الموقع قيد التحديث!

كليَة الأمير السيَد عبدالله التنوخي (ق) الجامعيَة للعلوم التَوحيديَة

بقلم الشيخ دانيال عبد الخالق
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

قبولاً لما جاء في الكتاب العزيز وآياته البيَنات ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾، وما تأكد من حديث الرسول الكريم صاحب الشرع عليه الصلاة والسلام “طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة”، وعملاَ على اكتساب العلم الشريف وإكسابه للأجيال المؤمنة، وحيث أن العلم أثر من آثار العقل وصفة من صفات النفس الجوهرية لأنها عاقلة وعالمة وهي قابلة لاكتساب العلم، وإن علم التوحيد هو أفضل العلوم وأجلها وأكملها لأنه الموصل إلى معرفة المبدع الخالق جلَ وعلا بهداية وواسطة الأنبياء والرسل المكرمين صلوات الله عليهم.

وكما انه حرام على صاحب المال وذوي النعم إمساكها عن المستحقين من الصدقة والبر وتقديم الزكاة، كذلك حرام على صاحب العلم والمعرفة إمساك هذه العلوم وما تحويه من الفوائد الجليلة النافعة والفضائل السامية الجامعة عن المستحقين وطالبي العلم. وإن بذل العلم بهذه الصورة فرض لازم من رب العالمين، فالعالم المفيد يعلم المستفيد امتثالاً للمرسوم الكريم وللسنة النبوية زكاة عن علمه فيزيده سبحانه وتعالى بالتوفيق والإمداد والرشاد.

ورد في قول الحكماء الفاضلين “ضن الرجل بالعلم الشريف المقرَب إلى الخيرات والسعادة هو من أشد القسوة وأعظم الاثم”. عملاً بهذه القواعد المباركة وقبولاً لأمر رب العالمين ورسله المكرمين كانت كليَة الأمير السيَد عبدالله التنوخي (ق) الجامعية للعلوم التوحيدية، تيمناً بهذا المرجع الروحي الكبير والعالم المقتدى الجليل الذي حضَ على طلب العلم وأوصى بأن يصرف من مال أوقافه الخاصة على التعليم الشرعي. وذلك وجوباً لوجود كليَة التعليم الشرعي الديني إسوة بالكليات الدينية لدى الطوائف الإسلامية والمسيحية، وهي تعتبر إحدى مؤسسات مشيخة عقل طائفة الموحدين وتقدم التعليم لطلابها كمنح دراسية دون مقابل، ولتقوم بهذا الواجب بشكل منهجي وأكاديمي، تجمع بين أصالة الفكر التوحيدي والإستفادة من نتائج العلوم الحديثة وخبراتها وتنمية لروح الأبحاث العلمية الدينية، لتحقق الرسالة الإنسانية القائمة على التسامح والعدل والإعتدال والقيم التوحيدية وترفع من قيمة الإنسان وتصون كرامته وترعى حقوقه. مع الأخذ بالاعتبار خصوصية طائفتنا التوحيدية الكريمة، بعد أن كانت هذه العلوم تقام على شكل جلسات تثقيفية تربوية وبندوات متفرقة ومذاكرات روحانية في مختلف المناطق.

تعد كليَة الأمير (ق) الأولى من نوعها، وهي إحدى أهم الإنجازات في تاريخ طائفة الموحدين. بسعي ومتابعة من رئيس اللجنة الدينية وأعضائها وبدعم من سماحة شيخ العقل والمجلس المذهبي تم إنشاء الكليَة. وقد حصلت على الترخيص الأكاديمي في 29 أيار 2018 بمرسوم يحمل الرقم 3217 ونالت الإذن بمباشرة التدريس بتاريخ 5 تشرين الثاني 2019 بموجب مرسوم يحمل الرقم 795 وبذلك يكون الفصل الأول من العام الدراسي 2019 – 2020 البداية الرسمية للدراسة في الكليَة. يشرف على عملها مجلس أمناء يضمَ سماحة شيخ عقل الطائفة الشيخ نعيم حسن والمشايخ والأساتذة الجامعيين التالية أسماؤهم: الشيخ أبو محمود سعيد فرج، رئيس اللجنة الدينية في المجلس المذهبي الشيخ هادي العريضي، فضيلة القاضي الشيخ غاندي مكارم، الشيخ عماد فرج، الشيخ سلمان عودة، الدكتور محمد شيا، الدكتور أسعد البتديني، الدكتور داود صبح. في حين يتولَى الدكتور الشيخ سلطان القنطار منصب عميد الكليّة، ويشرف على إدارتها ويتابع سير العمل فيها الشيخ هادي العريضي مكلفاً من مجلس الأمناء.

