الموقع قيد التحديث!

قصة إقامة قرية الأولاد للوسط الدرزي في حرفيش

بقلم د. أسعد عرايدة – المغار
رئيس جمعية أصدقاء القرية ورئيس إدارة مشروع تأهيل أولاد إسرائيل
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

فكرة إقامة قرية الأولاد للوسط الدرزي في حرفيش، بدأت بالتحديد في أورشليم القدس في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي وبالتحديد في سنة 1988/1989، بمبادرة خاصّة منّي مقابل صديقي السيد إبراهام براشي المدير العام لمشروع تأهيل أولاد إسرائيل آنذاك، حيث عرض عليّ الانضمام كعضو في “جمعية المشروع لتأهيل أولاد إسرائيل في الوسط اليهودي” التي تُعنى بأولاد وأبناء شبيبة يعانون أحوالًا اجتماعيّة واقتصاديّة صعبة في عائلات فقيرة أو مفكّكة، أي أولاد في خطر، غالبًا ما تسرّبوا من المدارس وتُركوا بدون رعاية عائليّة مناسِبة وفي ظروف قاسية، وبعد أن استوعبتُ أهمّية هذا المشروع في إنقاذ بنات وبنين، وقبولهم في قرية خاصّة في أُطر عائليّة منظّمة، لتعويضهم عن الحرمان، وانعدام النظام الأُسريّ المقبول لتربيتهم ومنحهم الاهتمام التام….والفكرة أعجبتني فسألتُ السيد براشي: لماذا لا نفكّر بإقامة قرية كهذه لبنات وأبناء الطائفة الدرزيّة الذين ربما قسى الدهر عليهم وساقهم إلى هذه الشريحة من الأولاد، وهم بحاجة إلى رعاية أُسريّة، تعمل حسب برنامج تربويّ اجتماعيّ علاجيّ وتعليميّ مع طواقم أُسريّة وإداريّة وعلاجيّة، بعد تفكير أجابني السيد براشي: “قبلت التحدّي” عليك أن تساعد في إيجاد مكان ملائم وسلطة محليّة تُؤيِّد الفكرة ومستعدّة لإخراج الفكرة إلى حيِّز التنفيذ. ووقع الاختيار على حرفيش العامرة لقربها من مقام النبي سبلان عليه السلام، ولأن رئيس مجلسها المحلي في حينه السيد نور الدين شنان أيّد الفكرة ووافق أن تُقام قرية الأولاد في حرفيش، حيث خصّص لهذا المشروع عشرة دونمات مُعدّة للأبنية العامّة في حرفيش، وهنا بدأنا في العمل حيث أُقيمت جمعيّة لإقامة قرية للأولاد الدروز في حرفيش، تحت إشراف المشروع لتأهيل أولاد إسرائيل، وبدأت الجمعيّة برئاسة السيد براشي، وعضويّة ممثِّل عن السلطة المحلية في حرفيش، وبدأنا في العمل بعد زيارة المدير العام لرئيس المجلس المحلي، وشرح الفكرة ونظام العمل. ووافقت المهندسة ايلانة بورات من نهاريا على العمل معنا تطوّعًا، بشرط إذا وُجدت الميزانيّة في المستقبل لبناء القرية تكون السيّدة بورات المهندسة المخطِّطة الرسميّة، وعندها تتقاضى الأجر اللازم لعمل التخطيط والتعديل الذي استغرقت قرابة 3 سنوات، وهنا جاءت مرحلة التنفيذ وتجنيد الميزانيّة اللازمة… وشاءت الأقدار أنّه بعد انتخابات السلطات المحليّة عام 1993 انتُخبتُ لرئاسة مجلس المغار المحليّ وبعدها بعام قرّرت سكرتارية رؤساء المجالس المحلية الدرزيّة والشركسيّة أن تخرج لنضال لمساواة سلطاتنا المحليّة، وبعد إضراب ومظاهرات نظّمتها سكرتاريّة رؤساء السلطات المحليّة في حينه، أقرّت الحكومة خطّة خمسيّة بمقدار مليار شيكل ونيف، وبعد المفاوضات مع وزارة الماليّة وفي خيمة الاعتصام في أورشليم القدس كان لي دور في طرح الفكرة على زملائي رؤساء السلطات المحليّة الذين انتُخبوا عام 1993 وبفضل نضالهم أقرّت الحكومة الخطّة الخمسيّة وشرحتُ الفكرة على الزملاء جميعًا حيث أيّدوا الفكرة ووافقوا على تحويل الميزانيّات اللازمة لمجلس حرفيش المحلّي لإقامة القرية.
وهنا وجب التنويه أنه فقط بفضل جميع رؤساء السلطات المحليّة الدرزيّة في حينه أُقيمت فيما بعد هذه القرية والتي تُعتبر من المشاريع المهمّة لخدمة هذه الشريحة، ومساعدتهم في معيشتهم خارج بيوتهم الطبيعيّة، وذلك بفضل التعاون مع أقسام الرفاه الاجتماعي في كلّ السلطات المحليّة الدرزيّة، وبدعم من رؤسائها.
لقد تأخّرت إقامة القرية مع أن كلّ رؤساء مجلس حرفيش المحلي قبلوا الفكرة وساعدوا في إقامة القرية، حيث تمّ البناء وافتُتحت القرية في 1/9/1998 بإدارة السيد معذى زيدان المدير الأول للقرية، وبمرافقة مدير قرية الأولاد في كرمئيل السيد رازي شوشاني. وكرّس السيد معذى زيدان جهودًا كبيرة، في وضع الأعمدة الأساسيّة لتنظيم القرية واستيعاب (50) تلميذة وتلميذًا حسب توصيات من أقسام الرفاه الاجتماعي، ومصادقة لجنة الاستيعاب، فالتحق معظمهم في مدارس حرفيش، مع شكرنا الجزيل للمديرين وللمعلمين وطواقم العمل، الذين بذلوا جهودًا قدر المستطاع من أجل دمج أولاد القرية في الصفوف الملائمة، وشكر عام لجميع مواطني حرفيش الأعزّاء والمحترمين على استضافة القرية وطواقمها أجمل استقبال. وعمل الأستاذ معذى على إرساء نظم وبرامج لخدمة الطلّاب ودعم الموظّفين القائمين على خدمتهم، وقد أنهى السيد معذى عمله في القرية في 14/9/2014 لأسباب صحيّة اضطراريّة وكان لي الشرف أن أُبدِّله متطوّعًا لعدّة أشهر، حتّى تمّ انتخاب السيد مدين أبو عيسى مديرًا من سنة 2015 ولمدة ست سنوات ونصف وترك بمحض إرادته، وهنا تجدر الإشارة بإنجازات السيد مدين الذي عمل على تطوير القرية وجعلها من أوائل القرى تطويرًا ونظامًا.
وفي السنة الدراسيّة 2022/2021 وبعد أن أنهى السيد مدين وظيفته بإرادته، تمّ انتخاب السيد طارق دغش مديرًا للقرية بدعم من جمعية الأصدقاء وإدارة المشروع لكي يكمل مشوار تطوير القرية، ليس فقط في مجال الإنشاء والتطوير، بل وخاصّة من الناحية التربويّة والإداريّة والعلاجيّة لجعل الخرّيجين أعضاءً فعّاليين في مجتمعاتهم وبناء مستقبل لكلّ منهم.

مقالات ذات صلة: