الموقع قيد التحديث!

الشيخ أبو وسيم أمين كنعان

بقلم المرحوم الشيخ سميح ناطور
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

ذُهلت الطائفة الدرزية، والمجتمع الجليلي، في أواخر عام 2009، عند سماع خبر مقتل سيدة شريفة من قرية يركا، من قِبل زوجها، في لحظة لا يعرف إلاّ الله متى وكيف ولماذا وقعت. وكانت هذه السيدة، أم أمير منار، ابنة الشيخ الوجيه المعروف، أبو وسيم أمين كتعان، الذي يتمتع بحضور ووجود وموقع بارز في المجتمع العربي ككل وفي الطائفة الدرزية وفي الأوساط اليهودية القريبة. وقد توجّس الكثيرون حدوث قلاقل وأحداث نتيجة هذا العمل إلا أن الشيخ أبا وسيم وقف بقامته الفارعة  مكللا بعمامته الناصعة البياض ومجللا بالتقوى والدين والوقار معلنا أنه مع شديد أسفه على رحيل ابنته بهذا الشكل إلا أن لا حقد في قلبه ولا ضغينة في نفسه ولا يوجد أي مخطط أمامه وأنه يتقيّد بالقانون وبالأعراف المتّبعة معتبِرا أن الحدث هو قضاء ربانيّ  وعلى القانون أن يأخذ مجراه فقط وفاجأ الحضور بأن طلب من والد القاتل أن يقف إلى جانبه في كل مراسيم التشييع والجنازة والدفن وقد تنفّس المجتمع الدرزي في تلك الفترة الصعداء وافتخر ورفع رأسه بتصرّفات وأعمال الشيخ أبي وسيم الذي أعطى درسا ناصع البياض في الأخلاقيات وفي التجاوز وفي التسامح والتقيّد بالقانون. وأعلن الشيخ أبو وسيم أنه سيحتضن حفيديه اليتيميْن أمير وإيان إلى الأبد وسيعمل كل جهده على تنشئتهما النشأة الصالحة ورعايتهما حتى يبلغا ويصبحا من أركان المجتمع. كما أعلن في نفس الموقف والد القاتل أن السيدة منار شريفة نقية طاهرة فاضلة قامت بكل واجباتها البيتية وأن الحدث هو هوس فجائي وعمل شيطانيّ ولا يتعلّق بتصرفات وسلوك المرحومة.

وفي هذه الأيام مرّت حوالي عشر سنوات على الحدث وقد شهدنا ورأينا وزدنا فخرا بأعمال ونشاطات الشيخ ابي وسيم الذي اتّخذ من هذا الحدث وسيلة لمواساة كل عائلة صُدمت بواقع أليم مشابه فتنقّل في القرى العربية واليهودية وشارك في الجنازات وواسى وخفّف وشارك أهالي الضحايا مصابهم مبرهنا لهم أن الوقع أليم جدا والمصيبة كبيرة لكن هناك حياة بعد ذلك ويجب أن تستمر. وكان آخر مشهد برز فيه الشيخ أبو وسيم بعمله هذا هو مشاركته لأهل الطالبة الجامعية المرحومة آية مصاروة التي قُتلت في استراليا فحضر جنازتها في باقة الغربية ووقف معبِّرا عن تضامنه مع حزن الأسرة مخفِّفا عنها عبء الحدث ذاكرا أن هذه الأمور تحدث ويجب ألاّ تتوقف الحياة عندها.

هذه الأمور ليست غريبة عن الشيخ أبي وسيم الذي اكتسب ثقة الجماهير واعتُبر واحدا من لجنة الصلح في الوسط العربي حيث يشارك تطوّعا ويسارع عند سماعه وقوع أي حدث لتهدئة الأمور ولإعلان الهدنة ولصدّ كل محاولات الانتقام والسعي لعقد الصلح وإعادة الحياة إلى مجاريها. وهو بالإضافة إلى ذلك مأذون شرعيّ مؤهّل من قِبل وزارة الداخلية يقوم بدوره في الأمور الدينية في الطائفة الدرزية في الأفراح والجنازات وغير ذلك مما توجبه هذه الوظيفة. وكان الشيخ قد تسرّح من مصلحة السجون حيث خدم كضابط تحمّل مسئولية كبيرة وقام بواجباته وحصل على شهادات تقدير منهيا خدمته بدرجة راف كلاي أي ما يوازي درجة رائد في الجيش. وقد تقاعد عام 2004 بعد خدمة 25 سنة في مصلحة السجون وحرس الحدود.

