الموقع قيد التحديث!

رائدات من بلادي: الدّكتورة سوسن حديد (أبو ركن)

بقلم السيدة سهام ناطور (عيسمي)
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

قصّة نجاح

ليس غريبًا على الدّوحة المعروفيّة أن تلدَ شخصيّاتٍ لا تنتظر من التّاريخ أن يصنعها، وإنّما تسعى لتصنع التّاريخ بيدها. وكلّ من تعرّف إلى د. سوسن يعلم أنّها من هذه الشّخصيّات، الّتي تختار كتابةَ أسطر الرّيادة وتحقيق المستحيل.

 د. سوسن هي واحدةٌ من رائدات القفزة العلميّة النّسائيّة في الكرمل والطّائفة الدّرزيّة. حاصلةٌ على الدكتوراه في مجال الترّبية والتعليم. هذا الموضوع الّذي أحبّته منذ كان صغيرةً، ورأتْ فيه فرصةً ذهبيّة لتضع بصمتها المميّزة.

ولعلّ ما وصلت إليه سوسن من إنجاز اتٍ ليس بالأمر الغريب على البيئة الّتي انبثقت منها، حيث أنّها تربّت في بيتٍ آمن بالعلم وخرّج قياديّين رفيعي المستوى في مجالات مختلفة، بدءًا من والدها الأستاذ سلمان أبو ركن، الّذي تسرّح من الخدمة العسكرية برتبة ضابط، وكان من المبادرين والمؤسّسين لرابطة الضّبّاط المسرّحين الدروز.  بدأ سلمان عمله في سلطة الطّبيعة والحدائق عام 1977 وتقاعد بعد ستٍّ وثلاثين سنةً شغلَ خلالها وظائف عديدة، كان من بينها تعيينه في سلطة الحدائق كنائب مدير لواء الشّمال، مدير قسم التّربية والإرشاد، ومدير قسم العلاقات الخارجية. لم يوقف التّقاعد الأستاذ سلمان عن العطاء الاجتماعيّ، حيث تفرّغ بعده ليلقي محاضرات في جميع أنحاء البلاد في مواضيع الطّبيعة والبيئة، ويقود التّعاون في هذا المضمار بين إسرائيل، السّلطة الفلسطينيّة، الأردن ومصر. هذا وشارك سلمان في محادثات السلام في العقبة عام 1994. الأستاذ سلمان حاصل على شهادة الماجستير في موضوع الجغرافيا، وله مؤلّفات علمّية كثيرة، وهو متطوّع فعّال في ستّ جمعيات على الصّعيدين المحلّيّ والقطريّ، ويشغل اليوم مديرًا لجمعية القبّوعة الدّرزيّة التي قامت ببناء بيت بني معروف في عسفيا.

الأم هي السّيّدة سميرة أبو ركن (سيد أحمد) وهي من أولى الطّالبات الثّانويات والجامعيّات في قرية عسفيا. تخرّجت من جامعة حيفا وعملت مدّة سبعٍ وثلاثين سنةً مستشارةً تربويّةً، معلمة للّغة العربيّة، ومرشدةَ مستشارين في الوسط الدّرزيّ.  اليوم، وبعد تقاعدها، تكرّس حياتها لأعمال تطوعيّة عديدة، من ضمنها إدارتها لفرع “يد سارة” في الكرمل.

الأخ علاء هو ضابط برتبة كولونيل، وقد تمّ تعيينه مؤخّرًا مُستشارًا عسكريًّا لرئيس الدولة، وسيتمّ ترقيته لرتبة عميد. حاصلٌ على الدكتوراه في علوم الشّرق الأوسط وقد عمل في السّنوات الثّلاث الأخيرة ملحقًا عسكريًّا في الصّين.

الأخ الثّاني، طليع، ويشغلُ في السّلك العسكريّ ضابطًا برتبة مقدّم.  الأخت راية هي أيضًا جامعيّة ومثقّفة، عملت مقدّمة برامج في الإذاعة الإسرائيليّة. الأخت الأخرى منى هي أيضًا جامعيّة، تكمل مؤخّرًا دراستها للّقب الثّالث، الدكتوراه، في قسم التّربية في جامعة حيفا، وتعمل معلّمة في مدرسةٍ ثانويّة في قريتها.

