الموقع قيد التحديث!

متفرّقات من “الذّاكرة الدّرزيّة”

بقلم المرحوم الشيخ سميح ناطور
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

جمعها المرحوم الشيخ سميح ناطور والّتي ستصدر قريبًا ضمن كتاب شرع بإعداده قبل وفاته تحت عنوان: “الذاكرة الدرزيّة” وهو مشروع لجمع وتدوين ونشر قصص من تراث وتاريخ أهل التوحيد

من أوّل من قام بتتويج المشايخ بالعمامات المكوّرة؟

كان الشيخ سعيد العقيلي من كبار المشايخ في عصره وكان متوَّجًا بالعمامة المكوّرة. وكان من المحافظين على مسالك السلف الصالح من المشايخ الأعيان علمًا وعملًا. وكان راغبًا في إبقاء الزيّ الدينيّ مهابًا وخاصّة لدى رجال الإقطاع الذين يقفون على خاطر المشايخ الذين يعتمرون العمائم المكوّرة ويلبسون العباءات البيضاء. وحدث أن أحد رجال الإقطاع الدروز أقسم أنّه لن يبقي أثرًا لهذا الزيّ الشريف. فنفذ الخبر إلى مسامع المرحوم الشيخ سعيد، فما كان منه إلّا أن قام بتتويج عصبة من المشايخ الأعيان بالعمامات المكوّرة حفاظًا على هذا الزيّ الشريف. نذكر على سبيل المثال سيدنا الشيخ أبا علي إسماعيل حسيكي، سيدنا الشيخ أبا يوسف أمين أبا حرب العريضي، وسيدنا الشيخ أبا حسين محمود فرج وغيرهم، فحافظ على هذا الزيّ الذي لا يزال معتمدًا حتّى اليوم.

المرجع: كتاب “مناقب الأعيان” للشيخ فرحان العريضي – الجزء الرابع – ص235

من هو أوّل من بدأ استعمال العباءة المقلّمة؟

كان الشيخ سعيد البقعسماني تلميذًا للأمير السيد (ق)، وفي آخر عمره، لزم بلده، وكان يزور السيّد (ق) كل ليلة جمعة. ولما جُمعت منظومات الشيوخ والتلاميذ، لم يأتِ هو بمنظومة، فأمر السيّد(ق) بأن ينظم شعرا فاعتذر، فلم يقبل له عذرا. فنظم الغرّة ومطلعها:

صحا القلب من خمر الهوى بالمعالم     وحاد عن الفحشا وطرْق المظالم

ولما قرأها السيد(ق) تبسّم من قوله:

 فقالت لها البشرى بنفس أبيّة      لك الفوز في الداريْن عن صفو نيّتي.

 فسأله السيد (ق) من أين يحقّ له أن يهنئ نفسه فقال له: إن نفسي لم تطالبني بذنب مدّة حياتي التي مضت. فهنّأه السيد (ق) واجتباه وقدّم له جبّة من جوخ، والجبّة هذه يلبسها العلماء. فأخذ الجبّة لكنه باعها واشترى بثمنها صوفا وحاكّ عشر عبيّ مقلّمة، قلمًا أبيض وقلمًا أسود، فلبس هو عباءة منها، وأخذ التسع الباقية لتلاميذ السيد الأمير(ق) فلبسوها، ومنذ ذلك الوقت ليومنا يلبسها كبار أهل الدين.

