الموقع قيد التحديث!

المقام الشريف رمز وراية لجميع أبناء التوحيد

بقلم الشيخ أبو صلاح رجا نصر الدين
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

لا شك أن للزيارة السنوية التقليدية لمقام النبي شعيب عليه السلام، هذه الزيارة التي انتُهجت لأول مرة عام 1885، حينما قام فضيلة الرئيس الروحي للطائفة الدرزية آنذاك، الشيخ مهنا طريف بترميم المقام، وتهيئته للزوار، فنظّم احتفالا ضمّ جميع المشايخ في ذلك الوقت، وكذلك ضيوف من الخارج، وأعلن عن افتتاح المقام الشريف للزوار، وأصبحت هذه الزيارة عادة ونهجا وحدثا مباركا، ذا أهمية كبيرة في تاريخ الطائفة الدرزية في البلاد وخارج البلاد، وحوّلت المقام الشريف إلى رمز وراية لجميع أبناء التوحيد، وإلى حجرة دافئة، يلجأ إليها أي فرد من أفراد التوحيد، في وقت فرح، أو في وقت ضيق، ليخلو بينه وبين نفسه، أمام الضريح الطاهر،  ويفضي بسرّه لخالقه، عن طريق تأمّله وصلاته ووقوفه بخشوع، طالبا العفو والمغفرة، ومُطْلِقا طلباته وتمنياته، ومُفصِحا عن أسرار قلبهن وعن مشاكله، وعمّا يجيش في صدره. وبالطبع، متأملا الفرج والانفتاح والمواساة وتغيير الأحوال إلى الأحسن.

 ومن هذا القبيل يُعتبَر كل مقام ديني، وكل مكان عبادة، عاملا نفسانيا يخفف عن كل مَن يقصده ويتوجّه إليه، لكن لمقام النبي شعيب عليه السلام، مكانة خاصة في نفوس المواطنين الدروز في البلاد، ونلاحظ أن أي فرد، كبيرا أو صغيرا، ينوي الخروج من بيته إلى مكان ما، يفكّر حالا بالوصول إلى المقام الشريف. فأهمية المقام ليست في الزيارة الرسمية السنوية المركزية فحسب، وإنما في اعتماد أبناء الطائفة الدرزية، أن المقام مفتوح أمامهم طوال أيام السنة، وهم يستطيعون المكوث بداخله في أوقات النهار، للترفيه عن أنفسهم، وكذلك الصلاة والتعبّد وإيفاء النذور وغير ذلك.

ونحن نرى دائما التهافت الكبير على زيارة المقام، ففي كل سنة، نقدّر عدد المشاركين في الزيارة الرسمية، بين 10 – 20 ألفا من الرجال فقط، يأتون ابتداء من السهرة، عشية الزيارة، ومنهم من يظل حتى الصلوات والاحتفالات الرسمية في اليوم الآخر، ومنهم من يؤدي واجباته الدينية، ويعود إلى البيت مع الفجر. ومن يأتي إلى المقام الشريف في الصيف والأيام الدافئة، يجد أن باحات المقام تضم أكثر من عشرة آلاف زائر، يستمتعون بالطاولات والمقاعد والأجهزة التي يوفرها لهم المجلس الديني، ويتناولون وجباتهم بفرحة وهدوء، بعيدين عن أي إزعاج أو صخب أو تأثير من قِبل عناصر خارجية.

وهذا الوضع الذي وصلنا إليه، تمّ تأمينه وتوفيره بفضل مساعي وجهود فضيلة الشيخ موفق طريف، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، ومعه المشايخ الأفاضل، الذين قاموا أولا، بفرض النظام والتقيّد بأصول زيارة المقام الشريف لأغراض مقبولة متّفق عليها بين الجميع، ثم اهتموا بأن يكون مفتوحا في الأوقات المناسبة، ومنعوا ظواهر غير مستحبّة لا تليق بقدسية المقام. ونحن نلاحظ وجود هذه الظاهرة بشكل جزئي فقط، في مقام سيدنا سبلان (ع) وفي مقام سيدنا الخضر (ع) وفي مقام سيدنا اليعفوري (ع) وفي المقامات الأخرى، لكنها كلها مجتمعة تعادل زيارة واحدة لمقام النبي شعيب عليه السلام. ويسعدني أن أتوجّه إلى جميع أبناء الطائفة الدرزية، مع حلول الزيارة السنوية لهذا العام، راجيا من الله، سبحانه وتعالى أن يعزز مقام وكيان الطائفة الدرزية في كل مكان، وأن يحافظ على المجتمع الدرزي أينما وُجد، ويدعمه أن يتمسك بدينه ومقدّساته وعاداته ونقائه، وابتهل إلى الله، سبحانه وتعالى أن يحلّ السلام بيننا وبين الدول المجاورة، كي ندعو إخواننا الموحدين عبر الحدود، أن يشاركوننا هذه المناسبة الكريمة، كي نكون جميعا، في حضرة، وتحت رعاية سيدنا ومولانا شعيب عليه السلام، الذي يهدينا ويرعانا منذ آلاف السنين. زيارة مقبولة للجميع وكل عام وأنتم بخير.

مقالات ذات صلة: