الموقع قيد التحديث!

متفرّقات من “الذّاكرة الدّرزيّة”

بقلم المرحوم الشيخ سميح ناطور
والّتي ستصدر قريبًا ضمن كتاب شرع بإعداده قبل وفاته تحت عنوان: “الذاكرة الدرزيّة” وهو مشروع لجمع وتدوين ونشر قصص من تراث وتاريخ أهل التوحيد
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

ما هي كرامة الخُبز في سيرة سيّدنا الشيخ علي الفارس (ر)؟

من الكرامات التي خصّ الله بها الشيخ علي الفارس (ر) تأييدًا له بين الناس، ما كرّمه الله به في اليوم الذي سبق زواج الشيخ محمد، ابن الشيخ حسن طريف.  فبينما كانت النسوة يولمن للعرس، سألت إحداهنّ الشيخ عليًّا، أن يبارك العجين، فبادر الشيخ إلى ذلك. وأخذت النسوة تخبزن. غير أن العجين بقي كما هو لم ينقص، فاحترن في الأمر، فذهب أحد الرجال إلى الشيخ يسأله ما العمل؟ قال له الشيخ: قل للنساء أن يقطعن من العجين، وأن تأخذ كلّ منهنّ قسمًا منه إلى بيتها، ولا يرجعن شيئا إلى المعجن. وهكذا كان، وقد درجت النساء في القرية منذ ذلك الوقت، على هذه العادة، فهن إذ يقطعن العجين، لا يرجعنه مقطوعًا إلى المعجن. 

المرجع: كتاب د. سامي مكارم: “الشيخ علي الفارس”، ص95


أيُّ عابد شاعر سقط من على السطح وهو ينشد قصيدة روحانيّة ولم يتوقّف؟

كان الشيخ علي الفارس (ر) من فرط عشقه وشوقه لله وأنبيائه وأوليائه، يصعد إلى سطح البيت في الصباح الباكر ويناجي الله معبِّرًا عن شوقه ولواعج نفسه. وفي أحد الأصباح وإذ هو على سطح البيت يناجي ويبتهل، طلعت نجمة الصبح، فذكّره المنظر بمشاهدة الحبيب. وكان الشوق قد أخذ منه كلّ مأخذ، وأثار في قلبه مكامن الحبّ والوجد، فأخذ ينظم قصيدته التي مطلعها:

أيا كوكبًا بالشرق أشرق زاهيا              
                    ومن أُفق أحبابي تبدّيتَ وافيا

وإذا هو لا يمتلك نفسه فجعل يتواجد وهو ينظم قصيدته منشدا. وأخذ في تواجده يمشي القهقرة دون شعور وإذا به يسقط من السطح على الأرض. ووقع الشيخ الشاعر العاشق المشتاق للعزّة الإلهيّة على بلاطة من حجر، درج على أن يؤدي فوقها صلاته عصر كل يوم، ويذكر الله وهو جالس عليها، ويعظ الناس. كان السطح يعلو عن الأرض قرابة خمسة أمتار، وكانت سقف الغرفة تُستعمل حظيرة للماعز. وإذ هوى الشيخ على الأرض، جفلت الماعز، فاستيقظ الرعاة ونهضوا مستفسرين ما الخبر. فوجدوا الشيخ قد سقط على الأرض، وهو ما زال ينظم قصيدته وينشدها. ولا يلبث أن يحاول الوقوف على رجليه، ليكتشف أن رجله قد انكسرت. إنه عاشق يتوجّد حبًّا وشوقاً، فيسقط على الأرض وهو لا يشعر بسقوطه، وتنكسر رجله وهو لا يشعر بألم، ويبقى مستغرقًا بنظم قصيدة يبثّ فيها حبّه وشوقه لحبيبه الإلهيّ… ويواصل الشيخ الشاعر الواجد نظم قصيدته قائلا:

فبلّغهم عني السلام وقل لهم:               
                    عُبيدكمُ المُضنى، لقد صار واهيا

وأخبرهم، يا طالع السعد أنّني                                                       مقيم على عهد الولا، لست ناسيا

وقل لهم، قد طلّق النوم خِجلةً            
                    ومن خوفه من عتبكم عاد ذاويا

ولا زال مسقوما ولا زال خائفا                                                       ولا زال مهموما ولا زال باكيا

ينوح ويبكي خيفة من لقاكمُ                                     
                 ودمعٌ له أضحى لخدّيْه كاويا

فلا لذةً يلقى بنوم ويقظةٍ                       
                    ولا يجد المأكول والشرب حاليا

 المرجع: كتاب د. سامي مكارم: “الشيخ علي الفارس”، ص60.

مزار ﺳﻴّﺪﻧﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﻓﺎرس (ر) – جولس

ما هي كرامة العثور على الجبن؟

روى الشيوخ الثقات عن أسلافهم المعاصرين للشيخ، عن السيدة فاطمة، ابنة الشيخ سليمان طريف، عن أبيها الشيخ محمد ابن الشيخ حسن، أن الشيخ علي الفارس، وكان لا يأكل من الخبز إلا القديد، ومن الأدم إلا القليل القليل، طلب يومًا من الشيخ محمد شيئًا من الجبن، وكان الجبن قد نفذ من عنده منذ أسبوع، ولكنّه تعوّد ألاّ يردّ للشيخ عليّ طلبًا، فذهب إلى الوعاء الذي يوضع فيه الجبن عادة، علّه يجد فيه بقيّة من الجبن. غير أنه فوجئ بالوعاء مملوءً جبنًا، فأخذ منه قطعة وقدّمها للشيخ فرحًا حامدًا الله على ذلك. ثم ذهب إلى زوجته وسألها: متى صنعت هذا الجبن؟ فأجابته أنها لم تصنع جبنا، وأنها تركت الوعاء فارغا منذ أسبوع. فأيقن الشيخ محمد حينئذ أنها كرامة أخرى مُنح بها الشيخ، إظهارًا لفضله، وإكبارًا له، وتعظيمًا في أعين الناس. أمّا وعاء الجبن فلا يزال محفوظًا، يتوارثه الأبناء عن الأجداد، وهو اليوم في منزل المرحوم الشيخ أبي كامل سلمان طريف في جولس.

المرجع: كتاب د. سامي مكارم: “الشيخ علي الفارس”، ص95.

مزار ﺳﻴّﺪﻧﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﻓﺎرس (ر) – جولس


من هو الشيخ الذي كان معلِّما لولييْن صالحيْن؟

 هو المرحوم الشيخ أبو سلمان احمد زين الدين. كان رحمه الله من الشيوخ الأعيان الأجلّاء. فعاش حياةً صرفها في طاعة الله تعالى في الزهد والتقشّف (أواخر القرن الثامن عشر)، وكان ورعًا صبورًا على احتمال الشدائد والمشقّات، ذا فطنة ورأي، صاحب نيّة صادقة، وجوهر نقيّ، حافظًا لكتاب الله، حيث يعود إليه الفضل على مريديه لتعليمهم الذكر الحكيم، منهم الشيخيْن الجليليْن المرحوم سيدنا الشيخ صالح أبو ملح من قرية البقيعة، والمرحوم سيدنا الشيخ أبو محمد خليل طافش من قرية كفر سميع، وهما صغيرا السنّ، كانا يترددان إليه ويعلِّمهما قراءة المعلوم الشريف على الكسر حتّى ختموه وحفظوه غيبًا.

