الموقع قيد التحديث!

شخصيّة من بلدي.. الشيخ أبو حسين كمال زيدان حلبي

بقلم السيد توفيق حلبي
دالية الكرمل
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

هو الشيخ كمال بن حسين بن هاني بن قبلان بن يوسف محمد جواد الحلبي، ولد وشبّ وترعرع في بيت عريق في الدين والتقى والإيمان. والده المرحوم الإمام الشيخ أبو علي حسين هاني زيدان حلبي، وجدّه المرحوم الإمام الشيخ أبو حسين هاني قبلان زيدان حلبي الذي برز بمواقفه الجريئة والمشرِّفة، وبهيبته وشجاعته واستقامته وخدمته للقرية. كما أن والد جدّه المرحوم الإمام الأوّل لعائلة حلبي الشيخ أبو سليمان قبلان زيدان حلبي وذلك من سنة 1921-1946م. فهو سليل العائلة التوحيديّة والذين يعتبرون من كبار مشايخ الدين الدروز في القرن العشرين.
تعلّم منذ نعومة أظفاره التقوى والتحصيل الدينيّ وسلك مسلك الموحِّدين على يدي والده وجدّه، ساعدَ جدّه المرحوم الشيخ أبو حسين هاني ثم والده من بعده في إدارة شؤون الخلوة التي أسّسها جدّه حتّى وفاة والده عام 2005م، فأوكل إليه المشايخ إدارة الخلوة ورعاية شؤونها ومعالجة مشاكل الناس. فقد قام بهذه المهمّة خير قيام، وبيته مفتوح دائمًا لكلّ القاصدين الذين يطلبون الاستشارة أو كتابة وصيّة أو معالجة قضيّة. منذ حداثته ظهرت عليه دلائل الورع والاجتهاد في البحث عن مناقب أولياء الله الصالحين وطرائق أهل الفضل من الزُّهّاد والعُبّاد والورعين.
تلقى العلوم المدرسيّة بجانب سلوكه المسلك الديني، ناذرًا نفسه لخلوة جدّه التي أصبحت مزارًا للمؤمنين الموحِّدين من كافّة القرى الدرزيّة. تبحّر في الدين وفي مكنوناته وأصبح شيخًا جليلًا محافظًا على العادات والتقاليد الموروثة، لا يسمح بالتفريط فيها، لأنّ ذلك يقود الموحِّدين إلى الضياع ويدخلهم في بحر هائج يبتلع الاجتهادات والذخائر. كما أنّه يدعو دائمًا لإخوانه من رجال الدين بالتوفيق لمرضاته تعالى، ويشمل بدعائه الحاضر والغائب والقريب والبعيد، لا فرق عنده بين غني وفقير، إنما احترامه لإخوانه حسب منازلهم الدينيّة، وما اكتسبوه من البرِّ والتقوى. فهو عظيم الخُلق، طاهر الأعراف، عفيف يحبُّ أهل العفاف والصيانة، شديد التطبيق لفرقة حفظ الإخوان، مبالغ في إكرام أصحاب الأخلاق والفنون الإلهيّة، حابس غضبه، لا تراه يغضب لأمر من أمور الدنيا، إنّما يغضب فقط لإنهاك حرمات الدين. لم يكسر خاطر أحد، ولم يخيّب ظنّ أحد، يحافظ على الأعراض وصيانتها، ويبذل الغالي والنفيس في سبيل رعايتها وسترها ونقائها.
كلّ هذه الأخلاق السامية والصفات الحميدة والقيَم الأصيلة التي اكتسبها من والده وجدّه جعلته يتبحّر في الدين وبواطنه ومكنوناته، الأمر الذي زاد ورفع من مكانته حتى أصبح اليوم شيخًا جليلًا ممّا أهّله عام 1996 أن يتعيّن إمامًا لخلوة الآباء والأجداد بإجماع العائلة، ليواصل سيرة وسبيل الأهل الخالدين في المحافظة على استمراريّة نهج الموحّدين.
