الموقع قيد التحديث!

الطبيعة وما بعدها… الوجود المادي وغير المادي

بقلم د. جبر أبو ركن
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

التقى ذات يوم بعض الشباب الصغار، ودار بينهم حديث وحوار حول قضايا دينية وفلسفية، منها عن الخليقة والخالق وماهية الله تعالى… وسأل بعضهم بعضا: هل الله موجود؟ من منكم رأى أو سمع أو لمس الله؟ هل ندركه بالحواس أم بالعقل، أم بطريقة معرفة أخرى غير طبيعية… روحانية أو فلسفية…؟ وعندما لم يجد أي منهم جوابا شافيا ومقنعا من بين المجموعة، اقترح عليهم أحدهم أن يبحثوا ويسألوا أهلهم وغيرهم عن ماهية وجود الله… وقد أرشدهم رجل مسن شاهد حيرتهم  هنالك رجل حكيم في البلدة يعيش في بيت منعزل على قمة الجبل… ربما يفيدكم من علمه ومعرفته إذا أردتم التوجّه إليه بالسؤال… وصل الشباب لبيت الشيخ الحكيم وطرحوا عليه السؤال وقال أحدهم: لم نسمع جوابا كافيا ومقنعا من أهل البلدة وغيرهم…. هل بإمكانك مساعدتنا في معرفة ماهية الله… إذا موجود أم لا؟ وإذا موجود أين هو؟ وكيف يمكن معرفته؟ قال الحكيم: أهلا بكم… من الطبيعي أن يسأل الشباب الصغار مثلكم هذه الأسئلة من أجل حب المعرفة والاستطلاع والثقافة والوعي… نعم عندي جواب لمطلبكم… ولكن ليس الآن… بإمكاني الإجابة على هذا السؤال يوم غد صباحا بجانب شاطئ البحر في مكان خالٍ من الناس… ضحك الشبان وزاد طموحهم وقالوا: نعم نريد أن نسمع جوابا منك حتى بجانب البحر أو أي مكان آخر تقول عنه. وصل الشبان صباح اليوم التالي إلى شاطئ البحر وكان الحكيم قد وصل قبلهم إلى المكان وحفر حفرة في الرمل بعيدة عدة أمتار عن الماء ويحمل بيده تنكة يملأها من ماء البحر ويصب الماء في الحفرة التي حفرها… كأنه يلعب مثل الأولاد… ضحك الشبان منه… قال لهم: بعد دقائق معدودة أقول لكم الجواب لسؤال الأمس عن الله تعالى… استمرّ ذهابا وإيابا بين البحر والحفرة والتنكة بيده يملأها من البحر ويفرغها في الحفرة… وهكذا عدة مرّات حتى توقف وقال: هل بإمكاني أو أي إنسان آخر تفريغ البحر وحصره في هذه الحفرة…؟ قال الشبان بصوت واحد: كلا… هذا مستحيل.

قال الحكيم: الله تعالى بمثابة البحر الواسع (ليس كمثله شيء… ولكن من أجل الإدراك والفهم) لا يمكن حصره في الحفرة الصغيرة التي هي بمثابة العقل البشري… عقل كل واحد منكم… وكل إنسان في العالم… لذلك لا يمكن إدراك الله تعالى بواسطة وسائل المعرفة الطبيعية والمادية والوجود الإلهي هو وجود متعالٍ عن المادة والحواس، وهو الوجود الحق والأبدي والروحاني وهو مصدر كل أنواع ودرجات الوجود في الكون… ومظاهر الله لا تعدّ ولا تحصى وهي البراهين والأدلة لذلك الوجود المادي والطبيعي هو أحد أنواع ودرجات الوجود في الكون وهو أسفل درجات سلم الوجود… الوجود الإلهي والروحاني هو أساس ومصدر كل شيء في العالم السفلي والعلوي وحياة المخلوقات كلها في مسيرة طويلة جدا بين تلك العوالم… بدايتها في العالم العلوي مرورا في العالم السفلي ونهايتها في العالم العلوي على مرّ العصور والدهور مرارا وتكرارا إلى ما شاء الله… واستمرّ لقاء الشباب الصغار مع الشيخ الحكيم في بيته أو في مكان آخر في الطبيعة الواسعة وزادهم معرفة وعلما في شتى المواضيع وخاصة مظاهر الله تعالى في العالم والطبيعة والأحياء والمخلوقات والعلوم الروحانية والكونية والفلسفية.

مقالات ذات صلة:

شعر: كل عِلّه إلها سبب

انعرف السّبب بطل العجبْشمس الدّني ما تنحجبْالقمر اختفى الرّيح اكتأبْالجوّ انعكر الفكر انقلبْصوتو حزين بصوتو ندبْيا سامعين لوين الهربْنتفة يقين