المرجع: كتاب “مناقب الأعيان” للشيخ فرحان العريضي – الجزء الأول – ص107

ماذا فعل فضيلة المرحوم الشيخ أبو محمد نجيب حمزة بالصدقات؟

يُروى عن فضيلة المرحوم، الشيخ أبو محمد نجيب حمزة، وهو من أتقياء المشايخ الدروز من قرية خريبة المتن، في لبنان، وقد اعتمر العمامة المكوّرة، فكان زاهدًا عابدًا متصوّفًا، لم يتزوج، ولم يقتنِ له بيتًا، ولم يمتلك مسكنًا له ثابتًا، وذلك زهدًا منه في هذه الدنيا الفانية. واعتُبر وليًّا صالحًا، فكان يزور المجالس الدينيّة في القرى المختلفة في لبنان وجبل الدروز، ويُحيي السهرات، ويشترك مع الإخوان في الصلوات الدينيّة. وكان الجميع يعرف مدى زهده وتقشّفه، وكان الكثيرون يتصدّقون عليه بأموالهم كي يتبرّكوا، بأن الشيخ أصاب أموالهم واستعملها. لكنّ الشيخ كان يأبى أن يستعملها لنفسه، بل كان يتصدّق بها على الفقراء والمساكين. وفي إحدى زياراته لخلوة عرمان في جبل الدروز، قام أحد المشايخ ووضع صرّة في جيبه، فلم يفتحها الشيخ، ولم يعرف ما بها، وهجع للنوم وقام في الصباح، يتلو الصلوات مع باقي المشايخ ولم يمسك الصرّة. وقد مرّ شيخ فقير من القرية بالخلوة، فسلّم على المشايخ الحاضرين، وفهم الشيخ بفراسته، أن هذا الشيخ فقير، فمدّ يده إلى جيبه، تناول الصرّة، ومنحها للشيخ الفقير الذي عاد إلى بيته، ففتح الصرّة وذُهل إذ وجد بها إحدى عشرة ليرة ذهبية. وكانت هذه تُعتبر ثروة طائلة في تلك الأيّام. عاد الشيخ الفقير إلى الشيخ أبو يوسف في التوّ قائلًا له: لقد أخطأت معي أيها الشيخ وناولتني كلّ ثروتك، وهي كبيرة لا أستحقّها. أجابه الشيخ: لا لم أخطئ أبدًا فقد أعطوني هذه الصرّة، لأعطيها لصاحب النصيب، ولم أفتحها، ولم أعرف ما بها، وهي من حقّك، وهنيئًا عليك ذلك، أطعم بها أولادك، وأمّن مأكلك ومشربك وتصدّق إن اقتدرت.

المرجع: كتاب “العمامة المكورة” للدكتور منير عطالله.

أيّ مجاهد قطع بقايا رجله بيده؟

شارك المجاهد “أجود مرشد رضوان” ابن مدينة “السويداء” في الثورة السوريّة الكبرى، وفي إحدى المعارك كان يصول ويجول ويبدي الكثير من ضروب الشجاعة، ويهزج ويغنّي حتّى سقطت قذيفة مدفع فرنسي بجانبه الأيمن، وانفجرت محطّمة عظام ساقه، وحولتها إلى قطع متناثرة يربطها الجلد الأسمر المخضب بالدماء، لكنه لم يفقد الرشد، نظر أمامه جيّدًا. واتّكأ على بندقيّته، وعاد بها إلى الخلف، مترنّحًا ذات اليمين وذات الشمال غير آبه للألم، فنادى على شقيقه، وطلب منه خنجرًا، وقام ببترها، ولفّها بعصابته جيّدًا حتّى يوقف النزيف، وحملها بيده اليُسرى، وتأبّط بندقيّته وقد قدّم له أحد الثوّار جواده حيث امتطاه وعاد به إلى “السويداء” مع أخيه “فندي”، وفي طريق العودة عندما كان يلتقي الرجال السائرين على الطرقات يمسك بساقه المبتورة وينتخي بها أمامهم، فتثير الحماس في النفوس، ويبعث فيهم روح التضحية، وبعد أن وصل إلى بيته بـ”السويداء” بعد مسيرة يوم كامل على جواده، لم يفقد بها وعيه، ولم تخفت لهجته. عاش حتى عام 1983.

المرجع: مجلة “العمامة”

الذاكرة الدرزية

مقالات ذات صلة:

قصّة قصيرة: أُمّنيَةٌ صَغيرةٌ

“أحيانًا تَقْتُلنَا مشاعرٌ لا أسْمَاء لها” للوَهْلَة الْأُولَى حينما أَقّبَلتْ نحوي تِلك الْمرْأَة المُسنّة، بلباسها القرويّ الْبَسِيط، وفستانها الكُحليّ الفضفاض