الموقع قيد التحديث!

شخصية من بلدي.. المرحوم الشيخ أبو فايز حسين يوسف زيدان حلبي  

بقلم السيد توفيق حلبي
دالية الكرمل
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

واستقباله لسيدنا الشيخ امين  طريف في دالية الكرمل  عام 1983

المرحوم الشيخ أبو فايز حسين يوسف زيدان حلبي

 المرحوم الشيخ أبو فايز حسين يوسف زيدان حلبي من قرية دالية الكرمل ومن مواليد عام 1933 عاش في كنف أسرة متديّنة حيث كان والده المرحوم الشيخ أبو حسين يوسف حمود زيدان حلبي من رجال الدين المعروفين. وقد عُرف المرحوم الشيخ أبو فايز حسين الذي انتقل إلى جوار ربه في 1/4/1996 بفطنته وذكائه ومعرفته وقدرته على حفظ الدين وتفسير ما يستعصي على الإخوان من شرح الآيات، حيث رافق المرحوم الشيخ حسين علي أحمد الحلبي المعروف بالشيخ العابد على مدار سنين طوال. وتميّز بقدرته على التحليل والتكهُّن خصوصًا وأنّه كان شغوفًا بقراءة الكتب الدينيّة والدنيويّة مثل الرياضيّات والفلك والفلسفة والأدب وقد سَرّ السامعين بأحاديثه الشيّقة.

 لقد شارك المرحوم الشيخ أبو فايز حسين الناس أفراحها وأتراحها وساهم في حلّ سلسلة من القضايا في قريته وخارجها، وله قول مأثور في المواطنة والدين فقد كان يقول: “يجب على الموحِّد أن يحفظ أخيه في كلّ بقاع الأرض” ومن هذا القول انطلق. هذا فضلاً عن حبّه لمجالس الأجاويد، وغيرته على العرض والدين، وحبّه للإخوان، ودعوته للشباب للتديُّن والنهل من كنوز التوحيد، وقد نظم العديد من القصائد التي ألقاها في المناسبات والزيارات للأماكن المقدّسة وفي المواقف التأبينيّة، وكان واعظًا ومرشدًا في المذكرات والسهرات الدينّية.  

وبمناسبة زيارة فضيلة سيدنا المرحوم الشيخ أمين طريف لخلوة آل زيدان في دالية الكرمل بتاريخ 21/8/1983 ألقى المرحوم الشيخ أبو فايز حسين الكلمة التالية:

“تفضَّلَ اللهُ بوجودِهِ من بيتٍ عريقٍ، وقد نشأ رضِيًّا ومُرْضِيًا خَلقًا وخُلُقًا، وما لبث أن زَهَر مصباحُ الهُدى في قلبِهِ، فانفرَدَ عن خاصَّته واستسعَدَ بِوحدتِهِ مُحتَرِفًا كَدَّ يَدَيْهِ، وهو المُتعبِّدُ المُتَخَفّي، والساكتُ السَّكيتُ، وأقام كذلك حينًا إلى أن غُلِبَ على أمرِهِ، وقد تقلَّدَ أعباءَ المشيخة ومُهمّات القضاء، واضطّرته أمانة الولايةِ لإظهار ما في عُنصرِهِ الشريفِ من كفاءةٍ وإمكانٍ، فضلًا عن أنّه مُزوَّدٌ بمواهبَ روحيّةٍ، ومُسَدَّدٌ بتوفيقاتٍ ربّانيّةٍ فحقَّقَ بالإرادةِ، وأعزَّ الحقَّ بالحقِّ، ووحَّدَ الصفوفَ وأخمَدَ الفِتَنَ، وأقام الحدودَ وأحيا السُّنَنَ، وفاوضَ السُّلطةَ بوجوبِ تحديد التجنيدِ، ويمنع تجنيد البنات، ويرفض مقاهي المُسكرات، وملاهي الخلاعةِ والاختلاط، وبتخفيف المغارم والمظالم، وبتعميم العلم والتعليم، ولقد تعهَّدَ وتفقَّدَ، فأمرّ ونهى، وحلّلَ وحرَّمَ، ورسمَ وقوَّمَ بخِلالِهِ السَّنِيَّة، وسياستِهِ المَمْضِيَّة، فأنارَ القلوبَ المُظلِمَة، وَحَمَلَ العامَّةَ على الأدبِ العائِدِ بالخير، وأمدَّ المولى سبحانه بحياته السعيدة، وقد شارف عقدَ التسعين، ولم يزلْ ناهِضًا بأعباء المُهمّات، قائمًا بزياراتٍ وجولات، حتّى إذا عَرَضَ ولو في غير بلادِهِ فِتنةٌ تُهدِّمُ كيانَ المبادئِ وتخرقُ المألوفاتِ، تصدّى لقمعها بمنطِقِهِ الحاسم، وبدُعائِهِ القاطع القاصم، وقد كان. أمّا في مساعي الإصلاحِ فَمِنْ طَبعِهِ السّليمِ أن يُطفِئَ الشَّرَّ بالخيرِ، والجهالَةَ بالرِّفْقِ، وبالموْعِظَةِ الحَسَنَةِ ولا ينثني إلّا بعد تجديد الأُلفةِ والصَّفا هيبةُ وكرامةٌ من اللهِ فكأنّ وساطتَهُ حُكْمٌ، وعرْضَهُ فَرْضٌ، وفي المجاملاتِ يتحدّثُ إلى جُلسائِهِ وَيُسائلُهُمْ فإن أعرضوا عنه اغتنمَ ذلك منهمْ واشتغلَ بِلطيفِ حِسِّهِ فهُوَ بالجسمِ معهم، وبالقلبِ مع الله، سِرُّهُ أصفا من عَلَنِهِ، وحالُهُ أبلغُ من قالِهِ، وخلوتُهُ أعجبُ من مَلْوَتِهِ. وفي سبيل المجتمعِ فدائمًا وأبَدًا مَوْئِلًا للقاصِدِ، ومَرجِعًا للصّادِرِ والوارِدِ. وأمّا في مجالس الذِّكْرِ فَيَبْتَلِجُ لِسانُهُ، يبثُّ العُلومَ وفَيْض الحِكَم، ويستمِرُّ قائمًا بأمرِ اللهَ، ذابًّا عن دين اللهِ، فشرَّفَ المجالسّ، وآنسَ العِبادَ، وأحيا البلادَ، وإذا بالخيرِ ناضِرٌ والشَّرُّ ذابِلٌ وإذا الحقُّ منتصِرٌ ، والباطِلُ مُنكسِرٌ، وكيفَ لا يكون وهو ذلك العَلَمُ الزاهِرُ، والنَّجمُ المتلألئ، والدَّوْحةُ الوارِفةُ الظِّلالِ، ففي كلِّ موعِدٍ، وفي كلِّ فرصَةٍ يتوافدُ المُحتفِلون به، والآخِذون عنه يتبرّكون بوجودِهِ، ويتفانونَ بِمَسْموعهِ  ومشهودِهِ، ويعتمدونَهُ شِرْعَةَ أرواحِهِم، ونُجْعَة أفراحِهِم، بل يرونهُ كالوافِدِ العَجيبِ، وكالطّائرِ الغريبِ، ذلك لأنَّهُ خلا بالرُّحمن فكسا وَجْهَهُ نورًا من نورِهِ، ولأنَّ عَمَلَهُ لله وبالله ومع الله ولأنَّ اللهَ معهُ.”

مقالات ذات صلة: