الموقع قيد التحديث!

رحيل البروفيسور قيس فرو

بقلم المرحوم الشيخ سميح ناطور
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

ودّعت قرى الكرمل والطائفة الدرزية وأسرة التربية والتعليم الأكاديمي في البلاد المرحوم البروفيسور الأستاذ أبو غسان قيس فرو (1944-2019) الذي داهمه في الأشهر الأخيرة مرض عضال فقضى كل هذه الفترة في العلاج إلى أن نقلته العناية الربانية تاركا وراءه إرثا ضخما من الأبحاث والمؤلفات وكتابات نالت شهرة عالمية وغطّت فراغا كبيرا في تاريخ الطائفة الدرزية والمجتمع العربي في المنطقة. ولد وترعرع الأستاذ قيس في قرية عسفيا في عائلة نابهة يقظة متفتّحة تعيش مع الأحداث وتتفاعل معها، أنجبت شخصيات ذات مدارك واسعة وأفاق عريضة. 

نشأ الأستاذ قيس في قرية عسفيا بعد أن أنهى المدرسة الابتدائية فيها وانتقل للدراسة في الكلية الأورثوذوكسية في مدينة حيفا وبرزت مواهبه وأنهى الكلية بنجاح وانتقل للدراسة في جامعة نيس في فرنسا وعاد بعد حصوله على الدكتوراه ونال مكانة كبيرة في عالم البحث الأكاديمي في البلاد واستقرّ محاضرا من الدرجة الأولى في تاريخ الشرق الأوسط في جامعة حيفا. وقد أنجب المرحوم عددا من الشباب ذهب قسم منهم في طريقه والتحق بالأكاديمية وهم يتعلّمون في المعاهد الراقية ويودون الوصول إلى بعض المنازل التي حققها المرحوم. هذا وقد التقت مجلة العمامة قبل سنوات بالمرحوم وأولاده وأجرت معهم مقابلة نُشرت ف  في نطاق زاوية “عائلة متنورة” باعتبارها إحدى العائلات الرائدة في الطائفة الدرزية من ناحية المتعلّمين.

وجرت للمرحوم جنازة مهيبة في قرية عسفيا تحت رعاية فضيلة الشيخ موفق طريف الذي ألقى بهذه المناسبة كلمة التأبين التالية: “نقف اليوم, وبحكمٍ من القضاء والقدر خاشعين خاضعين طائعين لعظمة جلال الخالق سبحانه, صاغرين أمام عبرة الموت, لنودع جثمان الفقيد الغالي, رجل العلم والتاريخ، الرجل ألمعطاء,  البروفسور أبو غسان قيس فرو, الذي كان علما من أعلام الثقافة والتربية على مستوى الطائفة والمجتمع، بعد أن وافته المنية صبيحة هذا اليوم، وإيمانا منّا بالعقيدة الثابتة، والقدر المرسوم، واليوم المكتوم والمصير المحتوم، فإنه لا يسعنا إلا أن نقف هذا الموقف، خاضعين خاشعين للإرادة الربّانية، متقبلين حكم الله وقضاه راضين قانعين مُسلِّمِين.   لقد سطر فقيدنا الراحل تاريخا حافلا وساهم في كسر حواجز عديدة، فبعد نشأته في هذا البلد الطيب، العامر باهله وسكانه وطوائفه، ونَهَلَ القيم والفضائل التوحيدية الموروثة عن الآباء والأجداد، شق طريقه في مجال التعليم العالي وسطع نجمه في العالم الاكاديمي والبحث التاريخي، فكان من أوائل الشباب المتعلمين، وبرز كأحد المثقفين والباحثين، في وقتٍ كان فيه مجتمعنا ما زال في بداية الطريق.

لقد حطم فقيدنا الغالي سقف الزجاج مرة تلو الأخرى منذ أن قدم أطروحة الدكتوراه في جامعة فرنسية وبدأ مسيرته في جامعة حيفا وترقى من درجة أكاديمية الى أخرى، مبتكرا أفكارا وابداعات جعلت من المسارات التعليمية التي ترأسها أولى في البلاد والعالم الى أن شغل منصب رئيس قسم تاريخ الشرق الأوسط في الجامعة وتتلمذ على يده آلاف الطلاب والمئات من الباحثين والاكاديميين. ذاع صيت فقيدنا في العالم أجمع ودرس وبحث وشارك وترأس بعثات علمية الى كبرى جامعات العالم وأكثرها عراقة وحصل على جوائز علمية من معاهد عليا. كل ذلك الى جانب تأليف عشرات الكتب في موضوعات عديدة أَثْرَّتْ المكاتب ودور الابحاث نرى فيها موروثه العلمي.  

حرص البروفسور أبو غسان على تاريخه وأصوله وتوثيقه فبادر الى إقامة أرشيف لتاريخ الطائفة في جامعة حيفا وعمل على توثيق تاريخ الموحدين الدروز عن طريق أبحاث عديدة كتبت بلغات مختلفة ونشرت في دور نشر ومجلات علمية عالمية أظهرت تاريخ الطائفة وخدمتها للإنسانية جمعاء. كان الوجه الطّيّب للطائفة, والسّفير الصادق الأمين لأبناء الأقلية العربية في كُلِّ دولة أو جامعة زارها. “.

مقالات ذات صلة: