الموقع قيد التحديث!

دروس في الأخلاق.. الشيخ أبو ياسر يُذهل إمام الجامع في بيت لحم

المرحوم الشيخ سميح ناطور
بقلم المرحوم الشيخ سميح ناطور
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

الشيخ أبو ياسر ناظم قاسم خطيب بدر، إنسان متدين وقور، ابن قرية حرفيش في الجليل الأعلى، سلك طريق الدين منذ سنوات بعد كان فترة طويلة يخدم في سلك الأمن مسئولا مجندا في حرس الحدود، ثم قائدا منتظما في سلك شرطة إسرائيل، قام بواجبه وأداء وظيفته باحترام وإخلاص، مثل كافة أبناء الطائفة الدرزية، الذين يعتبرون أنفسهم مواطنين في هذه الدولة، يحترمونها ويسيرون حسب قوانينها، ولهم اعتبار وتقدير واهتمام بكل مواطن من هذه الدولة يلتزم بالقانون.    وفي ربيع عام 1967 كان الشيخ أبو ياسر, شابا متزوجا ,عمره 26 عاما، وابا لطفلة، وواحدا من أفراد وحدات حرس الحدود، تضم ضباطا وجنودا دروزا ويهودا. عملوا بكل ما يتعلق بالحفاظ على امن السكان المحليين، وإعادة الحياة الى مجراها الطبيعي. وكان من بين المهمات التي ألقيت عليهم، تأمين قداس عيد الميلاد في كنيسة المهد في مدينة بيت لحم عشية عيد الميلاد في شهر كانون اول من نفس السنة (1967)، فوصلت قوات معززة الى المدينة، وعهد اليها تامين إقامة الشعائر الدينية والقداس.

وكان الشاب ناظم غير متدين، لكنه تشرب من بيته وأسرته الأصول والأخلاق التوحيدية، التي مارسها الموحدون الدروز عبر التاريخ، في كل مكان تواجدوا فيه، ومنها احترام الغير، وتبجيل المقدسات وأماكن العبادة لجميع الطوائف. وكانت وظيفته في تلك الفترة، قائد فرقة صف, وطلب منه ومن مجموعته الوصول الى مسجد سيدنا عمر مقابل كنيسة المهد وحراسة باحة الكنيسة من على سطح المسجد.

وكانت التعليمات لأفراد الامن واضحة: وجوب تأمين حرية ممارسة الطقوس والمحافظة على الامن والنظام وعدم التحرش بأحد وتامين الحياة العادية للجميع. وكانت الساعة ظهرا,  وقبل أن تدخل المجموعة الصغيرة البوابة الرئيسية للمسجد، وقبل ان يستأذن  القائد ناظم من إمام المسجد للصعود الى السطح، أخذ يعطي تعليماته لأفراد الدورية باللغتين العبرية والعربية قائلا: “عليكم خلع احذيتكم والإمساك بها في ايديكم، حفاظا على قدسية وطهارة المكان. نحن ندخل بيتاً من بيوت الله، وعلينا احترام المكان والمصلين فيه.”

نفذ افراد الدورية التعليمات وصعدوا بهدوء واحترام لطهارة المكان الى سطوح المسجد، وفي مقدمتهم الشاب ناظم واتخذوا المواقع المطلة على الكنيسة وساحاتها ومداخلها بهدوء.

وقف امام الجامع، المرحوم الشيخ عبد السميع حسن الرفاعي وبعض الحضور، أمام هذا المنظر، بذهول وانبهار وتعجب من تعليمات القائد، وتوجه الامام، وهو ما زال منفعلا من شدة الدهشة، إليه وشكره على انسانيته ولطافته وتصرفاته، هو وباقي افراد المجموعة وهو يردد الكلمات التالية:

“حضرة القائد، ما رأته عيناي من حسن اخلاقك وتصرف الجنود، لم يخطر ببالي أبدا، ولم الاحظ مثله…حتى أيام وجود الجيش الأردني عندنا !!.”.

 رد الشاب ناظم على الامام قائلاً: “تربينا على مراعاة شعور الاخرين، واحترام بيوت العبادة، ووجوب التعامل مع الناس بالاحترام وجبر خواطرهم. نحن، كمواطنين دروز إسرائيليين، نقوم بواجبنا لا أكثر.”.

واليوم، يستعيد الشيخ أبو ياسر تلك الأيام، ويقول إنه مقتنع أنه تعامل كجندي وشرطي مع سكان الضفة الغربية بالإنسانية واحترام القانون وتأدية الواجب، وقد حظي هو وزملاؤه الدروز واليهود، باحترام وتقدير المواطنين، لدرجة أنهم تعاملوا كمعارف وأصدقاء، ويذكر أنه مر يوما بجانب إحدى الحوانيت في الخليل، فاستوقفه صاحب الدكان قائلا له: أنا بانتظار مرورك منذ الصباح، فقد دخل الحانوت جندي إسرائيلي، واشترى حاجة، ونسي سلاحه الشخصي في الحانوت، وأنا بانتظارك لأسلمك إياه…

باحة مسجد سيدنا عمر “ر” في بيت لحم, قبالة كنيسة المهد
كلمة شكر للشيخ فواز حسين الذي أبلغ “العمامة” بهذه القصة ولصديقه الدكتور بيتر قمر، ابن مدينة بيت لحم الذي ساهم في دعم القصة بصورة لباحة الكنيسة والجامع من تاريخ 8 حزيران 1967.
الشيخ أبو ياسر ناظم قاسم خطيب بدر

مقالات ذات صلة:

قراءة الفنجان

قراءة الفنجان هي عادة شعبية شائعة في كل أنحاء العالم، وهي رائجة جدا في محيطنا الشرقي والعربي، ولها جذور تاريخية

نشاطات طائفية – العدد 148

عيد الأضحى المبارك احتفلت الطائفة الدرزية هذا العام بعيد الأضحى المبارك وقام المشايخ الأفاضل بكل الفروض في ليالي العشر المباركة،