المرجع: مجلة “العمامة” – العدد 77


أيّ مشكلة حلّ ذكاء الشيخ أبو حسن علم الدين ذياب؟

أضاع أحد العابرين محفظة نقوده في سوق حاصبيا الأسبوعيّ، فأخذ ينادي بين الناس أن منْ وجد محفظته له ليرة ذهبيّة مكافأة. بعد قليل تقدّم منه أحدهم قائلا: “أهذا جزدانك يا أخي؟ مع العلم أنّي لم أفتحه ولم أعلم ما بداخله؟ تغيّرت نيّة صاحبه بعد استرجاعه، وتظاهر بالأسى والحيرة، وصرخ في وجه الرجل قائلا: كان فيه ثلاث عشرة ليرة ذهبيّة والآن ليس به سوى اثنتا عشرة فأين الليرة الباقية؟ لا شكّ أنّك قد أخذتها، فهذه حصّتك وهذا ما سمحت به. ذُهل الرجل واندهش وقال: يا أخي لماذا هذه التّهمة، فلو كنت أبغي سرقة ليرة واحدة لِما أعدتُ لك الجزدان بكامله. لم ترُقْ هذه العبارة لصاحب الجزدان، فأخذ بالصراخ وهُنا تدخّل أحد الحاضرين قائلا للرجليْن: ليس لكما إلا الاحتكام عند الشيوخ الثقات، فهنالك الشيخ أبو حسن علم الدين ذياب، كبير شيوخ البياّضة تديّنا ومعرفة وتقوى، وكلمة الحقّ عنده كالسيف، وهو غير بعيد من هنا. قَبِل صاحب الجزدان فورًا لاعتقاده أن حيلته غير معروفة، وربّما ستنطلي على الشيخ. أمّا الرجل الذي وجده فقال: “أمري لله وهو حسبي ونعم الوكيل”.

روى كل منهما قصّته، والشيخ أُذن صاغية وعين شاخصة، وقد تفرّس بهما جيّدًا، وبعد إمعانٍ وتفكير مسح ذقنه وقال مخاطباً صاحب الجزدان: “كم ليرة كان في جزدانك قبل أن تفقده؟

ثلاث عشرة ليرة يا شيخنا الجليل.

وكم ليرة وجدت بعد إعادته إليك؟

اثنتا عشرة ليرة لا غير.

تظاهر الشيخ بالابتسامة وهزّ رأسه قائلًا يا بني إذا صدق ما تقول فالجزدان ليس لك. لنتركه للذي وجده فلربما يظهر صاحبه فيما بعد. ارتبك صاحب الجزدان وعلم أنّه وقع في مأزق حرج. فطأطأ رأسه وقال بكلّ خجل وذلّ: “يا شيخنا أطال الله بعمرك، الجزدان لي لكن قاتل الله الطمع والجشع. وأرجو الصفح منكم والمعذرة ممّن أعاده.

المرجع: كتاب “مآثر وعبر من التراث والتاريخ” لغالب سليقة، بيروت 1999. ص200


 ماذا يبقى للإنسان؟

 يروى أن شيخا، عاش في إحدى القرى حول خلوات البياضة، في بداية القرن التاسع عشر، وقد أنعم الله، سبحانه وتعالى، عليه بثروة طائلة، وأصبح ميسور الحال، وافر الإمكانيات، كما أنعم الله عليه، بأن وُلد له خمسة وثلاثون حفيدًا، كانوا من زهرات الشباب، يتمتّعون بالفروسيّة والشجاعة والبسالة. فتحمّس وزها الجدّ الفخور وقرّر، أن يبني بيتًا جديدًا، وشرع بالبناء وأخذ يرفع فيه، وهو يقول: سأظلّ أرفع بالبناء، حتّى أرى الدجاج في سهل البقاع. وذات يوم مرّ به رجل من أهل القرية، وقال له: “يا شيخ، لا تتعب نفسك، فكلّ بناء يُهدم، وكل حّي يُعدم، ولا يبقى إلا العمل الصالح” عندها، اتّعظ الشيخ بهذا القول، وأقلع عن مشروعه الخياليّ.

المرجع: مجلة “العمامة” – العدد 89

الذاكرة الدرزية

مقالات ذات صلة: