الموقع قيد التحديث!

المرحوم الشاعر والمربي مجيد حسيسي

Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وببالغ الحزن والأسى، وبعيون دامعة، ودّعت قرية دالية الكرمل في 8\8\2021 الشاعر والمربي الفاضل الأستاذ مجيد حسيسي بعد مسيرة مشرّفة وغنية من العطاء، والعمل، والكد، والإبداع. فيما يلي هذه النبذة عن مسيرة حياته المشرّفة التي وردتنا من عائلة الراحل الشاعر والمربي مجيد الكريمة:

وُلِد المرحوم مجيد حسيسي في قرية دالية الكرمل في 12\6\1944 لوالده المرحوم ابو الوليد يوسف حسيسي ووالدته شهربان. وأنهي تعليمه الابتدائي في مسقط رأسه، وانتقل لإنهاء دراسته الثانوية في الكلية العربية الارثوذكسية في حيفا عام 1962، ثم التحق بسلك التعليم بعد تخرّجه إذ عُيِّن مدرّساً للصفوف الابتدائية، الإعدادية والثانوية في دالية الكرمل وعسفيا. وصب جل اهتمامه على تثقيف وتربية ابناء بلده، إذ تذكّر كل طلابه حتى رمقه الأخير. وفي العام1982 عُين مديراً للمدرسة الابتدائية “ب” في قريته وحوّل مدرسته خلال سنوات قليلة إلى مدرسة نموذجية بعد أن غيّر فيها مناهج التعليم في الرياضيات واللغة العربية واللغة العبرية وخلق جوا من التعاون المثمر بين الهيئة التدريسية والأهالي وخاصة لجان الآباء. وقد فازت المدرسة خلال ثلاث سنوات متتالية على لقب المدرسة الجميلة، وحاز على جائزة رئيس الدولة لأحسن مدرسة ابتدائية على المستوى القطري عام 1987، كما أن مدرسته حصلت مرتين على المكان الأول في مسابقة التراث الدرزي، وحصلت على المكان الأول عن منطقة حيفا في مسابقة جائزة التربية والتعليم. وحصل الأستاذ مجيد شخصيا على لقب الموظف الممتاز كمرشح وزارة المعارف عام 1987 وعلى جائزة نقابة المعلمين الأولى في الدولة عام 1986. طلب المرحوم الاستاذ مجيد الانتقال لإدارة المدرسة “ج” الواقعة في حي الصوانية القاطن فيه، حباً منه بتحسين مستواها أيضاً، ولخدمة وتقوية أبناء حارته وجيرانه فانتقل لإدارتها عام 1993، وأنهى مسيرته التدريسية عام 1995 ليتفرغ لرعاية زوجته وابنه بعد أن المّت بهما ظروف صحية صعبة. قبل ذلك، وايمانا منه بأن العلم عماد المستقبل وبه ترقى الشعوب التحق بجامعة حيفا ودرس فيها اللغة العربية والأدب المقارن وحصل على البكالوريوس عام 1982.

تزوج المرحوم الشاعر مجيد حسيسي من ابنة عمه عام 1965 وأنجب منها خمسة أطفال وهم: ربيعة، سلمى، يوسف، مأمون وأيمن. وبدأ بممارسة الشعر في أوائل السبعينات، إذ أصدر ديوانه الاول “كلمات متشردة ” عام 1975، وقد أجاد الراحل مجيد حسيسي الى جانب كتابة الشعر فن الخطابة، فألقى كلمات الرثاء في مواكب الجنائز ومثّل عائلته وبلده في المناسبات العامة. وفي العام 1982، رُزِق الراحل بابنه الأصغر أيمن الذي عانى من إعاقة عقليه. وقد استحوذ مرض ابنه على حيز كبير من عقله وقلبه فكتب العديد من القصائد معبراً عن ألمه مثل تمهيد كتاب “منك الثرى” الذي نشره عام 1997، إذ ابتدأه بما يلي:

ولدي يأن من الالم

والقلب مني ينعصر

قالوا:

سيحيا “نبتةً”

والطب يعجز عن إعادته

سليماً مقتدر…

وأكمل الشاعر مجيد قصيدته واصفاً الألم والامل في شفائه، مستذكراً رضاه ورضا زوجته بقضاء الله وأجله. وتمسك بابنه حتى مماته، وأوصى أبناءه بأن يعتنوا به حتى النهاية. ورغم كل الصعاب، استمر بعمله الاجتماعي على مستوى القرية والمجتمع العربي ككل، إذ مارس تقديم الامسيات الشعرية والبرامج التلفزيونية والخيرية على المحطات الداخلية لدعم بلده، وقاد العديد من الدورات النسائية تطوعاً لحثهم على تعلم الخط والقراءة لتسهيل مزاولتهم لفرائض وتعاليم دينهم بالإضافة لتدريب طلاب من المدرسة الابتدائية في التعبير والإنشاء، وقد بادله هذا البلد العزيز الإجلال والإكرام والتكريم مرات عدة أثناء حياته. وانطلاقا من ايمانٍ راسخٍ بوجوب تعليم المرأة شجع ابنته ربيعة على إكمال مسيرتها التعليمية، إذ كانت من أوائل النساء الدرزيات الحاصلات على شهادة الدكتوراه وفخر بها حتى لبى نداء ربه.

لقد حاز المرحوم الشاعر والمربي مجيد حسيسي في العام 2014 على جائزة التفرغ للشعر من وزارة التربية والتعليم. وشُخِّص بعد عامين فقط (2016) مع مرض السرطان multiple myeloma حيث مر بعملية زراعة النخاع الذاتية في نفس العام ما ساعد في بقائه على قيد الحياة لخمس سنوات متتالية، أصدر خلالها ديوان ” جذور كرمليه” وقد بدأ العمل على اصدار كتاب يستذكر تاريخ دالية الكرمل ويمزج بين القصص المتوارثة والصور الملتقطة قديماً، وللأسف الشديد لم يحظ الكتاب بالصدور بعد.

 في الأشهر الأخيرة لحياته عانى من آلام شديدة لم يشكها إلا لخالقه جل جلاله وقد حظينا كعائلة بنعمة معرفة اقتراب موته، حيث تلقينا خبر فشل العلاج من طبيبته في 30.07.2021 وقد ايقنّا أن لحظاته معنا تؤول للانتهاء، وتفرغت العائلة لرعايته العشرة الايام الأخيرة، فأسمعته قصائده المسجلة بصوته ومكثت الى جانبه على مدار الساعة. استفاقت العائلة في الثامن من اغسطس على أنفاسه الأخيرة، إذ تكبد عناء شديدا في التنفس وافتقد الصوت والكلام، لم يكن بوسعنا في تلك اللحظات والساعات أن نعرف ما قد خالجه من أفكار او أحاسيس، وقد كانت ساعات صعبة اخترنا فيها تلاوة قصيدة حمزاوي المعبرة عن إيمانه العميق بمذهب التوحيد وبالتقمص:

“حلّقي يا نفس إن اسريت ليلاً

فوق أطلال الجدود..

واستريحي.

قبّلي الماضي بأرض النيل عني

وعن السر الدفين..

لا تبوحي

فأنا..

فرعون يحيا في قميصي

حمزاوياً همت في الدنيا بروحي.”

قصيدة طويلة حمزاوية، قد أصدر آهات خلال سماعها وقد تحركت يداه معلنة الرضا والتسليم بأمره تعالى، وغط من بعدها في غيبوبة مات بعدها بساعات قليلة، مودّعاً عائلة باكية وبلداً أحبه ما عاش. “فوداعاً يا والداً رعى ويا رجلاً سعى، يا فاضلاً ساعد ويا عاقلاً عاضد، يا كريماً أعطى بلا حساب ويا عارفاً للأصول والأنساب”. من رثائه لوالده من كتاب “بصمات من ذهب”،2009.

صدر للشاعر والأديب مجيد حسيسي:

1- كلمات متشرده، شعر : 1975

2- رواية القضية رقم 13 بالاشتراك مع الأديب فرحات فرحات: 1975

3- أبدية النار الباردة، شعر: 1980

4- وهج الأصوات النازفة، شعر 1990

5- محطات، مجموعة قصص قصيرة، 1991.

6- منك الثرى، شعر : 1997.

7- حيفا والمهاجر، شعر، 1999.

8- البديلة، قصه طويلة، 2004.

9- بصمات من ذهب، سيرة غيرية، 2009.

10- وطني على ظهري، شعر ، 2010.

11- عزف على جراح الصمت، شعر، 2014.

12- بيت القصيد مشرع، شعر، 2014. 13- جذور كرملية، شعر، 2019.

مقالات ذات صلة: