلة الشيخ الفاضل أبو محمد جواد ولي الدين إلى منزل السيد رفيق حيث افتتح الحديث بتهنئتي وأبلغني بأنّه شاهدني عبر التلفاز حين تحدّثت عن السلام والمحبّة وعن دعمي للطائفة الدرزية في لبنان ضد المعتدين، وقدّم لي الشكر على ذلك ودعاني لزيارته في منزله فقلت له: “أنا شاكر لحديثك عن خطابي في حاصبيا وأُحيّي فيك القيادة الدينية الرصينة وأكنّ لك التقدير والاحترام، لكنّني حسب البرنامج سأغادر بعقلين إلى منطقة خلدة للقاء الأمير أرسلان، ومن هناك أعود لمقابلتك وهكذا جرى.

مقالات ذات صلة:

نساء صوفيّات

شهدَ التـَّأريخُ الإسلاميّ العَدِيد مِن النّسَاء اللّوَاتِي ارتـَقـَين مَدارج المعرفة الرّبَانيّة والنّفحاتِ الرّحمانيَّـة، بيد أنّ الخطـاب الدِّينِي القدِيم والمعَاصر كانَ