الموقع قيد التحديث!

التضحية اهم الأسس في العمل السياسي

بقلم عضو الكنيست السابق امل نصر الدين
رئيس مؤسسة الشهيد الدرزي والكلية قبل العسكرية
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

إن قيمة التضحية والعطاء في سبيل المجتمع والآخرين، تعني أن نكون أصحاب رسالة سامية وأن يبذل المرء ما يستطيع من الجهد والمال والنفس والوقت مرضاة لله تعالى قبل كل شيء، وخدمة لمجتمعه وللإنسانية من بعده، وانطلاقًا من هذا الإيمان والإدراك والفهم بذلتُ ما استطعت من جهود لخدمة دولتي وطائفتي مكرِّسًا كلّ طاقاتي ونفوذي في هذا المضمار وخصوصًا كلّ ما يتعلّق بدفع مصالح وشؤون طائفتي وأبنائها قُدُمًا وإلى الأمام.
لقد انتُخبت في سنة 1960 رئيسًا لقسم الجنود المسرّحين الدروز في اللجنة التنفيذيّة التابعة للهستدروت، وعضوًا في اللجنة التنفيذية أيضا. وفي تلك السنة تواجد موظفان درزيان فقط في الدوائر الحكومية، الأستاذ سلمان فلاح، المسؤول عن التعليم الدرزي، وأيضًا الأستاذ كمال منصور مسؤول الإعلام في مكتب رئيس الحكومة آنذاك، بالإضافة إلى بعض المعلّمين من مختلف القرى في الكرمل والجليل. ونجحتُ في سنة 1961 بدعم ومساندة أبا حوشي، رئيس بلدية حيفا، والسيد ين يوسف ألموغي، وأمنون لين ممثّل مجلس العمّال في مدينة حيفا ومساعد القسم العربي في حزب ماباي الحاكم في التوصل الى اتفاق يقضي بتوظيف جنود دروز مسرّحين للعمل في ميناء حيفا وفي سلطة القطارات في إسرائيل ومصنع آتا ومصنع الورق في الخضيرة. وافتتحت مكاتب للتأمين الوطنيّ وللبريد في قريتي دالية الكرمل وعسفيا.
لم يتوقف نشاطي في حينه عند ذلك الحد، ففي العام 1963 ساهمت في إقامة مجلس عمّال، وقد كان المجلس العربي والدرزي الثاني في البلاد بعد مجلس عمال مدينة الناصرة الذي سبقه. ثمّ انتخبتُ له لجانًا مختلفة وأدارتها بنجاح، حيث أبرمت اتّفاقات مع المجالس المحليّة للحصول على الحقوق والشروط الاجتماعيّة للعمال فيها، كما وطالبت من السيد حبوشي، مدير مكتب العمّال، تشغيل كبار السن من قريتي دالية الكرمل وعسفيا في أعمال بسيطة (داحاك)، وأستجبت لمطلب مزارعي القريتين وتمكنت من الحصول على موافقة ومصادقة من مكتب الزراعة في الناصرة تقضي بتزويد كميّات من مياه الري للمزارعين في دالية الكرمل وعسفيا، وأيضا بتزود سلطات محلية بمياه الشرب.
وفي العام 1963 زار البلاد السيد بردكو، ممثّل الهستدروت في مدينة نيويورك في الولايات المتّحدة، ودعوته لتناول طعام العشاء على مائدتي، وطلبت منه أن يساعدني في تمويل مشروع لبناء عيادة لصندوق المرضى، فلبى الدعوة وقام بتجنيد مبلغ 100،000 دولار حيث تمّ تحويل هذا المبلغ بناءً على طلبي الى قسم المالية التابع للجنة التنفيذية في الهستدروت، ثم اهتممت بإعداد خطة بناء وحصلت على قطعة أرض من دائرة أراضي إسرائيل في قرية عسفيا وأقمنا مبنى لصندوق المرضى عليها. أما في قرية دالية الكرمل فقد اسـتأجرنا مكاناً لهذا الغرض لدى السيد عادل حلبي ليكون عيادة لصندوق المرضى لخدمة السكان. وعندما انتُخبت للكنيست أدخلت للمجتمع الدرزي عيادات تابعة لصندوق المرضى القومي بمساندة وزير الصحة شوستاك في حينه. وفي إطار السعي الحثيث، لتوفير الخدمات اللازمة لتسيير أمور السكان وراحتهم، عالجت مسألة إدخال فرع للبنك العربي الى دالية الكرمل والذي حولته لاحقاً لبنك لئومي هذا بالإضافة الى افتتاح فرعين لبنك هبوعليم في عسفيا ودالية الكرمل، وقد كان لي دور في قبول الموظفين وتعيين المدراء في كافة هذه البنوك.
ونجحت في العام 1968 في إقناع السيد دوف لوتمان ممثّل شركة “جيبور” لإقامة مخيطة في قرية دالية الكرمل، وانتخبت السيد يوسف نصر الدين ليكون مديرا لها، ومخيطتين أخرتين في قريتي يركا والجش، وجندت أيضاً عمّالا من مناطق المثلث والجولان للعمل في مصانع جبيور في كفار سابا وكريات شموني.
قدّمت في نفس السنة طلبًا للجنة الهستدروت ولحزب ماباي لفصل الدروز والشركس عن الأقسام العربية في الحكومةّ والهستدروت لكن طلبي لم يقع على أذان صاغية وقوبل بالرفض لتجنب سخط وغضب العرب وأعضاء الكنيست العرب، فاقترحوا عليّ أن يزيدوا المخصّصات للدروز ويحسّنوا الأوضاع الدرزيّة ضمن الأقسام العربيّة، مما دفعني الى الاستقالة من جميع وظائفي التي كنتُ أشغلها مثل رئيس قسم الجنود المسرّحين وسكرتير مجلس العمال في عسفيا ودالية الكرمل والى تعليق عضويتي في حزب ماباي الحاكم. وأبلغت رئيس اللجنة يغئال الون التي ناقشت طلبي بأنه يفضل الكم على الكيف وبأن هذا القرار يجحف الدروز والشركس. وفي اليوم التالي عقدت مؤتمرًا صحفيًّا عرضت فيه أمام الصحفيين، الفرق القائم بين الجنود الدروز والجنود اليهود وضربت مثلا على ذلك قرية ساجور الدرزية المجاورة لقرية شجور اليهوديّة والمشابهة لها أيضا في الاسم، وكيف أن الدجاج والأبقار تبيت هناك وهي تنعم بإضاءة مصابيح شركة الكهرباء وترتوي من مياه شركة مكوروت بينما يبيت الجنود والضباط في القرية الدرزيّة في الظلام الدامس ونساؤهم تنقل المياه على رؤوسهن من أماكن بعيدة. وأضفت أنه عندما يلتقي وزراء ماباي بالدروز لطالما يتحدثون عن وحدة المصير ويغدقوهم بكلام معسول لا رصيد له على أرض الواقع.
نُشرت هذه الأقوال في اليوم التالي في جميع صحفتي معاريف ويديعوت أحرونوت، وقد قرأ المقال السيد مناحيم بيجن، رئيس حزب المعارضة، وقرّر دعوتي للقائه، فأرسل إليّ مساعده السيد إيتان ليفني ليدعوني إليه لتل أبيب، وعندما وصلت لمقرّ حزب المعارضة في تل أبيب استقبلني السيد مناحيم بيجن الذي أقنعني بالانضمام إليه ووعدني أنه عندما سيجلس على سدّة الحكم سيمنح الدروز حقوقهم، فانتسبتُ لحزب حيروت سنة 1972.
إن مسألة التضحية والعطاء لصالح المجتمعات يجب أن تقف على رأس سلّم كلّ قياديّ وفرد في كلّ مكان، فالشعوب لا ترقى دون ذلك، والمرء لا يقاس إلّا بصالح أعماله وبتضحيته من أجل الأخرين.

مقالات ذات صلة:

ألف سنة من الروحانيات

بالرغم من أن دعوة التوحيد الدرزية، جوبهت بعد نشرها بحروب ومحن، وبالرغم من أن الطائفة الدرزية، عانت خلال ألف سنة،

الانتخابات للكنيست الـ21

التهبت في القرى الدرزية في إسرائيل الأحداث والتحضيرات والمعارك الانتخابية بين المرشحين والأحزاب المختلفة في البلاد، مثلما التهبت وتأججت واستعرت