يُعتبر الشيخ كمال أحد الأئمة ورجال الدين البارزين في الطائفة الدرزيّة. فهو اسم على مسمّى موصوف بالكمال والكرم والعدل والإحسان، يهتمّ بالإصلاح والمواساة وعمل الخير والسعي إليه. له نشاط دينيّ بارز، يشارك الشيخ كمال في اجتماعات أقطاب الطائفة الدرزيّة في إسرائيل، وفي اجتماعات المجلس الديني الدرزي، كونه عضوًا بارزًا فيه، كما أنّه يشارك في جميع المناسبات الدينيّة المختلفة وفي المناسبات الأهليّة والمذهبيّة.
يتحلّى الشيخ كمال بأخلاق حميدة وشخصيّة قويّة ومرموقة، يتعامل مع الناس بالاحترام المتبادل، وحسب أصول الدين، ويدعو إلى تقريب الشباب من صفوف رجال الدين، وإلى نشر التوعية الدينيّة بين جميع أوساط الطائفة الدرزيّة. كما أنه يساهم باستمرار في توجيه وتنوير وإرشاد طلاّب المدارس الاعداديّة والثانويّة نحو الخير والتقوى والتقرُّب من الدين والتقيُّد بأوامر الدين والابتعاد عن المنكر.
يُعتبر الشيخ كمال من المشايخ الأجلّاء، وعين من أعيان المجتمع في الطائفة الدرزيّة، يمتاز بتفكير صائب وطلاقة لسان، وجرأة في قول الحق، ويتمتّع بأخلاق عالية، وبوقار الشيوخ، وبتواضع الطيّبين، وتقوى الموحِّدين العارفين، فعّالًا ومؤازرًا وحاضرًا في كافّة الأمور التي تتطلّبها مصالح الطائفة الدرزيّة، ويمتاز بثقافة دينيّة ودنيويّة جيّدة.
في سنة 2000 قرّر الشيخ كمال ووالده أبو علي حسين مع عائلة زيدان حلبي إقامة (بيت البلد) تقديرًا وتخليدًا لذكرى المرحوم الشيخ الجليل صاحب المكانة والقيادة والشهرة الدينيّة في دالية الكرمل وخارجها والمشهور بالأصالة والجود والكرم والشجاعة وعزّة النفس والجرأة والذود عن الطائفة ودينها وشرفها، الذي تغذّى التربية الدينيّة واعتنق القيم التوحيديّة الأصيلة والعادات الحسنة والتي واكبها طيلة حياته وسعى للمحافظة عليها والتقيّد بها، والذي امتاز بسعة اطّلاعه الديني وأصبح من مشايخ الدين المشهورين والبارزين في استيعاب العلوم الروحية ألا وهو المرحوم الإمام الشيخ أبو حسين هاني قبلان زيدان حلبي.
هذه الأعمال وهذه الآراء النيّرة والأخلاق السامية التي يتمتّع بها الشيخ كمال رفعت من شأنه بين الناس، وعلا أسمه وكبر قدره، ورغم كل هذا فهو متواضع، خاشع للقدر، صبوراً، محباً للبشر، توّاقاً للخير، ممارساً للفضيلة، مؤمناً أن طريق المحبة هو مسلك الموحدين في كل عصر وزمان.
وقد قام الشيخ أبو حسين كمال بتاريخ 1/10/2002 في نطاق حفل ديني في خلوة آل زيدان شارك فيه وباركه سماحة الشيخ موفق طريف مع مشايخ أجلّاء من القرية وخارجها بنقل منصب الإمام والمأذون الشرعيّ لنجله الشيخ حسين الذي يتحلّى بجميع الصفات والسجايا والمزايا والأخلاق والشيَم التي يتحلّى بها والده وأجداده. نبارك للشيخ حسين هذا المنصب الرفيع المرموق وتتمنّى له التوفيق والنجاح، وتأمل أن يسلك المسلك الذي سار عليه الآباء والأجداد وأن يكون خير خلف لخير سلف.


المصدر: كتاب “عائلة زيدان الحلبي عبر تاريخ (1800-2008)” لمؤلّفه الشيخ سليم حمود زيدان حلبي

مقالات ذات صلة:

الثقة بالنفس

قال الطغرائي:وَإنَّما رَجُلُ الدُّنيا وَواحِدُها من لا يُعَوِّلُ في الدُّنيا على أحَدِ وقال أحمد شوقي:كَمْ واثِقِ بالنَّفْسِ نَهَّاضٌ بِها سادَ