الموقع قيد التحديث!

زيارة مقام سيدنا الخضر الشريف (ع)

بقلم الشيخ أبو صلاح رجا نصر الدين
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد له عدد نُعماه، حتّى يبلغ الحمد منتهاه، والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والرسل الكرام، وعلى كلّ من سلك مسالك التوحيد والخير والبرّ والإحسان.
مع انطلاق العام الجديد 2022، وفي هذه الأيام المباركة، التي يحتفل فيها أبناء الطائفة الدرزية بأوّل زيارة رسميّة تحييها الطائفة في البلاد من خلال مناسباتها السنويّة المقرّرة، زيارة مقام سيدنا الخضر عليه السلام، أتمنّى لجميع مشايخ وأبناء طائفتنا زيارة مقبولة، وأدعو للجميع بالصّحّة والخير والسعادة والطمأنينة، واتضرع إلى العليّ القدير أن يبعد عنا الأوبئة والعنف والنزاعات، وأن تسود المحبّة والألفة والتفاهم وروح التعايش والسلام المنطقة وبعد،
لا يخفى على أحد بأن قرار شيوخنا الأفاضل في سنوات الستين من القرن الماضي، وعلى رأسهم سيّد الجزيرة وشيخ العشيرة سيّدنا الشيخ أبو يوسف أمين طريف، تحديد الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني من كلّ عام ليكون عيدًا رسميًّا، وزيارة سنويّة لمقام سيدنا الخضر الشريف ينطوي على بُعد نظر، وتفكير عميق، وحكمة فائقة، وحنكة بالغة، تليق بتاريخ ومكانة مولانا نبي الله، سيّدنا الخضر، عليه السلام، الذي يحظى بقدسيّة وتقدير لدى كافّة الشعوب والديانات، لشخصيّته الجامعة والشموليّة، غزيرة الأفعال والقيَم والفضائل. ولم يكن من قبيل الصدفة أبدًا أن يتمّ تعيين هذه الزيارة في هذا الموعد بالذات مباشرة بعد بداية رأس السنة الميلادية، وأعياد الميلاد المجيدة، وعيد الأنوار (حانوكا) لدى الشعب اليهوديّ.
وممّا لا شكّ فيه فإنّ زيارة المقامات، بشكل عامّ، ومقام سيّدنا الخضر عليه السلام، بشكل خاصّ، للصلاة والعبادة والتبرّك وإيفاء النذور، لهي تهذيب للعقل والروح، حيث نعيش خلالها روحيّة التوحيد والإيمان، ونتقرّب أكثر من الله ومن تعاليم الدين، ونعمّق ارتباطنا بها، ونفتح قلوبنا على الخير والحقّ، ونرفع من درجة أخلاقيّاتنا، ونطمح لتغيير حياتنا ومجتمعنا نحو الأفضل، بما يرضي الله تعالى، ولذا علينا أن نكون من أهل الزيارة الحقّة، وأن نتعلّم ونذوِّت فينا المحبة والخير للغير، وهذا ما يقوم به ،والحمد والشكر لله جل جلاله، مشايخ وأبناء طائفتنا الذين يشكّلون خير قدوة خلال هذه الزيارات في الإيمان والتعبّد، والوحدة والعطاء.
إنّ مقام سيّدنا الخضر، عليه السلام، الواقع في قرية كفر ياسيف العامرة، يتمتّع بحظوة خاصّة، ومكانة مميّزة عند مشايخ وأبناء الطائفة الدرزيّة، خصوصًا، وأن جزءً لا يستهان به من القرارات الحاسمة والهامّة المتعلّقة بقضايا الطائفة المختلفة، تُتّخذ من قِبل مشايخنا الأفاضل، وفي مقدّمتهم الرئيس الروحي للطائفة، فضيلة الشيخ أبو حسن موفق طريف، في هذا المقام الشريف الذي يندرج من ناحية الأهميّة مباشرة بعد مقام سيّدنا شعيب عليه السلام. وممّا يُثلج الصدور أيضًا، ما يشهده هذا المقام الشريف في الفترة الأخيرة من أعمال بناء وتشييد وتوسيع وصيانة وترتيب، لراحة الزوّار وأبناء الطائفة الذين يأتون من كافّة بلداتنا وقرانا.
وفي مثل هذه المناسبة، وهذا المقام، نقول لا ضير في أن نتعلّم ونتطوّر ونحسِّن حياتنا وظروف معيشتنا، وأن نجاري المجتمعات الأخرى في علمها وتقدّمها وتطوّرها، فهذا أمر محبّذ ولكن ومع ذلك، علينا عدم الابتعاد عن الدين والإيمان والأصول والعادات والتقاليد المعروفية الحميدة، وعلينا أيضًا نبذ العنف والشذوذ والانحراف الذي نشهده من قلّة قليلة، أحيانا في صفوف بعض أبناء مجتمعنا، فالسرّ يكمن في مثل هذه الظروف في الحفاظ على أصالتنا وعراقتنا، وفي صون هويّتنا وكل المقوّمات التوحيديّة التي اعتدنا عليها وتعلّمناها من الآباء والأجداد على مدار مئات السنين.
وبهذه المناسبة السعيدة، وهذه الزيارة المباركة، آمل من الله تعالى أن يأخذ بيد إخواننا في لبنان وسوريا ويبعد عنهم الظروف الصعبة والحروب والمشقات، وأن يُقدّرنا على أن نفعل الخير لمجتمعنا وطائفتنا، وييسِّر لنا اللقاء والتلاقي والاجتماع والإجماع على ما هو في صالح الطائفة والإنسانيّة جمعاء، كلّ عام وأنتم بخير. 

مقالات ذات صلة:

الدّين والأخلاق عِمادُ المجتمع

أَيُّ مجتمعٍ بشريّ، أيًّا كانتْ تركيبتُه الدّيموغرافيّة، وأَيّاً كانَ موقعه الجغرافيّ، لا يُمكن أنْ تقومَ له قائمة ويَستحيل بقاؤُه واستمراره