الموقع قيد التحديث!

رائدات من بلادي: المربية أم غدير ناديا سيف

بقلم السيدة سهام ناطور (عيسمي)
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

تحصل على جائزة مميّزة كمعلمة مثالية في الدولة

انتُخبت مؤخرا السيدة المربية الباحثة أم غدير ناديا سليمان سيف، معلمة مثالية في الدولة، حيث وصلت إلى المرتبة النهائية، وتم اختيار ست معلمات ومعلمين، من بين خمسة آلاف مُشترك من المربين والمربيات في الدولة، الذين كانوا مرشّحين، في نطاق مشروع اختيار أجود ست معلمات ومعلمين في الدولة، عربا ويهودا، من قِبل: (صحيفة “يديعوت أحرونوت”، وهي أكثر الصحف رواجا في البلاد. ومِن  قبل مؤسسة مفعال هبايس وصحيفة واينت الالكترونية وبنك مساد ومنظمة المعلمين والمشروع الوطني للتفوق باللغة الإنجليزية وكينان شيفي.

 وقد حصلت السيدة أم غدير على هذه الجائزة، بعد أن ارتقت من درجة إلى درجة، حتى وصلت إلى المرتبة النهائية، وتم الموافقة بالإجماع على اختيارها في هذه المنزلة، لقوّة شخصيتها، لمثابرتها، لإصرارها على أن تحافظ على تراثها وعقائدها ومميزاتها، كسيدة درزية وفي نفس الوقت، تواجه التحديات العلمية والثقافية والتربوية الحديثة والتقنيات، وتجنّدها من أجل رفع مستوى التعليم في الطائفة الدرزية، وخاصة النهوض بالمرأة الدرزية، وفتح كافة أبواب التعليم والأشغال الراقية أمامها.

وقد مثّلت السيدة أم غدير، الطائفة الدرزية في الاحتفال المميز، الذي جرى في مدينة تل أبيب، تحت رعاية فخامة رئيس الدولة، باحترام وتبجيل هي وعائلتها وكل مَن رافقها، وأثبتت أن هذه الطائفة، تضمّ بين ثناياها، مواهب كامنة، وشخصيات قديرة، وقدرات علمية وفكرية هائلة، وإذا مُنحت الفرصة، وزُوِّدت بالإمكانيات المناسبة، يمكنها أن تحقق أكبر الإنجازات في كافة المجالات. وقد جاء في قرار لجنة التحكيم عن السيدة أم غدير قولها:

” العطاء هو جوهر الوجود، وروحه التي تلمع في صميم مكوناته، فها هي السماء تمطر، ولا تطلب أجراً، وهنا الأرض تنبت لنا أطيابها ولا تبغي ثمناً، وتلك هي الشمس ترسل نورها كل صباح ولا تطلب يوماً للراحة، ولم نجدها تعتذر يوماً أو تقول “لا شروق”.  وأما المعلمة ناديا فهي التي تمثل بهذه العظمة طوعا عندما اختارت العطاء رسالةً لا مهنةً، آمنت بأفكار ومبادئ وعقائد فمنحتها اخضرار روحها لتزرعها في نفوس طلابها لتنبت ثمره اعمالهم…

المعلمة المعطاءة لم تبخل يوما على طلابها وروتهم من نبع معرفتها، المربية التي غمرت طلابها بالكثير من القيم والمبادئ والإرشاد… هي كالأم الحنون التي تضم وتحتوي ابناءها اجمعين تحت اجنحتها.

في النهاية توجهوا اليها بالكثير من الشكر والتقدير والعرفان لكل ما قدمته لمدرستها لطلابها وبلدتها متمنين لها الصحة والعمر المديد…”.

وصرّحت السيدة أم غدير قائلة: لقد كان من الصعب على أفراد عائلتي، الموافقة، في البداية، أن أتعلّم وحتى أن اقود سيارة، لكنني وجدت أنني يجب أن أضحّي، وأن افتح الطريق أمام باقي بنات القرية، حيث أقول لهنَّ دائما: إنه يجب أن تتوفر لديهن الرغبة الجامحة للتقدّم فتتمكنّ كل فتاة من الوصول لما تريد. ومنذ ذلك الوقت، أشعر أن لي مكانة مرموقة في القرية.

وقد جذبني التعليم، كون والدي معلمًا، قضى من حياته 38 سنة في سلك التعليم، وأنا أقدّره واحترمه على تضحيته، وهو بالنسبة لي نموذج وقدوة ومثال أعلى. وبدأت منذ صغري أحلم أن أكون معلمة تربي أجيالا، وقد لمست مع الوقت أن طريق التربية هو مفتاح الناس للوصول إلى النجاح، لأنه بفضل المواظبة والمثابرة والجهود والرغبة الجامحة في التعليم المستمر يمكن للإنسان أن يتطور. “.

وُلدت السيدة ناديا سيف عام 1981، تعلّمت المرحلة الابتدائية في مدرسة القرية، ثم ارتقت إلى المرحلة الإعدادية والثانوية في مدرسة ترشيحا الشاملة، وأنهت المرحلتيْن بتفوّق وامتياز. وكان شغلها الشاغل أن تحصل على تعليم أكاديمي، فالتحقت بكلية غوردون في حيفا، وهناك برزت بتحصيلها العلمي العالي بالرغم من صعوبة المسار الذي اختارته، وهو موضوع علوم يضم الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا. تخرّجت من كلية غوردون عام 2005 حاصلة على اللقب الأول وعادت إلى قريتها وعُيّنت مدرِّسة في المدرسة الابتدائية للقرية لمدة أربع سنوات، وانتقلت بعد ذلك إلى المدرسة الإعدادية في القرية، وقُبلت للتعليم والتدريس في مجال تخصصها، وهو موضوع العلوم. كما قامت بإرشاد دورات مختلفة في المدرسة وخارجها، واستغلت معظم وقتها بعد الدوام، في دورات استكمال في مواضيع عديدة ومختلفة، مما ساهم كثيرا في بناء شخصيتها وتطوير الكفاءات العلمية المختلفة. ومن ثمة انطلقت في مسيرتها العلمية، للحصول على اللقب الثاني “الماجستير” في علم الأحياء البيولوجيا، وفي نفس الوقت اشتركت في دورات موسّعة في تأهيل موضوع الفيزياء.

وقد برزت بشكل واضح في عملها في المدرسة الإعدادية وامتازت بتألقها ومحبة الطلاب لها، فنالت ثقتهم واحترامهم، كما نالت احترام ودعم وثقة طاقم الإدارة بإدارة المُربي الفاضل الدكتور رجا فرج، ومحبة وتأييد زملائها من المعلمين والمعلمات، وكذلك لجان الآباء على مر السنين. وقد تم في السنوات الأخيرة اختيارها من قبل جهاز التفتيش والإدارة لتركيز موضوع التربية الاجتماعية في المدرسة. وهنا أدهشت الجميع بالنشاط والتغيير الذي أحدثته في المدرسة.

ولم يتوقف طموح أم غدير في هذا المكان، وانما تعداه أكثر وأكثر، فقررت أن تكمل دراستها الأكاديمية، وأن تتوجها بنيل شهادة الدكتوراه، فانتسبت إلى جامعة تيمشوارة في رومانيا، لتدرس موضوع الإدارة التربوية وتجري أبحاثها في نطاقه.

وقد تمكنت السيدة ناديا من تحقيق كل هذه الإنجازات بفضل زوجها، شريك حياتها ورفيق دربها، السيد مهدي الذي كان له الفضل الأكبر في دعمها المادي والمعنوي وتوفير الأجواء الهادئة المناسبة لها، كي تحقق ما تريد، وكي تؤدي الرسالة التي نذرت نفسها ان تقدمها لمجتمعها. ناديا ومهدي أبوان لغدير وندين، ومُؤخرًا رُزقا قبل أسبوع ونصف بالأميرة الصغيرة “تالي” حفظها الله وبارك لهم فيها، والعائلة كلها تعيش أجواء تربوية راقية وتحلم بتحقيق إنجازات كبيرة في المستقبل. فهذه العائلة وخاصة أم غدير بلغت ما وصلت إليه بقوة إيمانها، وتمسكها بجذورها، وعزمها، وحفاظها على العادات والتقاليد الدرزية العريقة. وهي لا تنسى أنها تنتسب لعائلة رفيعة الشأن، لها باع طويل في الدين والفضائل، فجد السيدة ناديا، هو فضيلة المرحوم الشيخ أبو علي مهنا فرج، أحد كبار رجال الدين في بلادنا والمنطقة، وهو يعتبر مع عدد من مشايخ العائلة من سوريا ولبنان، في مقدمة رجال الدين الدروز في البلاد.  كما نوّهت المعلمة ناديا عن دعم عائلتها الثانية أهل زوجها مع بيت أهلها على مدار السنوات، الأمر الذي دفعها قُدُمًا لدرب النجاح دون تردد وبكامل الثقة، فلهم منها جُلَّ التقدير والاحترام…

إنجازات وأعمال ومواظبة السيدة ناديا هي جزء من الثورة الثقافية العارمة التي تعيشها المرأة الدرزية في السنوات الأخيرة، حيث نشهد حصول تقدم هائل للمرأة الدرزية التي تتهافت اليوم على التعليم بحيث توصلنا إلى أرقام وأعداد هائلة من خريجات الجامعات والمؤسسات الأكاديمية الكبرى.  

مقالات ذات صلة:

العدد 75 – اب 2006

العدد 75 – اب 2006 Share on whatsapp Share on skype Share on facebook Share on telegram لتحميل العدد Pdf