الموقع قيد التحديث!

الحكم العشائري في جبل الدروز

بقلم الدكتور عبد الله النجار
عن كتابه بنو معروف في جبل حوران 1924
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

يوجد الحكم العشائري حيث تستدعي الحاجة وجوده في بلاد خلت من الحكم النظامي كجبل حوران. ويظل هذا الحكم حسنا مقبولا إلى أن يبسط النظام افياؤه عليه ويملّه الناس أو لوجود نظام خير منه. ويبدو لي أن بينه وبين السُّنّة الدينية تشابها من حيث سدّ الفراغ الاجتماعي وثلماته. فطالما كان الدين الضابط الأخلاقي والاجتماعي. وإذا توسّعنا نقول العنصري والصحي، ولا سيما في الشعوب المنحطّة حتى ارتقت وتمدّنت فرجع إلى حدوده الروحية. خذ لك مثالا على ذلك العرب في الجاهلية وقد جاءهم الإسلام مهذِّبا. ثم أنظر كيف حمل العلم والتمدن بعد ذلك جانبا عظيما من تبعة الدين وأثقاله لضبط الشعوب.

هكذا قل عن نظام العشائر فإنه حاضن الأقوام في طفولتها أو بداوتها، وشادّ أواصرها وساهر على حقوق أفرادها ربأ الشمل أن يتفرق وبالحفاظ أن يُخرق، وهو ككل شيء يصبح مملولا مكروها متى وجد ما هو أفضل منه. لأنه يصبح ناقصا بعد كماله النسبي وفاسدا بعد صلاحه القياسي. وله حسنات ويا لها من حسنات. وهو والد القانون الأبرّ وسلفه الفطريّ النزيه الذي تنزل على أحكامه القلوب راضية قانعة. والذي ربّى بنيه حتى ترعرعوا ودخلوا مدرسة النظام المدني. فكان شأنه شأن ذلك الريفي الساذج الذي تعلّم بنوه وتفقّهوا فتنكّروا له وتنكّر لهم بعد أن كانوا طائعين له مستسلمين أحكامه.

ينتهي عمل النظام العشائري عندما يبتدئ النظام المدني. وهذا الذي كان في جبل الدروز. على أن للأول أبناء بررة نشبّههم بحزب المحافظين في المجالس النيابية. فهم لا يستسهلون تركه والصدوف عنه ولا يستعملون الورد من غير مائه.ومن الخرق أن يحاول تحويلهم فجأة عن مذهبهم فيه. لأن في النفوس ميلا إلى القديم وتأثّرا به. وحسن هذا التمسك إذا لك يغالَ به لأنه يزيل بين القديم والجديد فترة الفوضى والضلال والتنكّر.

فعند العشائر التوسّط. وذلك أنه إذا وقع خصام بين عشيرتين فتتوسّط عشيرة ثالثة كبيرة لإصلاح ذات البين. فيُجلى أولا القاتل أو القتلى ريثما تتمكّن العشيرة المتوسطة من تسكين الخواطر. وإذا لم ينجُ القاتل بنفسه فمباح هدر دمه قبل الصلح. ثم تنظر العشيرة المتوسّطة ووجهاء العشيرتين في القضية وتقرر الديّة وقد تتنازل عنها عشيرة المقتول بعد تقريرها. عند ذلك تُعقد الرايات البيض ويشهد عاقدها “الزعيم المصلح” جميع الحاضرين والغائبين على الصلح ويحرّم الأخذ بالثأر على أهل القتيل الحاضرين والغائبين والذين لم يولدوا بعد. يشهد الناس لكي يعينوه على أهل القتيل إذا خرقوا العهد. وإذا كان القتلى من الطرفين يقرر فرق الديات ويعطى للعشيرة الخاسرة وكثيرا ما ترفض العشيرة الدية ولكنها لا ترفضها إلا بعد تقريرها.

في حادثة من هذا النوع طلب والد القتيل مئة ناقة وخمسين شاة وعشرة أباعر وثلاثة أفراس قائلا إنه لا يطلب إلا زهيدا مراعاة للحال. وكان القاتل فقيرا لا يملك شروى نقير وكان أحد الولاة حاضرا فأخذه العجب. فسكّن روعه الزعيم المصلح وقال تريّث. ثم التفت إلى والد القتيل وله له: “لك ذلك ولكن تنازل عن مائة ناقة إكراما لخاطر الوالي. قال-قد تنازلت.

وعن الخمسين شاه إكراما لهذه الذقن. قال: تنازلت

وعن الأباعر والأفراس إكراما لوجه الحاضرين. قال: تنازلت فانصرف الوالي مشدوها وعند العشائر “الوجه” ومنه وهو نوع من اللجوء والاحتماء ومثله التشهيد وهو أن يعرِّف الضيف الناس أنه متوجّه إلى مضيفه فالمضيف في تينك الحاليْن مضطر إلى الدفاع عن ضيفه. وحمايته إلى أن تنتهي ضيافته. n

مقالات ذات صلة:

حول الأضحى المبارك..

قال بعض الحكماء: الآداب والفضائل الإنسانية ثلاث: حق وواجب وتضحية، الحق ما هو لك، والواجب ما هو عليك، والتضحية أن

نشاطات طائفيّة – العدد 157

حطّين تستقبل وافديها في زيارة مختصرةٍ لمقام سيّدنا النّبي شعيب عليه السّلام احتفل أبناء طائفة الموحّدين الدّروز بحلول موعد الزّيارة