ولمّا كانت الطّيور تقع على أشكالها، فقد اقترنت سوسن بزوجها المهندس السّيّد إيهاب جواد حديد، وهو أيضًا واحدٌ من الشّباب الطّلائعيّين المثقّفين. حاصلٌ على اللّقب الأول في هندسة الكهرباء والإلكترونيا، وعلى شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، ويعمل مديرًا في شركة هايتك عالميّة.

وبالعودة إلى سوسن: وُلدت في قرية عسفيا عام 1977، وتعلّمت في مدارسها، لتنهي المرحلة الثّانويّة في مدرسة أورط رونسون الثّانويّة، وتحصل على شهادة بجروت بامتياز، في الفرع العلميّ بتخصّص بيولوجيا.

في عام 2002 تمّ تعيينها كمعلّمة دائمة بعد أن نالت لقب B.ED.، وشهادة تدريس في موضوع التّربية البدنيّة والرّياضة من معهد “فينغيت”. لتستمرّ بعدها في دراستها للّقب الثّاني، في قسم التّربية في جامعة حيفا، وتنهيه عام 2007، بعد أن قدّمت أطروحة الماجستير في موضوع دمج استراتيجيّات التّعليم من خلال دروس التّربية البدنيّة.

بالإضافة إلى التعليم الأكاديميّ، أنهت سوسن عام 2014 شهادة الإدارة، بعد دورة لتأهيل مدراء المدارس في كلّيّة “أورانيم” للتّربية، لتنخرط بعدها في دراستها للّقب الثّالث، الدكتوراه، والّذي حصلت عليه عام 2019، من قسم التّربيّة في جامعة بار-إيلان، بعد تقديمها لأطروحة بحثيّة في موضوع “الهويّة الاثنيّة، الرؤيا الذّاتية-التّعليميّة والتوجّه المستقبليّ، كمنبّئات للمشاركة المدرسيّة، الإنجازات التّعليميّة، والتّصرفات الخطيرة، بين المراهقين الدّروز في إسرائيل”. يُشار أنّ د. سوسن قامت بعرض نتائج هذا البحث في مؤتمرات عديدة، أحدها في أوروبا، لتنال الأطروحة اهتمام باحثين كُثر في البلاد والعالم.

بالإضافة إلى هذه الإنجازات، عملت د. سوسن بين العامين 2002-2005 كمحاضرة لدورات استكمال في كلّيّة فينغيت. بين العامين 2006-2008 تمّ تعيينها مرشدة تربويّة في وزارة التّربية والتّعليم، رافقت خلالها مدارس ابتدائيّة وثانوية كثيرة. هذا إلى جانب عملها منذ عام 2000 حتّى كتابة هذه السّطور، كمعلّمة في المدرسة الثّانويّة أورط رونسون عسفيا، والّتي شغلت فيها وظائف تربويّة عديدة، نذكر منها، مركّزة برنامج אמ”ץ، مديرة شعبة، مركّزة للتّربية الاجتماعيّة، مركّزة لبرنامج السّفراء الشّباب، ولبرنامج الرّحلات التّعليميّة حول الكارثة في بولندا. بين العامين 2014-2015 عملت د. سوسن أيضًا كمرشدة تربويّة لطلّاب السّنة الثالثة في كلية فينغيت.

مع كلّ هذا الامتياز، فالدّكتورة سوسن هي أيضًا أمّ ممتازةٌ ومثاليّة لأربعة أولاد، تربّيهم مع زوجها إيهاب على محبّة العلم والعطاء في المجتمع، لتثبت بهذا أنّها واحدةٌ من الوجوه المضيئة للغد المشرق الشّبابيّ الدّرزيّ، وواحدةٌ من الشّخصيّات الّتي نفتخر بها ونكرّمها، كمربّية أجيال وقدوة نجاح مميّزة على أرض الواقع.  

مقالات ذات صلة: