الموقع قيد التحديث!

عندما حلّ رجل السلام الراحل السيد أنور السادات ضيفا على البلاد

بقلم عضو الكنيست السابق امل نصر الدين
رئيس مؤسسة الشهيد الدرزي والكلية قبل العسكرية
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

ما من شكّ بأن التوقيع قبل نحو اثنين وأربعين عامًا، في شهر أذار مارس من العام 1979 في البيت الأبيض على معاهدة السلام التاريخيّة بين إسرائيل وجمهوريّة مصر العربيّة، قد شكّل بدء حقبة جديدة غاية في الأهمية في منطقة الشرق الأوسط، وكان بمثابة نقطة مفصليّة غيرّت واقع هذه المنطقة، وخصوصًا فيما يتعلّق بالسعي لتحقيق السلام بين دولة إسرائيل والعالم العربي، وها نحن اليوم ننعم بنتائج هذه الخطوة الشجاعة الهامّة التي خطاها آنذاك رئيس الوزراء مناحيم بيغين، الذي مدّ يده للسلام، والرئيس المصري أنور السادات الذي استجاب لهذه اليد المدودة والمتمثّلة بسلسلة من اتفاقات السلام التي تلتها مع الأردن والسلطة الفلسطينية والإمارات العربيّة المتحدّة والبحرين والمغرب والسودان.

لقد حالفني الحظ في حينه بأن التقي مع الرئيس المصري، رجل السلام الشجاع الراحل السيد أنور السادات، بعدما قرّر زيارة إسرائيل سعيًا لإنهاء الخلافات القائمة بين الدولتيْن مصر وإسرائيل، وقمتُ في حينه بإلقاء خطاب باللغة العربيّة قلتُ فيه: “سيّدي الرئيس، نحن نفضّل السلام على الحروب وويلاتها، مماّ يتأثر بذلك الأمهات والأبناء. وفي نهاية كلّ حروب العالم توصّل المتخاصمون إلى سلام يمنح المواطنين الوقت الكافي لتحسين ظروف حياتهم، وحياة عائلاتهم، وللقيام بفعّليّات أساسيّة مثل الاقتصاد العام واقتصاد العائلة، ومن ثمّ العلم والآداب وتطوير البلاد التي هي بحاجة ماسّة لذلك، كوننا نعيش في زمن يتطوّر ويتغيّر يوميًّا، لذا يا سيادة الرئيس عليك العودة إلى مصر العزيزة، وفي جعبتك وثيقة سلام بين مصر وإسرائيل.

سيدي الرئيس أنت أخ ثاكل، وأنا والد ثاكل، لذا علينا أن نعمل بجدّ للوصول للسلام المنشود، وأنا واثق أنّك ستنال مكانة الإنسان الشجاع والعقلاني الذي يعمل من أجل أبناء مجتمعه ودولته. وأنا آسف أن بعض المعارضين يستغلّون قوّتهم للوقوف ضد عمليّات السلام، لأنّهم سيكونون الخاسرون، وبعد سنوات سيضطرّون للعودة إلى طاولة المحادثات من أجل السلام.

وجوابًا لسؤالك عن كيفيّة حصولنا على اقتصادنا، وتربية أولادنا تحت حكم آخر، يفتقر للعادات والتقاليد التي يتحلّوْن بها أبناء الطوائف العربية؟! بودّي أن أؤكدّ لك بأنّنا نعيش في إسرائيل ببحبوحة، لأنّنا نخضع جميعًا لقانون الدولة الديموقراطيّة التي لا تفرّق بين المواطنين. وهذه الديموقراطيّة التي نحظى بها جميعًا تشمل حريّة الأديان، وحريّة الكلام، وحريّة التنقّل، وحريّة العمل والإنتاج، وكما تعلم فإنّ النظام الديموقراطيّ لا يخلو من القضايا الشائكة والصراعات.

في نهاية الحديث مع سيادة الرئيس، قدّم لي الشكر والثناء على المعطيّات والمعلومات التي وضعتها أمامه، وأكّد لي بأنّ المواطنين العرب في إسرائيل يشكّلون مجموعة ذات مكانة خاصّة، والتي ستنال منّا الاحترام والتقدير، كونهم قد حافظوا على أهميّة وجودهم في قراهم وطائفتهم. وبالنسبة للإخوان في الدول العربية، لي أمل أن يصلوا إلى نفس القرار الذي اتّخذتَهُ وأنا سأتحدّث مع رئيس الحكومة عن هذا اللقاء.

وفي نطاق النقاش البرلمانيّ حول عقد معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل ألقيتُ خطابًا، اختير قبل بضع سنوات في كتاب صدر عن الكنيست، ضمن أهمّ سبعين خطابًا أُلقيتْ في الكنيست منذ تأسيس الدولة حتّى الآن وقد جاء فيه: “مرّت حوالي 30 سنة منذ إقامة الدولة، وحاولنا تحقيق السلام، لكن لم نجد صدى لذلك. وها نحن نرى خلال عام 1977، مع وصول حزب الليكود إلى الحكم، تغييرًا هامًّا. وأذكر أنه في ليلة الأربعاء 18 ماي 1977، بعد إعلان فوز الليكود في الحكم، أني سُئلت من قِبل مراسل صوت إسرائيل باللغة العربيّة، عن تأثير عمليّة انتخاب الليكود في موضوع السلام، فقلتُ إن هذا التغيير سيكون عاملًا مسهِّلًا للرغبة في الوصول إلى السلام، ولذروة سروري كنتُ على حقّ، فقد قدِم رئيس جمهوريّة مصر العربيّة إلى البلاد، لفتح صفحة جديدة، وفي هذه اللحظات التاريخيّة أرى واجبًا عليّ، أن أذكر دور المواطنين الدروز والشركس في الدولة، الذين عقدوا حلف دم مع المواطنين اليهود، من أجل الدفاع عن الوطن المشترك، والدروز هم جسر هامّ إلى المجتمع في الشرق الأوسط، وهم عامل أساسيّ في تآلف القلوب، وضمان نجاح السلام. وأنوّه هنا، بالدور الهامّ الذي أدّاه عدد من المواطنين العرب، الذين اندمجوا في حياة الدولة. ويسعدني أن أبارك وأحيّي رئيس الحكومة السيد مناحيم بيغن، والوزيريْن، موشيه ديان وعيزر وايزمن وسائر أعضاء الحكومة.

مقالات ذات صلة:

قصة قصيرة : طنجرة ام شفيق

عندما كانت شمس الظهيرة تتكبد قبة السماء وترسل أشعتها الحارقة لتخترق عريشة العنب المتكئة على كتف بيت أم شفيق بثبات