الموقع قيد التحديث!

في ربوع الأردن، ابنا للبك

بقلم الشيخ أبو فاضل جمال يوسف علي
البقيعة
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

للملكة الأردنية الهاشمية ولنهر الأردن النابض بمياهه، وللغور الصامد بأبنائه وبناته ومملكته، ولكل شبر في الدولة الأردنية، مكان في قلبي، لأن المرحوم والدي عاش جلّ حياته هناك، من العشرينات في القرن الماضي وحتى أواخر الأربعينات، حيث التحق بالجيش الإنجليزي عام 1921، فيما كان يسمّى الجندرمة الفلسطينيين، وبعد عدّة سنوات تحوّل الاسم والبيت ليصبح قوة حدود شرقي الأردن، ثم عرّفوها بعد ذلك “الزنار الأحمر” لأن لباس الجندي في هذه الوحدات كان يتميّز بحزام أحمر، وهو طبعا يتبع حكومة بريطانيا التي كانت تستعمر بعض الدول ومنها الأردن وفلسطين.

وفي سنة 1925 تزوّج والدي، وحصل على رتبة ضابط بنجمة واحدة، وكان يتوجّب عليه أن ينتقل مع عائلته إلى مكان خدمته، مثل عمّان، الزرقاء، معان، إربد وغيرها وهكذا رُزق والدي بابنه الأول كمال سنة 1928 ثم جمال سنة 1930، وهنا أُسجِّل هذه المعلومات التي كنت شاهدا لها في مسيرة العائلة وتنقّلاتها.

لقد تعلّمت الصف الأول في مدينة معان، ثم في مدينة الزرقاء حتى الصف الرابع، وبعدها في مدينتي إربد ودرعا، وقد وصلنا إلى درعا لأن الفرنسيين الذين استعمروا سوريا، تحالفوا مع الانجليز، لطرد نظام حكومة فيشي وهو ألماني لطرده من سوريا، حيث كان شارل ديغول القائد الفرنسي آنذاك، وكان والدي قائد الحامية في تلك المنطقة، وهكذا سكنّا في درعا فترة معيّنة.

بعد ذلك انتقل والدي إلى فلسطين، وهناك أذكر حادثتين، لوالدي علاقة بهما: وضع مركز قاعدة أم رشرش في العقبة، وبعد ذلك كان مسئولا في الشمال عن الحدود مع سوريا ولبنان، وخاصة جسر بنات يعقوب، وفي ذلك الحين نشبت معارك بين الدروز والمسيحيين في لبنان، نتجت عنها هجرة للدروز خاصة من منطقة حاصبيا إلى فلسطين حوالي سنة 1928، وكانت قوة من الجنود مسؤولة عن هذا المعبر، فأعطى والدي الأوامر بعدم تفتيش النساء وأوعز للرجال بتسليم أي شيء ممنوع للنساء.

وقد وصل الخبر إلى مسامع فضيلة سيدنا الشيخ أمين طريف، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، فحضر بنفسه إلى الجسر وسأل عن الضابط الذي ساعد اللاجئين على العبور، واضعا يده على كتف والدي، وشاكرا وداعيا له بالتوفيق، وها نحن ننتفع بهذه البركة حتّى يومنا هذا.

وفي الأردن تجوّل والدي في أنحاء المملكة كما اقتضت الحاجة، وحصل على رتبة ميجر بعد أن أجاد اللغة الإنجليزية، وابدى البطولات في خدمته، فنال وسام البطولة وتاج جورج وهو ثاني وسام في المملكة، وقد عمل مع غلوب باشا والأمير عبد الله بن الحسين، حيث كان حارسا شخصيا له ورافقه في بعض المناسبات، وقد منحه الأمير عبد الله لقب الباكوية (البيك) بفرمان رسمي خاص، صادر عن القصر الملكي عام 1938، وهي نفس السنة التي تسلّم بها صليب جورج، وحتى يومنا هذا يتم دعوة مندوبين عن عائلتنا كن قبل العائلة الانجليزية المالكة كل سنتيْن إلى لندن للمشاركة في مراسيم إحياء ذكرى الجنود حاملي وسام فكتوريا وصليب جورج، والعائلة تحافظ على هذه العلاقة باستمرار.

من أعمال والدي المجيدة والتي نفتخر بها، استضافة المغفور له سلطان باشا الأطرش، قائد الثورة العربية الكبرى في أرض النبك في الأردن، عندما اضطُر لترك سوريا نتيجة ظلم الفرنسيين لفترة معيّنة وتقديم المعونة والدعم له ولرجاله الأبطال.

في سنة 1946 تُوِّج الأمير عبد الله ملكا على الأردن وكنت مع والدي في مراسم التتويج، لنعود بعد ذلك إلى البقيعة، حيث شغل والدي منصب أول رئيس للمجلس المحلي عام 1958.

لقد حرص والدي على السمعة الطيّبة وبذل البر والإحسان من أجل طائفته والمجتمع بشكل عام، وقد أقمنا مكتبة تحمل اسم والدي تخليدا لذكره ولمسيرته التي ما زالت تُلهمنا…

مقالات ذات صلة:

التعدّديّة الحضاريّة العالميّة

موديل التعدّديّة الحضاريّة العالميّة (Global Cultural Pluralism) يشمل كلّ بقاع ودول وشعوب العالم بواسطة وسائل وشبكات الاتّصال والتواصل الحديثة الإلكترونيّة

نشاطات طائفية – العدد 150

السهرة الدورية في المقام اجتمع المشايخ الأفاضل مساء أول يوم سبت من شهر تشرين أول في قاعة المقام الشريف لسيدنا