الموقع قيد التحديث!

مع عملاق الزجل الفنان الزجال الشعبي الشاعر الموهوب ” أمير المنبريْن” أبي شادي طليع نجيب حمدان في عرينه قرية عين عنوب

بقلم الشيخ د. نجيب صعب
ابو سنان
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

لقاء تاريخي من عام 1982

ما ان يخرج الزائر من الشويفات متّجهًا المنطقة الجبليّة جبال الشوف، تطلّ عليه ضيعة عين – عنوب معقل الشاعر المحبوب ابي شادي وكأنّها معلقة في السماء وتحيطها الخضرة من كلّ جانب على طريق بلدة عاليه المشهورة بمصايفها، وقد خصّها الباري عزّ وجلّ بالمناظر الخلّابة والإطلالة المشرقة، إضافة الى شعور الزائر وهو في عين عنوب يطل على البحر ويرى بيروت بكاملها أمامه ومن حوله يمينا وشمالا ضيعات زاهية حتى شاطئ البحر الأبيض المتوسط، حقًّا أنّه منظر خلّاب يشرح الصدر وضيعة تستحقّ ان ينشأ ويترعرع فيها الزجّال ابو شادي الذي طالما تمنّينا ان نلتقي به، وان الله جل ذكره حقّق للكثيرين أمنياتهم والتقوا به، وكنت واحدًا من الذين تمنّوا ذلك وحقّق سبحانه مناهم، والتقيت بصاحب الطلّة البهيّة والبشوش الوجه الكريم النفس في منزله عين-عنوب حيث استقبلني بكّل حفاوة وترحاب مؤكِّدًا في ملقاه شوقه إلينا وحبّه في رؤيتنا، هذا حقًّا ما لمسته منه قبل ان نبدأ اللقاء حيث دار بينا الحديث التالي :

 س – بداية أود اخي أبو شادي لو سمحت أن تطلع الجمهور الكريم في مستهلّ لقائنا باختصار عن تاريخ حياتك الفنّيّ تفضّل

ج- قبل كلّ شيء ارحّب اخ نجيب وأهلا وسهلا وقبل ان نبدأ الحديث من كلّ أعماق قلبي اقدّم تحيّة خالصة لك ولإخواننا وأهلنا الدروز ولكلّ من يسأل عنا في إسرائيل واعترف بأن إخواننا في إسرائيل قد أفضلوا علينا بحبّهم الصادق إلينا واعتزّ من ّكلّ قلبي بحبّهم لأنّهم محافظون على درزيّتهم وأصالتهم، حيث أن مَن لا يحافظ على أصله أيًّا كان فمصيره الفشل المحتوم، وتربطنا اخي نجيب كما تعلم ان كنا سوريا ولبنان واسرائيل وفي كل مكان آخر في أرجاء المعمورة بيننا رباط ديني لن يتزعزع ما زلنا على قيد الحياة وهو الذي يجمعنا سواء، ومن هنا ننتقل إلى الحياة الفنّيّة وأقول: أنا إنسان تربّيت في بيت فلّاح، أبي نجيب علي حمدان  فلّاح وصاحب رزق وشيخ دين وكان يحبّ الشعر الروحاني، وعندما كان عمري10-12 سنة بدأت أحفظ أبيات زجل وشعر لشحرور الوادي وعلي الحاج  وأنّ علي الحاج وأسعد خوري هما اللذان أسّسا المنبر اللبناني وواظبت آنذاك على حفظ الأشعار وبعض الردّات وصوتي حلو وتابعت المسيرة كذلك.

س -وكيف كنت تربط بين الشعر والزجل والمدرسة؟

ج – كنت اذهب إلى المدرسة بالقرب من بيتنا وأستاذي شكيب فرج من الشويفات وعند وصولي إلى المدرسة كان يقول لي: يا بتغنّي يا إمّا بقتلك وهو اليوم في البرازيل، إلّا أنّه كان يحبّني كثيرًا ويرغب دائمًا في سماع صوتي

س – وبعد خروجك من المدرسة أبو شادي ماذا فعلت يا ترى؟

 ج – عندما بلغت سن الـ 18 من العمر كانت لدي إمكانيات لمتابعة دراستي الثانوية والعليا، إلّا أنّي لم أرضّ رغم رغبة والدي بذلك إلّا أنّي لست نادمًا، لأنّك اخي نجيب يمكنك ان تحصل على بكلوريا لكن فيك تعمل شاعر إذا ربك مش عاملك شاعر، وكنت عندما يأتي الربيع تبدا حفلات الزجل في لبنان، أترك المدرسة وعلى الحفلات إلى ان أصبحت اغنّي وانظم من فكري وأنا في سن ال18.

س- اخ طليع متّى غنّيت أول حفلة في لبنان كبداية عهدك الفنّيّ؟

ج- في سن العشرين واحد وعشرين غنّيت أوّل حفلة في كفار شيما والثانية في كفار سلوان، والحفلة التي انطلقت فيها شعريًّا كانت على ساحة الدباس في بيروت بحضور الكثيرين من شعراء لبنان مثل وليام صعب وزين شعيب وعندها كان عمره 40 سنة، وكان موضوع الحفلة “بين القلب والعين ” وأخذت أنا موقف المدافع عن القلب والزميل فؤاد شعبان كان يدافع عن العين وقلت للجمهور: “الأنسان يمكن ان يعيش بدون عين أمّا بدون قلب لا يمكن وهذا كل انسان يعرفه، إنّما البلاغة في قفلة القصيدة أي نهايتها، فقلت عندها للشعراء الجمهور بردة جميلة جدا: “اللي بحب قلبه اكثر من العين يجيب قلبه ويأخذ عيوني” وأبى الجمهور إلّا أن أعيدها، وعندها تعرّفت لأوّل مرّة على زين شعيب أبي علي حيث قال لي :خلّيك هيك وأنّك ستصبح شاعرًا من أكبر الشعراء من خلال هذه الحفلة أصبحت علاقتنا جيّدة ويرفض زين شعيب أن يغنّي في أيّة حفلة إلّا إذا كنت موجود، ويطلبني من بين الجميع في الحفلات السهرات والمأتم.

