الموقع قيد التحديث!

له دور كبير في منح غطاء روحاني للقيادات الدينية والسياسية والعسكرية في الجبل

بقلم الشيخ أبو صلاح رجا نصر الدين
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

ودّعنا مؤخرا فضيلة الشيخ الجليل أبو عدنان ركان الأطرش، شيخ جبل الدروز والطائفة الدرزية جمعاء، الذي ينتمي لعائلة الأطرش العريقة الغنية عن التعريف برجالها وزعمائها، وعلى رأسهم عمه المغفور له، المرحوم سلطان باشا الأطرش، قائد الثورة السورية الكبرى، ومن أكبر زعماء القرن العشرين. وكنّا نستأنس في الآونة الأخيرة، بأفكاره وآرائه وإطلالاته عبر وسائل الاتصال، التي كانت موجّهة إلى الدروز في كل مكان، وقد عرف شيخنا الجليل الفاضل صاحب البيت المفتوح، التقي الطاهر بخدمته لأهل الدين والمجتمع المعروفي عامة، وله كرامات وفضائل كثيرة، حيث كان يقوم بالمواساة والتشجيع والمباركة والدعوة لعمل الخير، ولزرع بذور السلام، ولاحترام الإنسان للإنسان، وللصبر والصمود والاحتمال، ولكافة المناقب والخصال التي يؤمن بها شيخ درزي توحيديّ نافذ، رحمه الله.

 ومن شهد وراقب عن كثب، أحداث الثورة السورية والاضطرابات الأخيرة التي بدأت عام 2011 وخمدت قبل سنتين بغالبيتها، لأن المنظمات والمؤسسات التي نتجت عن الثورة، لم تُحلّ بعد وما زالت هناك مناطق محتلّة من قِبل منظمات إرهابية، وما زالت الأمور غير مستقرة بالدرجة الكافية، حيث تضمّد سوريا جراحها، وتحاول أن تستعيد ما كانت عليه. وقد تشرّد في الثورة أكثر من ستة ملايين مواطن سوري، ونزحوا عن بيوتهم، كما قُتل فيها مئات آلاف الجنود والمواطنين، لكننا شهدنا أن منطقة جبل الدروز، خرجت من المعارك والاضطرابات بأضرار قليلة نسبيا لما حصل في محافظات أخرى في سوريا، خاصة وأننا نعلم، أن هناك عناصر في سوريا في عداء مع الدروز الذين حققوا في حينه الاستقلال لسوريا الكبرى، ورفضوا فكرة تقسيم سوريا إلى دويلات، ولم يتقبّلوا مشروع إقامة دويلات تجزّئ الوحدة السورية.

ويمكن أن نقول إن الحكمة التي ألهمها الله للشيوخ وقادة جبل الدروز في هذه الفترة، هي التي وفّرت على أهالي الجبل الكرام، مآسي الحرب كما وقعت في أماكن أخرى. وقد برهن الدروز عن صمودهم وتمسّكهم بالأرض، وعن شجاعتهم وإقدامهم، فحطّموا كل المخططات التي كانت تستهدف ترحيل أبناء الجبل من جبلهم.

 وكان للمرحوم فضيلة الشيخ أبو عدنان، دور كبير في منح غطاء روحاني للقيادات الدينية والسياسية والعسكرية في الجبل، وكان دائما يعمل على توحيد الصفوف، وعلى زرع الثقة والأمان في نفوس المواطنين، وعلى تشجيعهم أن يتحملوا الأشهر الباقية من الحرب، حتى يحققوا النصر النهائي، والخلاص، والوصول إلى بر الأمان. وقد قام الجبل بتضحية كبرى من أجل سوريا، فقد استُشهد حوالي 8000 جندي منظم وقائد في صفوف الجيش السوري في الدفاع عن الشرعية وعن وحدة البلاد. هذا إلى جانب تضحيات المواطنين بأملاكهم وأرزاقهم التي سحقتها المعارك، أو التي لم يقم أحد بإنتاجها لانشغالهم في الأحداث. وقامت القيادة الدينية والأهلية في الجبل، بتوزيع المساعدات والمؤن على المحتاجين، كما فتح جبل الدروز، كعادته، أبوابه على مصراعيه في وجه اللاجئين والفارّين من المعارك، والنازحين عن بيوتهم، حيث استوعب جبل الدروز ،الآلاف المؤلفة من أناس من خارج محافظة السويداء، ينتمون إلى ديانات تختلف عن ديانة الجبل ويهدّدون الكيان التوحيدي حتى بعد أن آواهم أبناء التوحيد، لكن حكمة الشيوخ والرعاية الربّانية والقدرة الإلهية جعلت الجبل يستعيد قواه واستقلاله وشخصيته وكيانه وتسلّمه لزمام الأمور بالطريقة التي يرى فيها الدرزي مصلحته ومصيره.  وقد عشنا أجواء رائعة مع فضيلة المرحوم الشيخ أبو عدنان عن بعد وكنا نتمنى أن نلتقي به في ظروف سلمية وفي شروط أحسن:

إني أُعَزيكُمُ والهمُ مُشْتَرَك    فكل فرد يعزي نفسه مددا

أعطاكم بعده المنان طول بقا  وصانكم ووقاكم شر كل عدا

أبا عدنان فوالهفاه وأسفا  عليكَ يا مرشدا من نحوه قصدا

وفي الختام نتقدم من هنا من الكرمل إلى بلدة عرى، مهد القيادة ولعائلة الأطرش بأحر التعازي، داعين الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الله المرحوم بوافر رحماته وأن يكون مثواه الجنة وأن يمنح زعماء جبل الدروز والجماهير الغفيرة الذين بقوا كل وسائل الثقافة والتقدم والهدوء والاستقرار وراحة البال.

مقالات ذات صلة: