الموقع قيد التحديث!

من رموز الموحدين الدروز.. الكرم والسخاء والعطاء

بقلم الشيخ الأستاذ علي المن
مفتش التراث الدرزي سابقا
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

نشأ المجتمع الدرزي منذ تأسيسه، على السخاء والعطاء والكرم والجود، وأكثر ما يميّز القرى الدرزية، خلال ألف سنوات وجودها، هو بيوتها المفتوحة، ودواوينها الغاصّة بالضيوف، وروائح القهوة والأطعمة المنبعثة من البيوت، والاستعداد النفسي الكبير، عند أبسط فلاح، وأفقر إنسان، أن يجود بكل ما يملك لمن يطرق بابه، ومن يتوجّه إليه، ومن يأتي قاصدا ضيافته. وبالرغم من أن المجتمع التوحيدي الدرزي، هو شبه مغلق دينيا، أي أنه لا تبشير فيه، ولا يوجد أي مجال لإنسان خارجي، أن يدخل في الدين، وحتى لا يُسمح بالتصريح، أو الإعلان، أو الإفصاح، أي أن هناك أمورا مغلقة للخصيصة من الناس في كل بيت درزي، لكن ذلك لا يمنع من الرجل الدرزي المتديّن، أن يكون منفتحا مرحّبا، مهللا، مستقبِلا كل من يمرّ بجانبه، يدعوه للدخول، وأحيانا يشعر بإهانة، إذا لم يستجب له إنسان. فالبيت مفتوح، والديوان جاهز دائما، لاستقبال أي ضيف، والعائلة الدرزية ترحب وتؤهل بكل قادم،

 وبالرغم من أن الدروز عاشوا ألف سنة، منزوين في قمم الجبال، وفي أماكن بعيدة نسبيا عن التجمعات الكبيرة، وذلك من أجل المحافظة على تراثهم، وكيانهم، ومزاياهم، إلا أن ذلك لم يمنعهم أن يكونوا أصحاب البيت الواسع، والصدور الرحبة، والترحاب الكبير، مما حدا بمئات الزوار، والرحّالة، والمسافرين، والصحفيين، وعابري السبيل، واللاجئين، والمنكوبين، والمحتاجين من الطوائف الأخرى، أن يلجأوا في أوقات الشدة، إلى مواطن الدروز، فيجدون هناك الرعاية، والحماية، والهداية، والطمأنينة، والرأفة، والبيت الدافئ، والمأوى الآمن، وكل أصول الضيافة الحقة، دون أن يكون هناك أي مطمع لصاحب البيت، بل بالعكس، فقد مكث الآلاف من اللاجئين والنازحين، في بيوت الطائفة الدرزية، في جبل الدروز في سوريا، وفي القرى الدرزية في لبنان، وفي قرى الجليل والكرمل، كلاجئين خلال سنوات طويلة، حيث حافظ الدروز على عرض النساء، وقدّموا كل ما باستطاعتهم، من أجل أن يشعر هؤلاء بالأمان والطمأنينة.

وتنبع ميزة الكرم والعطاء عند أبناء الطائفة الدرزية، من التعاليم التوحيدية الأصيلة، العريقة، التي يومن بها كل شيخ، أو مواطن، أو مؤمن توحيدي، والتي تقول، إن المُلك والثروة هي لله، سبحانه وتعالى، وليس للشخص الذي يدير شؤونها، في لحظة معينة من حياته. وإن ما رزقه الله بعطاء وافر، وبمُلك مفيد، فهو يديره، ويتصرف به، لفترة زمنية أثناء تواجده. ومن المفروض، أن يلبي رب الأسرة احتياجات اسرته وأولاده، بالدرجة الأولى، ولذلك عليه، إن وجد أمامه محتاجا، أن يجزل له العطاء، لأن كل إنسان يتصدق ويقدّم، من عطاء الله له، ومن الثروة الزمنية، التي منحها له الله سبحانه وتعالى، في مسيرة حياته هذه. وقد ذكر الغربيون بإعجاب وتقدير، مضافات الأمير سليم الأطرش في جبل الدروز في سوريا، وباقي الزعماء الدروز، في الشوف، وفي الجولان، وفي الجليل والكرمل، حيث اهتم المواطنون الدروز، ألا يترك بيتهم جائع، او محتاج، إلا وقد حصل على مبتغاه.  ويسعدني ونحن نحتفل بالزيارة السنوية لمقام سيدنا النبي شعيب (ع)، أن اقدم  التهاني  لفضيلة الشيخ أبو حسن موفق طريف، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، وللقضاة والمشايخ الأفاضل، ولجممع أبناء الطائفة الدرزية في كل مكان، راجيا من الله، سبحانه وتعالى أن يعيد هذه المناسبة والكل يتمتع بالصحة والخير والسعادة على الدوام..

مقالات ذات صلة:

شعر: العِيدُ الكَبِير

العيدُ ما العيدُ؟ إنَّ العيدَ مَعناهُمظاهرُ العيدِ ليستْ غيرَ زينتِهقد يفرحُ الناسُ في ثوبٍ وزَخرفةٍويَسعدُ المرءُ في جَمعٍ وبهرجةٍلكنَما العيدُ