تعتمد الكليَة نظام التعليم الفصلي المبني على إكتساب الأرصدة المؤدية إلى النجاح في مقررات فقهية وعلمية معينة ثم الترفيع لنيل الإجازة الجامعية في العلوم الدينية التوحيدية، ومدّة دراستها ثلاث سنوات. كما وترتكز إدارة الكليَة على معايير لإختيار الأساتذة المحاضرين التي تنسجم رؤيتهم مع رسالتها، منها أن يكونوا من حملة الشهادات العليا وذوي السمعة والأخلاق الحميدة، حيث نوَه الشيخ هادي العريضي في إحدى مقابلاته بالهيئة التعليمية وتحدَث عن هذه المعايير حيث قال: “يجب أن يكون صاحب اختصاص حائزاً على شهادة الدكتوراة أو أعلى الشهادات في هذا المجال، كما أن هناك علماء مشايخ ذوي فقه ودراية يدرسون المواد الدينية”.

تهدف الكليَة إلى توفير التعليم الجامعي في العلوم التوحيدية الإسلامية لتثقيف الشباب الموحَد الملتزم ليكون ذا شخصية عالمة، مائلة إلى مرسوم الشرع قابلة لمآثر الأولياء الفاضلين، واقفة على قدم الطاعة وموجبات الحقائق، نافرة من ضدها، مهيئة للإنخراط بمجتمعه بصورة سليمة، ويقوم بدوره الصحيح والفعال في الحفاظ على الموروثات الأصيلة في المسلك التوحيدي، ولإحياء التَرات الفكري للسلف الصالح، ولمواجهة التحديات بفكر متنور وإيمان تابث واسلوب راقٍ ومتفاعل. وهي تركز في تعليمها على الذكور كما الإناث، محافظين على المعايير الدينية بفصل أوقات التعليم وغيرها، كما تسعى إدارتها إلى توسيع فوائدها إلى الجمهور من خلال تطوير المكتبة الموجودة اليوم إلى مكتبة عامة. بالإضافة إلى ذلك هناك مركز للدراسات والبحوث تابع للكليَة يعنى بإعداد الدراسات والأبحاث العلمية والفكرية المتخصَصة، ويشرف على إصدار المقررات الدراسية، والإصدارات العلمية والتخصصية، كذلك تصدر عنه مجلة “تنوخ” ومنشورات اخرى.

والحمد لله أولاً وآخراً، فإن هذه الكليَة تعد إنجازاً لا سابق له في طائفتنا الكريمة، وقفزة نوعية في معراج الوصول إلى مجتمع توحيدي على درجة عالية من الثقافة الدينية والإجتماعية. فكان لي شرف الحصول على الدروس وبرامج المقررات برفقة الزملاء الكرام وعلى أيدي نخبة من المشايخ الأفاضل المتعاقدين من أصحاب الخبرات في الشأن التربوي والديني. وكان لي شرف الانتساب إليها ومعايشة الحلم وهو يتحقق بوجود هذه الكليَة التي أنجزت الكثير وهي ما زالت بأول خطواتها نحو تأهيل الشخصيات التوحيدية المتزنة، والراغبة في مساهمة العلم النافع والعمل الصالح في بناء الكوادر الدينية والعلمية التوحيدية القادرة على التصدي للمخاطر الفكرية المعاصرة بقوة المنطق والإقناع العقلي والمخاطبة بالتي هي أحسن، وتطور الشعور بالمسؤولية المكلف بها الموحد المسلم الملتزم تجاه نفسه ومجتمعه وخالقه.

نختم بتوجيه الشكر لكل من ساهم ودعم وساعد في تحقيق الحلم وتأسيس هذه الكليَة ليكون عملهم هذا قرباناً لرب العالمين وزكاةً لمن اكسبهم العلم النافع لقولة تعالى ﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ ﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾، والحمد لله رب العالمين انه نعم المولى ونعم المعين..


  • الشيخ دانيال عبد الخالق

ولد الشيخ دانيال عبد الخالق في قرية مجدلبعنا قضاء عالية في لبنان، له صلة قُربى بالمرجع الروحي الجليل المرحوم الشيخ الفاضل ابي محمود سليمان عبد الخالق.

تلقّى علومه الإبتدائية والمتوسطة في مدرسة العرفان التوحيدية، حيث نال بعدها الشهادة الثانوية في احدى ثانويات المنطقة. حاصل على إجازة في الحقوق والقانون اللبناني، وهو طالب في كليّة الأمير السيد عبدالله التنوخي (ق) الجامعية للعلوم التوحيدية. كما حصل على عدد من الشهادات في الكومبيوتر واللغتين الإنجليزية والفرنسية، ويتابع بعض الدورات واللقاءات التثقيفية والعلمية في حوار الأديان وحقوق الإنسان. له عدد من المؤلفات في القانون والفقه والتاريخ.

مقالات ذات صلة:

تراث طائفتنا عظيم وكبير

يسعدني أني واحدة من عشرات آلاف الموحدين الدروز الذين يعيشون في دولة إسرائيل، ويتمتعون بمكانة مميزة، ويتقلدون مناصب مرموقة، ويعملون

الثقة بالنفس

قال الطغرائي:وَإنَّما رَجُلُ الدُّنيا وَواحِدُها من لا يُعَوِّلُ في الدُّنيا على أحَدِ وقال أحمد شوقي:كَمْ واثِقِ بالنَّفْسِ نَهَّاضٌ بِها سادَ