الموقع قيد التحديث!

مذكرات الوفد الدرزي في شفاعمرو

بقلم المحامي الشيخ أمل سعد ماضي
جولس
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

بعد اغتيال المرحوم الشيخ أبو صالح حسن خنيفس، في تاريخ 1 كانون ثاني1939، (كذلك اغتيل معه الشيخ حسين شاهين والشيخ عبد الله شوفانيّة) تأزّمت الأمور، وأصاب الطائفة ضيق شديد في تلك الفترة، وسُجن 12 شخصًا من دروز شفا عمرو، وحكم بالموت على 18 شخصًا منهم من الهيئة العربيّة العليا في الشام، فطلب دروز شفا عمرو من الحكومة البريطانيّة حضور وفد من جبل الدروز لحل المشكلة، التي استعصى على أهل البلاد حلّها. فقدِم وفد من الجبل برئاسة المغفور له عبد الغفّار باشا الأطرش وزيد بك الأطرش (شقيق سلطان) وحمزة بك درويش والشيخ جبر مراد وأسعد بك كنج أبو صالح، حيث حلّوا ضيوفًا على الحكومة البريطانيّة وبدأت المباحثات مع وفد أهل البلاد المؤلف من 24 شخصًا برئاسة الشيخ أسعد أفندي قدورة مفتي صفد. إلّا إن المحادثات لم تُسفر عن إظهار المجرم القاتل.

أعضاء الوفد الدرزي السوري ويظهر في وسطها المستر إيفانس مساعد حاكم اللواء الشمالي، وعن يمينه عبد الغفار باشا، زيد بك الأطرش فحمزه بك الدرويش، وجلس عن يساره أسعد بك كنج أبو صالح، فالشيخ جبر مراد فالشيخ أمين حمزة، ووقف من اليسار إلى اليمين، شاعر الدروز سلمان ماضي من جولس، مزيد أفندي سعد قائمقام حيفا، الدكتور نايف حمزة، حمد بك البرادعي، حاكم الصلح حسين أفندي عبد الصمد، القائم مقام رفيق بك بيضون فالسيد داود العيسى. أخذت هذه الصورة من بيت الدكتور نايف حمزة طبيب مستشفى الحكومة في حيفا 1940.

تدخّلت الحكومة البريطانيّة وتبرّعت بدفع مبلغ 250 ليرة، ديّة المغدور، إلّا أن نجل المرحوم الشيخ صالح خنيفس رفض العرض وقال: لا أقبل الصلح إلّا بعد أن يدفع مسلمو شفا عمرو الديّة. فتبرّع زيد بك الأطرش بمبلغ 250 ليرة أخرى، فرفض الشيخ صالح ذلك. فقمتُ وقلت (أي الشيخ سلمان ماضي): “بما أن المرحوم شيخ دين، يجب ان تكون ديته ضعفين، أي يدفع نصفها الآن وتُعقد راية الصلح، ثم يتعهّد وفد فلسطين أن يحقّق ليكشف هويّة القاتل، وعندها يدفع أهالي شفا عمرو بقية الديّة.”

فرضي الشيخ صالح خنيفس ووافق ثم عرض الاقتراح على الاجتماع العامّ الذي عُقد في شفا عمرو بحضور الوفديْن وشخصيّات الانتداب البريطاني، فتباطأ مفتي صفد بإعلان موافقته، فقام فخري بك النشاشيبي وقال: “إنني افتخر بتلك الوصمة التي وصموني بها أهل البلاد، وهي إني خائن.. نعم إني خائن لأنني لم أقتل أحدًا والوطني هو من قتل، فأنا متكفِّل بدفع بقيّة الديّة.”

فعندها وافق المفتي على ذلك، وقال زيد بك الأطرش: “إن الثورة في فلسطين لم تحسّن السلوك، فلذلك كانت نتيجتها الفشل.” وبعدها عُقدت راية الصلح في تاريخ 14 كانون ثاني 1940 في الساحة الواقعة بين الكنيسة والجامع في شفا عمرو”. بعد أن رجع الوفد الدرزي إلى جبل الدروز، رفض مفتي صفد دفع بقيّة الديّة، فحضر فخري بك النشاشيبي إلى شفا عمرو وقال: “إن المبلغ حاضر وموجود”. فقام الشيخ صالح وقال: “إكرامًا للوفد ولفخري بك، فإننا نسامح بالديّة”.

رجع فخري بك النشاشيبي إلى القدس، وسافر إلى العراق فاغتيل في بغداد على يد أنصار أمين الحسيني، منافسه، في 9 تشرين الثاني 1941.

أعضاء الوفد الدرزي السوري ويظهر في وسطها المستر إيفانس مساعد حاكم اللواء الشمالي، وعن يمينه عبد الغفار باشا، زيد بك الأطرش فحمزه بك الدرويش، وجلس عن يساره أسعد بك كنج أبو صالح، فالشيخ جبر مراد فالشيخ أمين حمزة، ووقف من اليسار إلى اليمين، شاعر الدروز سلمان ماضي من جولس، مزيد أفندي سعد قائمقام حيفا، الدكتور نايف حمزة، حمد بك البرادعي، حاكم الصلح حسين أفندي عبد الصمد، القائم مقام رفيق بك بيضون فالسيد داود العيسى. أخذت هذه الصورة من بيت الدكتور نايف حمزة طبيب مستشفى الحكومة في حيفا 1940.

نبذة عن حياة المرحوم الشيخ أبو شفيق سلمان ماضي الشاعر ألشعبي  (الملقب: بشاعر الدروز):

وُلد الشيخ أبو شفيق سنة 1888 وتوفي في تاريخ 5 نيسان 1973. تُوفي والده سعد وكان عمره 14 سنة. أرسلته أمه زهرة (ابنة الشيخ يوسف نبواني) للدراسة في مدرسة الأيتام التابعة للجالية الروسيّة (المسكوبية) في الناصرة وأتقن اللغة الروسيّة، حيث تعلّم آداب اللغة العربيّة وقواعدها وعلوم أخرى.

بعد إنهاء دراسته في المدرسة بتميّز وذكاء، تقرّر إرساله لإكمال دراسته الثانويّة في بلاد الغرب، ضمن بعثة تعليميّة، حيث أن المدير والهيئة التدريسيّة وافقوا على ذلك، ولكن لم يتمّ ذلك. تزوّج من بديعة سليم حسن، أم شفيق، وأنجبا ولدين وستة بنات.

سافر في بداية القرن الماضي، رغم صغر سنه، إلى ألأرجنتين وجزيرة كوبا سنة 1905، بحثًا عن الرزق. تنقّل بين البلدان الأربعة: الأرجنتين، كوبا، ألمانيا وتركيا. حيث كان يتميّز بذكاء شديد وأتقن خمس لغات وهي: العربية، الألمانية، الإنجليزية، التركية والإسبانية.

كان محبًّا لرجال الدين ويرافقهم في المناسبات الدينيّة. طالع ألأدب العربي وكتب الكثير من المقالات في الجرائد الحكوميّة ونشر قصائده وأشعاره قيلت في المناسبات المختلفة. كان شخصية أدبيّة دينيّة لها مكانتها في المجتمع العربي. كتب العديد من القصائد والأشعار، ولهذا لُقّب “بشاعر الدروز”، كان يُحدّث في المجتمع ويدلي من معلوماته الشيّقة.

كتب مقالاته في جريدة الأنباء، الهدى، الأخبار- التابعة للدائرة الإسلامية والدرزية في وزارة الشؤون الدينيّة، الاستقلال، الاتحاد والصفاء اللبنانيّة وغيرها. رثى العديد من الشخصيّات، الزعماء ورجال الدين من كافّة الطوائف.

عند قدوم الوفد الدرزي السوري سنة 1940 لإحلال الصلح في شفا عمرو، رافق الوفد مدّة مكوثه في البلاد واستضاف الوفد في بيته (العقد) في جولس.

توفي في الخامس من نيسان 1973م ودفن بجوار ابنه المرحوم الشاب شفيق.

إن غبت عنكم فلا تنسوا مساهمتي       فقد    كنت    مشغوفاً     بحبكمُ

إن طال هجري فلا أنسى مودتكم         الجسم يفنى وتبقى الروح عندكمُ


المقال من مذكرات المرحوم جدّي الشاعر الشيخ ابوشفيق سلمان ماضي (1888-1973م) ، الذي رافق الوفد مدة مكوثه في البلاد واستضافه في بيته في القرية. قريباً ينشر كتاب عن قصائده ومذكراته.

مقالات ذات صلة: