الموقع قيد التحديث!

المرحوم أبو يوئيل يوسف صلاح راجي نصرالدّين

Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

1942-2021

فجعت قرية دالية الكرمل والطائفة الدرزية والكثيرون من أبناء الطوائف الأخرى في البلاد وخارجها في العاشر من شهر أب الماضي برحيل السيد أبي يوئل يوسف نصر الدين أحد القادة السياسيين والاجتماعيين المعروفين ورجال الأعمال البارزين، الذي خلف وراءه اسرة كبيرة من أخوة وأبناء واحفاد وذكرى طيبة واسماً مشرقاً وارثا كبيرا من الأعمال المشرفة المشرقة لخدمة مجتمعه ودولته، وقد جرت مراسيم جنازته يوم الأربعاء الموافق 11/8/2021 في قريته في اجرٍ كبير مهيب

   ولد المرحوم يوسف نصرالدين في دالية الكرمل بتاريخ 25/12/1942 في بيت قيادي لوالده الشيخ أبو راجي صلاح نصرالدين أحد زعماء عائلة نصرالدين ودالية الكرمل. ومنذ نعومة أظفاره عاش ديوان والده العامر الذي قصده الناس من دالية الكرمل وعسفيا والجليل ولبنان وسوريا. ومنذ حداثته برزت صفاته القيادية والتي تجسّدت بالتطوع للحلقات الشبابية والعمل التطوّعي داخل المجتمع من خلال النوادي التي أُقيمت في سنوات الخمسين.

لم تكن في تلك الأيام مدارس ثانوية في منطقتنا فقرر الذهاب والتعلم في المدرسة الداخلية للزراعة “خضوري” في منطقة جبل تابور. وقد كان قراره هذا في تلك الفترة استثنائياً ونوعياً لأنه احتاج أن يعيش مع أبناء المجتمع اليهودي دون ان يعرف ثقافتهم ويجيد لغتهم العبرية. ولكن ورغم كل ذلك نجح في إنهاء الأكاديمية الثانوية للزراعة خضوري بامتياز، بعدها تطوع للخدمة العسكرية لمدة 3 سنين وقد حصل هناك على عدة شهادات امتياز وتفوق.

لقد كان المرحوم أبو يوئل يوسف من الرائدين بإدخال الصناعة للمجتمع الدرزي عن طريق ادخال مصانع النسيج “جيبور ” الى الكرمل والجليل وقد ادار مصنع “جيبور” في دالية الكرمل على مدار 10 سنوات حيث عمل به ما يقارب 300 عامل وعاملة. وفي عام 1980 اسس مركز يوسف نصرالدين الصناعي والتجاري والذي يستمر العمل فيه الى يومنا هذا ويعتبر من أكبر المراكز الاقتصادية في البلاد.

رزقه الله وزوجته أم يوئل سعدة نصرالدين أطال الله عمرها اربعة أبناء وبنات يوئل وكرمل وكرميلا وعنان تربوا على الحياة الاجتماعية الصالحة، والعمل على رزق الحلال، والتطوع داخل المجتمع، فشبّوا على ذلك واستمروا في دربه.

في العام 1975 أقام الحلقة الدرزية الصهيونية كنهج جديد في الطائفة الدرزية، وكان هدفها إيصال صوت المواطن الدرزي الذي يفي بجميع واجباته للمؤسسة الإسرائيلية من أجل تحصيل الحقوق لأبناء الطائفة الدرزية وخاصة في مواضيع التربية والتعليم والعمل والبناء، واستطاع الحصول من مؤسسات الدولة على ميزانيات خاصّة للطلاب الجامعيين الدروز، وتمكن أن يوزع على مدار 40 عاما 3500 منحة دراسية للطلاب الدروز مما ساعد الكثيرين على إيصال أبنائنا وبناتنا للتعليم العالي ومن ثم فتح أبواب العمل أمامهم. كما ويُعتبر الراحل أبو يوئل رائدا في الدفاع عن حقوق الطائفة الدرزية امام المؤسسة الإسرائيلية وذلك من خلال المظاهرات التي قام بتنظيمها منذ سنوات الثمانين في القدس.

كتاب عن مسيرة المرحوم ابو يوئل يوسف نصر الدين

في السنوات الأخيرة كان المرحوم من السبّاقين للتصدّي للقوانين الجائرة ضد ابناء الطائفة الدرزية خاصه قانون “كمينتس” وقانون “القومية ” فوقف ودافع بكل قواه ضد هذه القوانين عن طريق المظاهرات والندوات والاجتماعات التي أقامها مع المسؤولين في القدس.

حصل الراحل يوسف نصر الدين على ميدالية رئيس الدولة للتسامح عام 2001 ومدالية رئيس الدولة للتطوع عام 2015. وسُجل اسمه في الكتاب الذهبي للدولة.

رحمه الله وأبقاكم جميعاً.

من كلمة رثاء فضيلة الشيخ ابو حسن موفق طريف:

“بقلوبٍ محزونةٍ شجيّة، ونفوسٍ مطمئنّةٍ بحكم الله راضيةً مرضيّة، نجتمع اليوم لنشيّع جثمان رجلِ المجتمع المعروف، صاحب البصمة البيضاء وطيب الأثر الموصوف، فقيدنا الكريم الرّاحل أبا يوئل يوسف صلاح راجي نصرالدّين، مستذكرين أنّ الموت حقّ لا مفرّ منه، ومصيرٌ محتوم لا غنى لأحدٍ من البشر عنه.

انحدر راحلنا الكريم من عائلة نصر الدّين العريقة، ذات المكانة الدّينيّة والاجتماعيّة والسّياسيّة بين أبناء الطّائفة المعروفيّة، والّتي لها بصماتٌ إيجابيّةٌ كثيرةٌ في صفحات تاريخ الطّائفة الدّرزيّة في البلاد منذ سنين.

من هذه الدّوحة، شبّ فقيدنا الرّاحل مستقيًا عن سلفه الصّالح ما تربّى عليه من الأخلاقيّات التّوحيديّة الأصيلة، حاملًا فكرًا حداثيًّا في خدمة المجتمع وبناء الإنسان، ليسطع نجمه بعد ذلك في طور الشّباب، ويصبحَ واحدًا من أعلام الطّائفة التّوحيديّة، الّذين سخّرهم الله من أجل الخدمة الصّادقة للمجتمع، باذلًا خلال مناصبه الكثيرة جُلّ الإمكانات والطّاقات من أجل إعزاز أمر الطّائفة، وتثبيت مكانتها وإرثها الخاصّ فوق المنابر المحلّيّة منها والعالميّة.

خلال مسيرة عمره العريقة الّتي تأتي اليوم إلى خِتامها، مثّلَ راحلنا الكريم شخصيّة الدّرزيّ العصاميّ الحرّ الّذي يتعالى عن المصالح الشّخصيّة من أجل المصلحة العامّة، مقابلًا صعوبات الحياة ومقدّراتها بالعزيمة الصّادقة القويّة، والرؤيا الواضحة الّتي لا يقف أمامها أيّ شيء.

عاش فقيدنا الرّاحل أبو يوئيل وهو يحلمُ بأن يكون جزءًا لا يتجزّأ من هويّة هذه البلاد، مسطّرًا نجاحاتٍ كثيرةً وجليلةً في هذا السّياق، جعلته بلا شكّ واحدًا من صانعي الحلف الدّرزيّ اليهوديّ، ومن مؤسّسي هذه العلاقة المتينة بين الطّائفة الدّرزيّة ودولةِ إسرائيل.

إلى جانب هذا كلّه، نذكرُ ونشكرُ ما كان للرّاحل الكريم من أيادٍ بيضاء في دعم الشّباب الواعد وتعزيز دوره في صفوف المجتمع، إذ آمن دومًا أنّ مفتاح التّقدّم يكمن في دعم الشّباب وتعزيز ما في نفوسهم من هويّة وأمل، مستثمرًا بدعم تعليمهم الأكاديميّ العالي، وفاتحًا لهم أبواب المجتمع من أجل الانخراط التّام والمشاركة الاجتماعية الفعالة.

هذا، وقد جمعتنا مع الرّاحل الكريم وانجاله واخوانه وعائلة الكريمة علاقاتُ ودٍّ أخويّة كثيرة، إذ اعتدنا بين المدّة والأخرى على التّواصل والاجتماع، مستذكرين ما سلف من زياراته القديمة إلى بيت جدّي المرحوم سيّدنا الشّيخ أبي يوسف أمين طريف رحمه الله، متابعين ما وصلنا من أخبار نجاحاته، ومستمعين إلى خُططه المستقبليّة الكبيرة الّتي حال الموتُ بينه وبين تحقيقها، ولله في ذلك كلّ الإرادة والحكمة.

وإنّنا في هذا الموقف الحقّ نشهد، كما يشهد كلّ من تعرّف على فقيدنا الكريم خلال فترة حياته، أنّه كان الإنسان الشّجاع المتواضع الأمين، طيّب المعاملة، كريم اليد، فاتحًا بيته أمام كلّ قاصدٍ، وقور الحضور، صائب الرأي في النّظر إلى عواقب الأمور، عاشَ موفورًا صادقًا كريمًا، ورحل اليوم عنّا خالدًا أبدًا في الذّاكرة والقلوب.

رثاء الشيخ ابو صلاح رجا نصرالدين لأخيه يوسف:

بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم والحمد والشكر والثناء لله رب العالمين ولي النعمة وموليها، والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وبعد،

بالرضى والقبول بقضاء الله وقدره والإخلاص للتوكل والصبر للحكم والاستسلام لمشيئة الباري عز وجل ودّعنا في العاشر من شهر آب الماضي أخاً كريماً، شجاعاً، زعيماً وقائداً مقداماً وعلماً من أعلام مجتمعنا الزاهرين وركناً من أركان طائفتنا البارزين وعيناً من أعيان أهلنا الباذلين.

إن فقدان هذه الشخصية القيادية المميزة، أخي ابو يوئل يوسف، الذي استطاع بحنكته وتواضعه أن يربط ويقيم علاقات مع جميع أطياف المجتمع التوحيدي وغيره في البلاد وخارجها لهو فقد كبير ومصاب جلل للعائلة ولكل من عرفه ودار في فلكه، خصوصاً وأن أبا يوئل كرس جل حياته في خدمة المجتمع طيلة أكثر من خمسين عام، بالبذل والعطاء وحل المشاكل في شتى المجالات.

اهتممت بداية وأمنت بالعلم والتعليم ونجحت في أن توفر ما يقارب 4000 منحة دراسية لطلاب الجامعات في جميع القرى المعروفية بدون أي محاباة أو تمييز ومن ثم بالعيش المشترك فكنت الجسر الذي عمل جاداً ولم يدخر جهداً لتحصيل حقوق الطائفة من السلطات بدون هوادة، واستطعت أن تجمع وتقدم مساعدات وتحل مشاكل لا حصر لها دون أن تُخبر أحدا أو يعلم بها أقرب المقربين اليك، على حساب بيتك ووقتك وجيبك الخاص.   وانصب جل همّك على توحيد كلمة الطائفة وكنت المساند والداعم في تنظيم أمور الطائفة بعد رحيل سيدنا وشيخنا المفضال أبي يوسف امين (ر)، حيث كان لك الباع الطويل في تأسيس المجلس الديني الأعلى للطائفة الدرزية في البلاد، وقد كرست جل عملك واهتمامك على العلاقة بين الطائفة الكريمة والدولة حيث كان لك الباع الطويل في حل المشاكل على شتى أنواعها إذ تحول بيتك لمحج للقاصي والداني ولجميع أبناء المجتمع، وهناك الكثير الكثير من الأعمال التي قمت بها في البلاد وخارجها التي لا مجال لذكرها الأن، فيا أسفنا عليك، ويا طول شوقنا إليك، وما أحوجنا إليك. لقد أبقيت ثروة عظيمة لا تثمن ولا تقدر بمال الا وهي أبناؤك البررة يوئل وكرمل وعنان وكريمتك كرميلا وأحفاد وحفيدات الذين ربيتهم جميعاً على الفضيلة والتواضع والعطاء والكد والاجتهاد ومحبة ومساعدة الغير وخدمة المجتمع ومشاركة الناس في أفراحهم واتراحهم.

لقد نجحت بحكمتك وبأرائك السليمة السديدة وحنكتك بإيصال نجلك الغالي رئيسنا المحبوب ابي يوسف كرمل الى رئاسة مجلس القرية المحلي، وقدمت تضحيات لا تعد ولا تحصى من اجل المجتمع لوجه الله ودون انتظار أي مقابل، وهذا ليس بغريب عنك لأنك تربيت على الفضيلة والتواضع والعطاء في بيت والدنا المرحوم الشيخ أبو راجي صلاح نصرالدين، وبنيت صرحا اقتصادياً مثالياً قل نظيره على أعلى المستويات، بالكد والأمانة والصدق ودعم الغير ووفرت العيش الرغيد لأسرتك الكريمة التي اعتزت وافتخرت باسمك وبأعمالك، وكنت خير خلف لخير سلف وعنوانا للم الشمل وتوحيد الكلمة والمصالحة والوفاق، فكيف يصبح حالنا من بعد رحيلك المفاجئ يا أخي الكريم. فما علينا إلا الرضى والتسليم للمولى الكريم، ونسأله تعالى أن يسكنك فسيح جناته، ويلهمنا من بعدك الصبر والسلوان.

ونعاهدك يا أخي الراحل الكريم على المضي قدماً بمعية ابنائك البررة الغاليين وجميع أبناء العائلة الكريمة في الطريق الواضح الذي رسمته وسرت عليه بعزيمة وصدق وثبات، ونحن لك دائماً وأبداً مدينون، ولعطفك ومحبتك ذاكرون ولنحوك مشتاقون. إنا لله وإنا إليه راجعون.

المرحوم يوسف نصرالدين مع اخوانه امام صورة والدهم

من كلمة الرثاء التي القاها باسم العائلة نجل المرحوم السيد كرمل نصرالدين:

“بعيون دامعة وقلب يعتصره الحزن والألم نقف اليوم لنودع المأسوف على فراقه، المغفور له القائد الرمز والدنا المرحوم ابو يوئل يوسف صلاح نصرالدين والذي وافته المنية بعد صراع مع مرض عضال عن عمر ناهز الثامنة والسبعين عاما.
أبو يوئل الوالد الاب الذي ربى وارشد وسهر الليالي ووالدتنا ام يوئل اطال الله عمرها، كي ننجح ونحيا حياة سعيدة يغمرها الحب والحنان والحياة الأسرية الرائعة.

ابو يوئل الاخ الذي رأى بإخوانه الأجنحة التي يرفرف بها الى الأعالي فعايشهم كل مدة حياته بألفة، ومحبة، وأُخوة، واحترام.

ابو يوئل الصديق الذي برقت عيناه بدموع الفرح كلما التقى بأصدقائه، أحبّهم وعاشرهم ووثق بهم وساعدهم وطلب مساعدتهم، وفرح لفرحهم، وبكى لحزنهم، وبقي معهم على العهد إلى آخر رمق في نفسه.

ابو يوئل رجل المجتمع الذي واكب المجتمع الديلاوي والكرملي والدرزي بجليليه وجولانه، والعربي من الشمال والمثلث حتى النقب، والمجتمع الاسرائيلي والعالمي. وقام بجميع واجباته الاجتماعية بالأفراح والأتراح مشاركا الناس قضاياهم وهمومهم جاهزا لكل طلب وعمل من اجل اسعاد مجتمعه.

ابو يوئل رجل الاقتصاد الذي استطاع ان يبني صرحا اقتصاديا عظيما. بناه بريشة فنان بصورة نظامية كلاسيكية بإدارة وتخطيط وتنفيذ حديث، واضعا امام عينيه دفع الحق للجميع، والحفاظ على حقوق العمال.

ابو يوئل رجل السياسة والذي بنى خطا سياسيا فكريا مبنيا على فكرة “اليوم أنا وغدا أنت” واستطاع تجسيد هذا الفكر النوعي بخطى فعلية أهمّها الوصول لرئاسة المجلس المحلي دالية الكرمل وايصال العديد من الشخصيات لمناصب هامه في الكنيست والجيش والمؤسسات الحكومية.

ابو يوئل رجل الأيديولوجية، والذي رأى في الطائفة الدرزية في إسرائيل انها قسم من حياة الدولة، وعلى الدولة العمل لخرط أبنائها في جميع هيئاتها كشركاء في المصير، هذه الأيدولوجية انتجت جميع الحركات الفكرية التي أقامها وأهمّها الحركة الدرزية الصهيونية والتي كان هدفها الاول الربط بين ابناء الطائفة الدرزية وبين المؤسسة الإسرائيلية لكي يحصل ابناء الطائفة الدرزية على جميع حقوقهم.

ابو يوئل رجل العطاء والذي جاهد وحارب ووصل الى جميع أطراف العالم ليحصل على منح دراسية للطلاب الجامعيين الدروز. وقد استطاع خلال 40 عام ان يوزع منح دراسية على أكثر من 3500 طالب وطاله جامعين دروز.

واهم من كل ذلك، ابو يوئل الإنسان الشخص المتواضع، رفيع الذوق، حاد الفكر، كبير القلب، بشوش الوجه، كريم الخلق، سخي الكف، صريح العبارة. هذا أنت يا أبي وهذه مسيرة حياتك خلال 78 عام”.

المرحوم مع الأبناء يوئل، كرمل وعنان

مقالات ذات صلة:

الأخلاق في مذهب التوحيد

الجودة “أي الصلاح، في فلسفة المذهب، ليست وسيلة لغاية وحسب، وإنّها حالة عقليّة مستمرّة في تطوير الروح الإنسانيّة نحو الكمال.