الموقع قيد التحديث!

بدعة نظرية “الحائط الواقف”

بقلم المرحوم الشيخ سميح ناطور
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

عانت الطائفة الدرزية منذ تأسيسها بمستهل القرن الحادي عشر من مطاردات وتهجمات وافتراءات وتشهير بسبب العناصر الإصلاحية التي جاء بها الدين الدرزي والذي تمّ الإفصاح عنه مع بداية دعوة التوحيد الدرزية في القاهرة عام 1017 في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله من قِبل جهاز منظَّم وطاقم مدرَّب وهيئة نشطة واعية من المسئولين استطاعت أن تبثّ في جميع أرجاء العالم الدعاة الذين بشّروا بدين التوحيد. وفتحوا المجال أمام من يريد أن ينضمّ لأن يأخذ على عاتقه الفروض والواجبات والقيود الصارمة التي يفرضها دين التوحيد. والمعروف عن هذا الدين أنه واضح ويدعو إلى فضائل ومناقب معيّنة مشدِّدا في أمور كثيرة تغاضت عنها الديانات الأخرى وفي مقدّمتها منع تعدد الزوجات، تحريم شرب الخمور والمواد السامّة بما في ذلك التدخين وأمور مشابهة أخرى. وحرّم الزنا والتسلط على أملاك الغير واستعمال أموال الحكومة وفرض على المؤمن أن يأكل فقط من عرق جبينه ومن نتيجة أتعابه كي يهنأ بما حصل عليه بأتعابه ويتوقّف عن استغلال الآخرين والعيش بدون أن يبذل جهدا لهذا. كما أسقط الدين الدرزي عن أتباعه فروضا مثل الصوم والحج ومنع بتاتا انتهاج حالات ومواقف شاذّة مثل ما يحدث في يوم عاشوراء لدى الشيعة حيث يذكرون الحسن والحسين بضرب أنفسهم بالسلاسل والقيود وبإسالة الدماء. وقد جاء دين التوحيد وظهر كدين العقل والمنطق والفكر وهو خالٍ تقريبا من الخزعبلات ومن تبني مغريات الحياة وبدأنا نشاهد مئات الفتيات السيدات تشاركن في المشاريع الثقافية والتعليمية من أجل كسب الخبرة والمعرفة للقيام بما أوعز لها الدين الدرزي وهو تثقيف وتربية وتوعية الأجيال الجديدة. ونتيجة لكل ذلك شعرت بعض الأوساط أن الدين الدرزي يشكّل خطرا عليها فقامت بحملة مطاردة وتعذيب وتنكيل بالمؤمنين وباشرت بدعايات مغرضة تكفّر الأجواء الجديدة التي بثّها دين التوحيد وعمل على تطبيقها. وقد طورد الموحدون وصدرت ضدهم الفتاوى التي تحلّل قتلهم وعانوا من مجازر ومحن أهمها محنة أنطاكيا ووصلوا إلى وضع شعروا أنهم منبوذون وغير مرغوب بهم ففضّلوا العزلة والانزواء والعيش في رؤوس الجبال حتى يستعيدوا أنفاسهم ويبنوا استراتيجية جديدة ويهيّئوا وسائل دفاعية للمحافظة على كيانهم وعلى استمراريتهم. وبدأ مشوار الدروز منذ البداية محفوفا بالتضحية والقتال والدماء والدفاع عن أقدس المقدّسات مع الدين وهي الأرض والعرض، ويُعتبر تاريخ الدروز سلسلة طويلة من المعاناة ومن الصراع ومن ردّ التهم ومن تجنّب محاولات الدسّ والمطاردة وما زالوا حتى اليوم متّهمين بالكفر والإلحاد ويُحاسَبون على كل كلمة وعلى كل صلاة ولن ترضى هذه الأطراف عن الدروز إلاّ إذا أنكروا كل كيانهم وانصهروا كلّيّا في الطوائف والمجتمعات الموجودة مع كل عِلاّتها. وطبعا رفض الدروز ذلك وآثروا أن يقاتلوا وأن يستميتوا من أجل المحافظة على التوحيد الحقيقي والتديّن الصادق والإيمان النزيه والإنسانية الحقّة واحترام الفرد والإنسان والمؤمن طالما هو صادق مع نفسه ومع الله سبحانه وتعالى، يعمل ما يتطلب منه حتى لو كلّفه ذلك حياته. وقد جاءت كل هذه التهجمات والتكفيرات من عناصر إسلامية متطرّفة بينما لم يتطرّق المسيحيون واليهود لدين التوحيد مثلما فعل المسلمون إلا في وقت لاحق. وبالرغم من كل هذا الوضع بنى الدروز لأنفسهم كيانا عريقا فحكم التنوخيون لبنان منذ منتصف القرن الحادي عشر حتى بداية القرن السادس عشر وعانوا من هجوم الصليبيين وحاولوا إعاقة دخولهم لكن المدّ الصليبي استطاع ان يخترق العالم الإسلامي وأن يبني له كيانا وحكما في المنطقة وقد ساند الموحدون الدروز كافة الولاة والحُكّام الذين حاربوا الصليبيين والمغول والبيزنطيين وكافة أعداء الأمة الإسلامية وحظوا بتقدير واحترام الحُكام مثل السلطان صلاح الدين الأيوبي والسلطان قطز وغيرهم. وازدهر حكم الدروز في لبنان في عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني الذي كوّن لبنان الحديث وطوّر التجارة الدولية والسياحة وتقدّم الشعوب وتغيير العقلية المحليّة. وطبّق كل اركان دين التوحيد بالمعاملة الحسنة لجميع الطوائف وبتحقيق المساواة الكاملة، فزاد هذا من حنق أعداء الدروز الذين اثبتوا انهم حقيقيون.

مواقف درزية عبر التاريخ / الحائط الواقف / الشيخ سميح ناطور

<iframe src="https://www.facebook.com/plugins/video.php?height=314&href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Falamamadruze%2Fvideos%2F346483139303414%2F&show_text=true&width=560" width="560" height="429" style="border:none;overflow:hidden" scrolling="no" frameborder="0" allowfullscreen="true" allow="autoplay; clipboard-write; encrypted-media; picture-in-picture; web-share" allowFullScreen="true"></iframe>

مقالات ذات صلة: