الموقع قيد التحديث!

الأشعّة الكونيّة

بقلم د. منير عطا الله
عن موسوعة: “العقل البشري وقدرات جسم الإنسان”
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

الأشعّة الكونية (Cosmic Ray) هي مجموعة مركّبة من إشعاعات مختلفة تصل إلى الكرة الأرضيّة من مناطق مختلفة في الفضاء الخارجي. فهناك أشعّة مصدرها الشمس، وهناك أشعّة مصدرها كواكب مجرّتنا درب التبّانة. وقد شغلت هذه الأشعّة عقول العلماء في القرنيْن الأخيريْن ولذلك بُنيت مراصد فلكيّة قويّة لمراقبة الأشعّة الكونيّة وتقصّي مصادرها وتحليل محتوياتها.

 كُتب عن الأشعة الكونية في الموسوعة الحرّة:

“الأشعّة الكونيّة هي عبارة عن جُسيْمات ذات طاقة عالية تأتي من الفضاء وتصطدم بالطبقات العليا للغلاف الجويّ للأرض. 90 % من الأشعّة الكونيّة هي عبارة عن بروتونات، ونحو 9 % منها هي عبارة عن جُسيمات ألفا (أي أنوية ذرات هيليوم) ونحو 1% جُسيمات بيتا (إلكترونات). استخدام مصطلح “أشعة” هو استخدام شائعٌ ولكنه خاطئ، حيث أن الأشعّة الكونيّة هي جسيمات ماديّة تصل بشكل منفرد وليس على شكل أشعّة أو حُزم من الجسيمات.

مصادر هذه الأشعّة عديدة، فمنها مثلا أشعة مصدرها النتوءات التي تبرز من قرص الشمس، وتبلغ سرعتها 200060 كيلومتر في الثانية، ويُطلق عليها الرياح الشمسيّة، وأشعّة مصدرها النجوم، وتكون خاطفة لكنّها قويّة جدًّا وتنشأ من اندماج، وهي الأشعّة الناتجة في السدم، وهناك أشعة كونيّة تأتي من مصادر مجهولة في أقاصي الجزء المنظور من الكون. مسار الأشعّة الكونيّة في الفضاء يتّبع خطوط القوى المغناطيسيّة للشمس والكواكب، وبدراسة أنواع الأشعّة الكونيّة المختلفة يمكن معرفة كيفيّة تكون النجوم ونشوء الكون.

قد تحمل الأشعة الكونية طاقة عالية جدًّا تفوق 1000 جيجا إلكترون فولت (1000 GeV)، وهذا قدر من الطاقة أكبر بكثير مما استطاع العلماء تعجيل الجُسيمات إليه في معجلات الجسيمات حتّى وقت قريب، وقد بدأ مصادم الهدرونات الكبير المبني تحت الأرض باتساع 27 كيلومتر قرب مدينة جينيف، وهو يسرع البروتونات إلى نحو 7000 جيجا إلكترون فولت.

وعندما يصطدم شعاع من أشعة جاما ذو طاقة عظيمة مع ذرة من ذرات الهواء في طبقات الجو العليا، ينشأ عن هذا الاصطدام من تفتت للذّرّة، وتتشتّت منها أجزاء على هيئة جُسيمات مثل الإلكترون والميزون وأشعّة جاما، وكلّ من هؤلاء لا يزال يحمل معه قدرًا كبيراً من الطاقة، فيصطدم هو الآخر بذرّات الهواء وينتج عن ذلك جسيمات سريعة، وأشعة جاما على هيئة سيل أو شلال من تلك الجسيمات، يمكن قياسها على الأرض بالعدّادات المعمليّة”.

وكتب الأستاذ مازن عبد المجيد شفيق في مجلة “القافلة” السعوديّة مقالا ذكر فيه البحوث التاريخيّة لاكتشاف حقيقة هذه الأشعّة قائلا:

“ولحسم الموضوع قام العالِم “فكتور هيس”، “2 يونيو 1883 – 17 ديسمبر 1964م” بتجربة؛ فقد انتظر هيس حدوث كسوف شمسي شبه كُلّي “عندما يكون القمر بين الأرض والشمس فيحجب ضوءها عن الأرض” ليستبعد احتماليّة التأيُّن بسبب أشعّة الشمس، وعند الكسوف وضع هيس جهاز قياس التأيُن في بالون وجعله يرتفع إلى أكثر من خمسة كيلومترات عن سطح الأرض، فوجد أن نسبة التأيّن عند هذا الارتفاع قد ازدادت إلى أربعة أضعاف النسبة الاعتياديّة. افترض هيس أن سبب هذه الزيادة مصدرا إشعاعيًّا خارج الأرض ذا قدرة قويّة جدا على اختراق غلافنا الجوي؛ وبعدها أجريت تجارب أخرى عند ضعف هذا الارتفاع فأكّدت نظرية هيس.

هذا الاكتشاف أهّل هيس لاستلام جائزة نوبل للفيزياء في سنة 1936م. وفي سنة 1925م وضع عالم الفيزياء الأمريكي “روبرت مليكان”، “22 مارس 1968 – 19 ديسمبر1953م” مصطلح الأشعّة الكونيّة، بعد أن ثبت أن مصدرها خارج الأرض. وقال: إنها عبارة عن فوتونات وإلكترونات ذات طاقة عالية؛ لكن عالم الفيزياء الأمريكي “آرثر كومبتون”، “10 سبتمبر 1892 – 15 مارس 1962م”، أثبت فيما بعد أن الأشعّة الكونيّة هي عبارة عن جُسيمات نوويّة ذات شحنة. وأثبتت التجارب والبحوث أن الأشعّة الكونيّة الأوليّة تتكوّن غالبًا من بروتونات وجسيمات «ألفا» ومقدار صغير من بعض النوى الأثقل، أمّا الأشعّة الثانويّة فهي عبارة عن مجموعة من الإلكترونات، والفوتونات، والميونات، وتوالت التجارب في النصف الأول من القرن العشرين، فبيّنت أن الأشعّة الكونيّة الأوليّة ذات طاقة عالية، تخترق الغلاف الجوي فتتفاعل مع نوى عناصر الهواء، فتحدث ما يدعى بشلال الجسيمات المنهمرة، وهذه بدورها تتفاعل لتنتج زخات كثيفة من الأشعة الثانوية تهطل على سطح الأرض. وفي سنة 2007م كشف المزيد من أسرار الأشعّة الكونيّة، فعرفت بعض المصادر المولِّدة للأشعّة الكونيّة وكشفت عن حوالي سبعة وعشرين مصدرًا ذي طاقات عالية، واتّضح أنها وثيقة الصلة بما يعرف بـ “نوى المجرّات الفعّالة”، وهي المواقع النشطة لمراكز المجرّات التي تحتوي على ثقب أسود ذي كتلة وحجم هائلين، إذ يُعتقد بأن المجال المغناطيسي الهائل المحيط بالثقوب السوداء العملاقة في مراكز نوى المجرّات الفعّالة يقوم بتسريع وقذف البروتونات إلى أصقاع الفضاء بطاقات تبلغ أو تزيد على “1020 إلكترون فولط”. v

مقالات ذات صلة: