الموقع قيد التحديث!

الإصابة بالعين

بقلم د. منير عطا الله – يركا
عن موسوعة: “العقل البشري وقدرات جسم الإنسان”
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

الإصابة بالعين (Evil Eye) هي عمليّة الحسد بواسطة العين، وجلب الأذى للآخرين، وإزالة النعمة عنهم، وإلحاق الضرر بطريقة غير منظورة بواسطة إرسال موجات كهربائيّة مغناطيسيّة شرّيرة، تسري من عين الحاسد وتصل إلى المحسود عن طريق روح شرّيرة، أو بواسطة أشياء أخرى لم تُفسَّر بعد. ويُعتقد أن هناك نوعيْن من الإصابة بالعين: النوع المقصود، وفيه يستغرب الحاسد نجاح وتقدُّم وترقّي المحسود، فيعزّ عليه ذلك بنقص في ذاته، أو لضعف لديه، أو لشعوره بالتقصير، فيكاد ينفجر غضبًا، ولا يعجبه هذا الوضع، ويعبّر عن سخطه بواسطة الإصابة بالعين. وهناك أشخاص من هذا القبيل يملكون قدرة سحريّة فائقة في عيونهم، تستطيع أن تسبِّب أضرارًا كثيرة للذي يركّزون عليه، حتّى يمكنهم كسر حجر، أو تعطيل سيّارة، أو إيقاف، أو أي عمل كبير بواسطة الموجات القويّة الصادرة عن عيونهم.

أمّا النوع الآخر فهو الشائع عادة، والمتواجد بكثرة في المجتمع، وهو الإصابة بالعين غير المقصودة، حيث إنّ إنسانًا ما يبتهج لحركات طفل أو لجمال امرأة أو لأيّ نجاح آخر فيسعده ذلك ويفرح مع الشخص، وكأنّه يستغرب هذا التطوّر، فتنتج عن ذلك إصابة غير مقصودة بالعين تؤدّي إلى ضعف وخمول للشخص المصاب. وكثيرًا ما يبتهج الآباء لأبنائهم أو صغارهم بقول ما أو بتصرُّف جديد، فيشعرون بالسعادة والغبطة، وتكون النتيجة أن أصابوا عزيزهم بالعين دون أن يقصدوا ذلك.

وعمليّة الإصابة بالعين موجودة في كلّ النفوس وفي كلّ الشعوب، وهي ظاهرة تاريخيّة معروفة وُجدت عند الفراعنة والإغريق والرومان والفرس وغيرهم، وهي موجودة في العالم الإسلامي والعربي، وما زالت منتشرة حتّى اليوم، لكن مع كثرة وجودها لم يتمّ التحقيق والبحث فيها علمياًّ لكي يتمّ تحليلها والتعرُّف عليها وفكّ أسرارها. إلّا أن المجتمعات المختلفة استطاعت مع الوقت أن تجد الحلول للإصابة بالعين بواسطة الأحجبة والرقية والخرز الأزرق وحذوة الحصان وكفّ الخمسة وتلاوات آيات ونصوص دينيّة مختلفة. وقد تطوّرت مع الوقت الرقوات والوسائل التي تخفِّف من ظاهرة الإصابة بالعين وهي منتشرة بشكل كبير، كل ذلك بالرغم من أنك قد تجد بعض المثقّفين أو المدّعين الذين يقولون إنّهم لا يؤمنون بهذه الخرافات.

وورد في الموسوعة الحرّة الشرح التالي: “عين الحسد أو عين الشيطان (بالإنجليزية: Evil Eye) وهي عبارة عن نظرة حاسدة تؤمن بها العديد من الثقافات، وبقدرتها على التسبُّب بالإصابات أو جلب الحظّ السيّئ للشخص الموجّهة إليه هذهِ النظرة لأسباب عديدة قد تكون حسدًا أو كراهية. ويشير هذا المصطلح أيضًا، إلى قوّة تصدر من أشخاص معيّنين تؤدّي لإصابة آخرين بالعمد، والتسبُّب لهم بسوء الحظّ عن طريق نظرة الحسد أو تمنّي قلّة الحظّ. والعين الحسودة عادةً ما تُعْطِى وتؤثِّر في الأشخاص بدون علمهم بها. وتُعرف في الّلغة الفارسيّة ب (الإصابة بسبب العين) أو بِ “شزم الي باد” (العين السيِّئة) أمّا في اللّغة التركيّة تعرف بـ “نزار” وهي كلمة مشتقّة من الكلمة العربيّة (نظر) وفي أفغانستان بـ “تشاتشيم مورا” أمّا في اليونانيّة “توماتي” و”مالديخو” بالإسبانيّة و”مالوكيو” بالإيطاليّة ّ في مجتمع الهاواي فتُعرف بـ “العين النتنة،”

وقد أدّت هذه الاعتقادات العديدة إلى اتّخاذ الثقافات لإجراءات وقائيّة ضدّه. ويختلف هذا المفهوم وأهمّيته على نطاق واسع بين مختلف الثقافات، وعلى رأسها الشرق الأوسط، وقد ظهرت هذه الفكرة مرّات عديدة في تراجم من العهد القديم. فقد كان هذا الاعتقاد ممتدًّا على نطاق واسع بين العديد من قبائل البحر الأبيض المتوسط وآسيا وثقافاتهم، وتُعتبر التعاويذ والأعين المزيّنة بالزخارف مشهدًا مألوفًا في جميع أنحاء اليونان وتركيا، وقد أصبحت خيارًا شائعًا كهدايا تذكاريّة يقتنيها السيّاح.

وورد عن تاريخ هذه الظاهرة وانتشارها الشرح التالي:

العصور الكلاسيكيّة القديمة: يستند الإيمان بالعين الحسودة خلال العصور القديمة على الأدلّة من المصادر الأثريّة مثل: أريستوفان  و أثينايس و بلاترش و هيلودرس. وقد ذكر تفسير بلاترش العلمي أن العين كانت المصدر الرئيسي، إنْ لم تكن الوحيدة، للأشعة المميتة التي تنطلق كالأسهم المسمومة من عين الحاسد. فقد كان هذا التفسير العلمي للعين الحسودة شائعًا في الفترة اليونانية – الرومانية. وقد تعامل مع ظاهرة العين الحسودة كمصدر للتعجُّب وسبب في التشكيك لا يمكن تفسيره. وقد تعدّد الإيمان بالعين الحسودة خلال العصور القديمة في مختلف المناطق، والفترات. فلم يكن حجم الخوف من العين متساويًا في كلّ زوايا الإمبراطوريّة الرومانيّة. كانت هناك مناطق حيث يشعر الناس فيها بخوف أكثر اتجاه خطورة العين. وفي الأيّام الرومانيّة لم يكن الأفراد وحدهم هم من يستطيعون الإصابة بالعين، وإنما القبائل ككلّ، ولا سيّما قبائل بونتوس و سيثيا. وقد كان سحر فالس، الذي يُطلق عليه مسمى فاسينوم باللاتينيّة، والذي يعني “إلقاء السحر”، يستخدم ضد عين الحسود. يَعتقد أن انتشار الإيمان بالعين نحو الشرق كان بسبب إمبراطوريّة الاسكندر الأكبر، الذي نشر هذا الاعتقاد بالإضافة إلى أفكار يونانيّة أخرى عبر إمبراطوريّته.” حول العالم: يُعتبر الإيمان بالعين الحسودة شائعًا بشكل قويّ في الشرق الأوسط وشرق وغرب أفريقيا وأمريكا الوسطى وجنوب آسيا وآسيا الوسطى وأوروبا خاصّة منطقة البحر الأبيض المتوسط؛ كما انتشرت في مناطق أخرى بما فيها شمال أوروبا، وبشكل بارز في منطقة سلتي والأمريكيتيْن، حيث تمّ جلبها من قِبل المستعمرين الأوروبيين والمهاجرين من الشرق الأوسط. وقد أقرّ الدين الإسلامي بأحقّيّة العين والإيمان بها، بناءً على ما قاله محمد – صلى الله عليه وسلم “العين حقّ” …”[صحيح مسلم، كتاب 26، رقم 5427]. كما أن التحصين ضدّ العين عند المسلمين تصرُّف شائع؛ فبدلًا من التعبير بالإعجاب المباشر بطفل جميل مثلًا، من المعتاد قول “ما شاء الله” وهذا يعني “هذه إرادة الله” أو ذكر اسم الله على الشيء أو الشخص الذي تُعبِّر عن إعجابك به. وقد كان هناك إيمان كبير بالعين الحسودة في الديانات القديمة منذ الأزل، وقد كان يتمّ استخدام التعاويذ والطلاسم كوسيلة للحماية من العين آنذاك. وبالرغم من غياب مفهوم اللعنة الحاصلة من خلال التحديق غيابًا إلى حدّ كبير في شرق آسيا ومجتمعات جنوب شرق آسيا، فإن لعنة يوزوق تَستثنى في الفلبين. وحيث أن ذوي العيون الفاتحة في إقليم إيجة والمناطق الأخرى نادرو الوجود نسبيًّا فيُعتقد أن أصحاب العيون الخضراء والزرقاء لديهم القدرة على التسبُّب للآخرين بالعين بقصد أو بدونه. ومن المحتمل ظهور هذا الإيمان لدى مختلف الثقافات غير المعتادة على العين الحسودة كما في أوروبا الشماليّة، حيث تُفرض ضريبة محليّة ضدّ تجاوز المدح أو التحديق في الأطفال. لذلك تُستخدم التمائم ضد عين الحسود في اليونان وتركيا على شكل عين زرقاء. ويعتبر مصطلح “الحسد” عند أولئك الذين لا يؤمنون بالعين حرفيًّا، وذلك يرجع إما بسبب الثقافة التي نشأوا فيها أو لعدم إيمانهم بمثل هذه الأشياء ببساطة، يعني أن تحدّق في الشخص بنظرة غضب واشمئزاز.

مقالات ذات صلة:

الدّين والأخلاق عِمادُ المجتمع

أَيُّ مجتمعٍ بشريّ، أيًّا كانتْ تركيبتُه الدّيموغرافيّة، وأَيّاً كانَ موقعه الجغرافيّ، لا يُمكن أنْ تقومَ له قائمة ويَستحيل بقاؤُه واستمراره

النبي شعيب عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم من مواكب الإشراق التوحيديّة، تنكشف للعقل البشريّ أسرارٌ إيمانيّة تغمر الكون نسمات روحانيّة، تتوشّحُ بالنورِ الإلهيّ،