س – وتمكّنت ابا شادي من تنظيم مباريات زجليّة في بداية عهدك الفني مع شعراء زجالين؟

 ج – نعم بدون شكّ، أوّل مباراة قمنا بها زين شعيب وأنا في خلدة بعد أن عملت عدّة سنوات وكانت الحفلة تحت رعاية الأمير مجيد أرسلان.

 س – وماذا عن الزملاء الشعراء وعملكم المشترك أبا شادي “أمير المنبرين”؟

 ج – بعد حفلة خلدة غنّيت سنة أنا وادوار حرب وزين شعيب، حيث كان خلافًا بين زين شعيب وزغلول الدامور، وبعدها اتّفقنا أنا وزين شعيب والزغلول وادوار حرب وألّفنا فرقة فنّيّة عملت فترة 9 سنوات، وأنا شخصيًّا احترم الزغلول وزين شعيب وكلّ الشعراء اللبنانيين في حقل الغناء وفكرت أن أُقيم فرقة زجل انا وادوار حرب، والأحداث الأخيرة في لبنان بشكل عام حالت دون ذلك وانفصلنا عن بعضنا إلّا أنّي أقمت فرقة جديدة- جوقة زجل جديدة – باسم “فرقة لبنان الجديدة ” انا ونزيه صعب  وانطون سعادة وخليل شحرور، والأوضاع الشعريّة اليوم جيدة والأمور ميسّرة والحمد لله

س – نحن نعلم قليلًا عن العلاقات بين الفنّانين وهل لك أن تطلع الجمهور الكريم عن العلاقة بينك وبين الزغلول وزين شعيب؟

ج – آخر مرحلة كانت بيني وبين زغلول الدامور في كندا، لا يزال حتى اليوم صديقي وصاحبي هو وزين شعيب اليوم في لبنان  وقد طاب الحديث بيننا وتخلّلت اللقاء دردشات ومزاح أخوي حقيقة، حيث ينتقل بنا الأخ طليع الى الجانب  العملي في حياته الاجتماعيّة  ويستطرد في حديثه الشيّق قائلا ببشاشة وطيب خاطر حيث يقول ما يلي: آمل بعون الله ان تتحسّن الأحوال ونستطيع ان نغني عندكم في إسرائيل بين أقاربنا وأصدقائنا إن شاء الله، وفي الحقيقة في بداية قولي الشعر كنت أصبّ بلاط، ثم عملت فترة 4 سنوات نحات حجر، وبعد الانطلاق شعريا قبل حوالي 15 سنة لم أعد أعمل سوى  بممارسة الزجل وقول الشعر حتى اليوم وان شاء الله سنتابع مشوارنا الفنّيّ على أمل ان يكون عطاؤنا موفقا بعون الله

س – اخي طليع هل لك ان تتكرّم وتشنّف أذني ببعض الأشعار الزجلية الشيّقة؟

ج – نعم تكرم أخي نجيب، قبل عشرة أيام تقريباّ عندما علمنا بزيارة فضيلة الشيخ أمين طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل دعيت لأقول قصيدة بهذه المناسبة في قصر الأمير مجيد أرسلان، أقول منها بعض الابيات عادي بدون تلحين، ولم ارض بذلك وأصريت أن اسمعها بلحن بل طلبت من أبي شادي ان يقولها بلحن وفعلًا لبّى طلبي مشكورًا حيث قال:

  تمنّيت شوفك يا علم لفّاتنا                 طلّيت من خلواتك لخلواتنا

ويا ناصر الدين الامل والانتصار          ويا سعيد الحق مش ممكن يضيع

ولا فرق بين تراب وثاني تراب                 ما زال ترابتك تراباتنا    

طل يا شيخ الفضيلة والصواب           لازم نشوفك يا بطل بيناتنا

وتابع أبو شادي في قوله لبعض الابيات،                                    

يا عم بو يوسف امين بهالديار              بدو رضاك ولهفتك ابنك طليع

ويا مشايخنا يا لفات الوقار                   انتو اسهرو علينا بلفات الوقار

انتو اسهرو علينا بهلقلب الوديع          انتو اجمعونا بفرد باقة اعتبار

ويا ناصر الدين الامل والانتصار          ويا سعيد، الحق مش ممكن يضيع

ليش عم يتفرقو زهور الربيع                 مهما القطيع يوزعوه بكل دار

خلو العقل راعي تيجمع هالقطيع        نحنا جماعة لا يمين ولا يسار

في النا سلمان بجمعنا سوا وبهمّنا لبنان يبقى للجميع

وقبل ان ننهي اللقاء قدمت لشاعرنا المحبوب امير المنبرين وعملاق الزجل اللبناني ابن ضيعة عين عنوب أوّل عنقود من انتاجي الأدبي في ذلك الحين كتاب ” القرى الدرزية في إسرائيل والجولان ” حيث أعرب الاخ طليع عن سروره العميق وعن تقديره واعتزازه بهذا الإهداء قائلاً: أنا اقدّم لك بدوري كتابي – براعم ورد – وأود ان أقول لك هذه الردة على الكتاب:

قدمتلي كتابك غمر             من الورد العيني يملي

قدمتلك تحت الامر             كتابي من شعوري حملي

انشالله بنبقى طول             العمر بقدملك وتقدملي..v

مقالات ذات صلة: