الموقع قيد التحديث!

العثمانيون ومقتل علي الحجار – زعيم منطقة المطلّة

بقلم الشيخ أبو نعيم نسيب بدر
حرفيش
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

اشترى البارون روتشيلد في نهاية القرن التاسع عشر قرية المطلّة، إحدى قرى منطقة مرج عيون في ذلك الوقت، من مالكها جبّور بيك رزق الله من صيدا، وذلك في نطاق المخطّطات لقيام دولة إسرائيل، وكان زعيم وشيخ قرية المطلّة الشيخ أبو ذياب علي الحجار، وهو من زعماء الدروز المعروفين ومن أصحاب المكانة الرفيعة في منطقة وادي التيم وغيرها.

الشيخ نسيب جنبلاط

وكان قد سبق له ان قاد إحدى حركات العصيان المسلح ضد الدولة العثمانية، وتصدّى لإحدى حمالاتها، وقتل أفرادها، وشتّت شمل من تبقّى منها، فاضطُرت الدولة يومها إلى تعيين وجيه مرج عيون السيد ملحم راشد ليتوسّط بينها وبين الحجار ولكن دون جدوى، ومن بعدها توجّه العثمانيون إلى نسيب بيك جنبلاط لكي يتوسّط بينهم وبين علي الحجار فقبل وساطة الشيخ نسيب جنبلاط ووافق على الصلح لكن على مضض، علمًا منه أن الأتراك غير مخلصين. وكما قال المثل: “إذا كان خصمك قوي فصالحه لكي تتمكّن منه”.

وفي أحد الأيّام استدعاه قائم مقام جديدة مرج عيون رِفعت بابان بيك لغاية ما، وعند المساء توجّه عائدًا إلى قريته إلّا أنّ فرسه وصلت صباح اليوم التالي إلى المطلّة من دون فارسها، فهبّ رجال أهل المطلّة يبحثون عنه، حتّى عثروا عليه مقتولاً ومطروحاً قُرب نبع الحمام في مرج عيون.

قيل إنّ قائم مقام مرج عيون كان وراء مصرعه بواسطة كمين كان قد نصبه له، كما أُشيع أنّ أحد زعماء المنطقة كان يترصّد خطواته، إلّا أنّ مقتل الحجار ،ما زال حتّى الآن سرًّا مغلقًا لم يستطع أحد أن يكشف حقيقته، وكان البعض قد تكهّن بأن قتل الحجّار يسهّل نزوح الدروز  واقتلاعهم من قرية المطلّة، اتّهمت جماعة الحجار  أهل جديدة مرج عيون بقتله فذبحوا عساف الصغير على الفور قرب جسر الخردلي، وأخذوا يستعدّون للهجوم على الجديدة، وكما هو معروف أنّ بني معروف لا يبيتون على ثأر، ولا ينامون على ضيم، وكم  بالحري إن كان قتيلهم شخصيّة مرموقة مثل شخصية علي الحجّار.

من المعروف أن الهجوم على جديدة مرج عيون أمر سهل عسكرياً لطبيعة بيوتها العامرة وأهلها المسالمون الذين يتنافسون على جمع الأموال ولا يخبؤون البنادق في مخادعهم لذلك لجأ اهل جديدة إلى المراجع المسئولة وتوجّه بعض وجهائهم إلى بيروت حيث قابلوا رضا بيك الصلح وطلبوا مساعدته فأبى. وقال لهم: ” اقلعوا شوككم بأياديكم” وذكر رضا بيك أهالي جديدة بحادثة خان الزهارية عندما فكّ صاحب الخان حماراً لرجل من صيدا وربط مكانه فرسًا لرجل من جديدة ونشأ خلاف بين الرجليْن وهاجم أهل صيدا أهل الجديدة وأهانوهم، فقدّم هؤلاء شكاوى قاسية اللهجة إلى قائم مقام والي بيروت.

كان رضا بيك الصلح يومئذٍ يشغل وظيفة حسّاسة في مركز ولاية بيروت، وأراد بحكم وظيفته أن يتوسّط بين أهالي صيدا وأهالي جديدة فرفضوا وساطته قائلين: “بأن صيدا ما بتعطي ريق حلو” وعلم رضا بيك الصلح بأنهم رفضوا وساطته بقضيّة مقتل علي الحجّار .

في ذلك الزمن كانت عليا فرنسيس قد شقّت طريقها لتصبح من أسياد المواقف في المنطقة، واشتهرت بالفروسية والذكاء والشجاعة، وشعرت بأنّ الجو ملائم لقيام تبرئة أهل جديدة مرج عيون من دم علي الحجار، وانتخبت وفدًا من وجهاء المسيحيين في المنطقة، وذهبت إلى بيروت وقصدت رضا بيك الصلح فرحّب رضا بيك بعليا فرنسيس أجمل ترحيب، وطيّب خاطرها وخواطر صحبها وقال في مستهلّ كلامه: “كرمال عين تكرم مرج عيون” ومن هنا بدأ هذا المثل.

وكان رضا بيك قد ذهب إلى مرج عيون لكي يحقّق في جريمة مقتل الحجار وكشف ملابساتها وبعدها رفع تقريراً يبرّئ ساحة المسيحيين ويلقي تبعة القتل على عاتق القائم مقام المذكور بابان، وذهب دمّ علي الحجار هدرًا وما تبقّى لعلي الحجار من قرية المطلة وواديها الدردارة إلاّ شلّالها الذي بقي على اسمه (شلال علي الحجار) لأن فرسه قفزت من فوقه.

مقالات ذات صلة:

الثقوب السوداء

لثقوب السوداء (Black Holes) أو الثقب الأسود هي مساحة فضائية كبيرة ذات مبنى جاذبية ثقيل لدرجة أن أي شيء حتى