ينتمي الشيخ أبو وسيم إلى عائلة عريقة في البلاد وفي سوريا ولبنان هي عائلة كنعان وهذه العائلة منحدرة من عائلة أبي راس في جبل الدروز حيث يتوارث الأهل هنا القول إن أخوين قدما قبل مئات السنين من جبل الدروز وسكنا في قرية يركا هما: كنعان وشحادة وقد كوّن كل واحد منهما عائلة لها حضور ووجود في المجتمع اليوم. وعندما بحثنا عن عائلة ابي راس في ملفاتنا وجدنا أن العائلة هي من العائلات الرائدة في جبل الدروز .

مع رئيس الدولة المرحوم شمعون بيرس
مع الحاخام الأكبر دافيد لاو
مع الوزير إسحاق هرتسوغ

مع رئيس الدولة المرحوم شمعون بيرس وُلد الشيخ أبو وسيم في قرية يركا عام 1957 وتعلّم في مدرستها الابتدائية وفي المدرسة الثانوية الشاملة والتحق بالخدمة العسكرية في حرس الحدود وهو متزوّج ورُزق ثلاثة أولاد يخدمون في الأذرع الأمنية منهم ضابطان، ورُزق بثلاث بنات جامعيات وقد انحدر من بيت متديّن عريق حيث كان والده المرحوم الشيخ أبو أمين توفيق كنعان من رجال الدين في القرية وقد توفي عام 1999. وهو متدين منذ زمن طويل وبدأ مشاركته في لجان الصلح مؤمنا أن الإنسان هو أخو الإنسان والرب هو واحد وتربطه علاقات صداقة وأخوة مع شخصيات من جميع الطوائف من أقصى الشمال إلى اٌقصى الجنوب وهو يتنقل من مكان إلى آخر يلقي المحاضرات ويدعو إلى التسامح ونبذ العنف وقد دُعي إلى الكنيست لإلقاء محاضرة هناك أمام عضوات وأعضاء من جميع الأحزاب وهو نشيط في كل المؤتمرات والاجتماعات التي تدعو إلى نبذ العنف وقد دعي من قِبل منظمة فيتسو لإلقاء محاضرات أمام الوفود التي تأتي من خارج البلاد حيث يشرح لها الأوضاع الاجتماعية في قرانا وأساليب الصلح وتهدئة الأمور في لجان الصلح التي تقوم غالبا بحسم كل تطور بعد أي حدث داعمة الشرطة والجهاز القضائي. وتتلخّص فلسفته في الحياة بالمقولة التالية: “كلمة عنف مكوّنة من ثلاثة أحرف، العين عداوة، النون نزاع، الفاء فراق. بينما كلمة تسامح مكوّمة من خمسة أحرف: التاء تقوى، السين سلام، الألف إيمان، الميم محبة، الحاء حوار وحرية.” والشيخ ابو وسيم شخصية معتَبرة في المجتمع يدعى إلى كافة المناسبات وله صداقات مع قادة الدولة والشخصيات الدينية والزعماء البارزين فيها..

مقالات ذات صلة:

إشعال شمعة أفضل من لعن الظلام

الحالة الأولى الصحة والمرض:  مجموعة بشرية عاشت أجيالا لا تعاني من الأمراض والآلام بدون معرفة صحية وطبية لمعالجة تلك الأمراض

تذكّر دورك جيّدًا أيّها الإنسان

الإنسان أفضل وأرقى المخلوقات فكان الهدف من وجوده تنفيذ الطّاعة والعبادة للواحد المعبود وتجنّب المعصية التي عاقِبتها العقاب يوم الحساب،